لا حديث في تونس هذه الأيام إلا عن الفتاة التي قررت الزواج من شاب يعيش خلف القضبان ومحكوم ب28 سنة سجنا، القصة بدت للجميع غريبة خاصة وأن المدة السجنية طويلة جدا حيث تساءل الجميع لماذا أقدمت هذه الفتاة على الزواج بهذه الطريقة وهل ستكون قادرة على انتظار زوجها كامل المدة المحكوم بها وغيرها من الأسئلة التي راودت الجميع والتي طرحنا بعضها على الفتاة المعنية لتجيب عنها في هذا الحوار الحصري: لو يتعرف عليك القراء؟ أنا فتاة تونسية اسمي (ع.ط) أقطن في الضاحية الشمالية للعاصمة وبالتحديد (المرسى) أعيش وسط عائلة محافظة متكونة من أولاد وبنات وأم على قيد الحياة ووالد متوفى، متحصلة على شهادة الباكالوريا شعبة الاقتصاد والتصرف ولم تمهلني الظروف العائلية إتمام دراستي فخرجت للعمل بعد أن تحصلت على وظيفة كقابضة بإحدى المغازات التجارية الكبرى لكن هذه المهنة تركتها وأنا الآن عاطلة عن العمل علما وأنني متحصلة على شهادة في التسويق.. مايريد أن يفهمه الجميع تقريبا هو مالذي يدفع بفتاة راشدة وعاقلة مثلك للزواج من رجل يعيش خلف القضبان؟ أولا شيء دفعني لهذا الزواج هو عامل الحب فأنا أفضل أن أتزوج برجل يعيش خلف القضبان ويحبني أفضل من أن أتزوج برجل حرّ وينافقني، أنا لما تعرفت على زوجي لم يكن يعيش خلف القضبان كان شابا متخلقا ومهذبا وطموحا كان يعيش مثل سائر خلق الله ويتمتع بحريته الكاملة لكن الظروف العائلية والاجتماعية القاسية وسوء الحظ كانت وراء دخوله للسجن، أنا من خلال هذا الزواج أردت أن أجد الشرعية الكاملة كزوجة للوقوف إلى جانب هذا الشاب في محنته لأنني أعرف قضيته كاملة ومدة العقوبة التي سلطت عليه كانت ظلما. كيف تعرفت عليه أولا ومتى؟ أنا أعرف "نادر" منذ سنة 2003 رأيت فيه ملامح فتى أحلامي حيث تعلقت به وأحببته مثلما أحبني وكنا نحلم ببناء عش الزوجية كسائر الناس غير أن الظروف القاسية حرمتنا من بعضنا فقررت أن أتزوج به حتى وهو داخل السجن. لو تعرفنا على زوجك من يكون؟ زوجي اسمه نادر الملوح عاش يتيم الأب والأم في ضاحية الكرم وجد نفسه مسؤولا عن عائلة تتكون من ولدين وبنت بعد أن فارق والداه الحياة وهو الآن يبلغ من العمر (37سنة) كان يعمل صانع حلاق في مدينة الكرم ولأنه لم يقو على فتح محل بمفرده حيث كان دخله المادي ضعيفا قرر الهجرة إلى القطر الليبي الشقيق وعمل هناك مدة زمنية قصيرة ولم تسعفه الظروف كثيرا فعاد إلى أرض الوطن أين تم إلقاء القبض عليه بتهمة استهلاك وترويج المخدرات. ..قلت أنه مظلوم؟ نعم "نادر" مظلوم والحكم كان قاسيا جدا فقد تم تحميله مسؤولية جميع ملفات محاضر التفتيش في الفرقة العدلية بالمرسى أثناء البحث عندما تم إلقاء القبض عليه سنة 2008 فتحول إلى المحكمة متهما في ست قضايا تتعلق بترويج المخدرات علما وأنه لما وقع إيقافه لم يكن لديه محجوز ولا أرزاق ولا أموال بالبنك تصور أنه حوكم بأربعة أعوام من أجل الاستهلاك في حين أن آخرين يحكم عليهم بعام فقط كما حرمته المحكمة من حق الضم لذلك كانت العقوبة قاسية ب28 عاما. أفراد عائلتك هل كانوا موافقين على هذا الزواج؟ ليسوا جميعا لقد حاولت إقناع الرافضين منهم دون جدوى كذبت على بعض أقاربي وقلت إن زوجي يعيش خارج أرض الوطن لست "مستعارة" لكن الناس لا ترحم وأنا اتخذت قراري دون رجعة.. شقيقي كان مستعدا ليكون شاهدا على عقد قراني لكنه في النهاية رفض خوفا من الأضواء التي سلطت على الزواج.. كنت منتظرة أن يتم عقد القران في مكتب مغلق لكن إدارة السجن مشكورة قامت بمراسم الزواج كاملة وأنا سعيدة وفرحانة أشكر المسؤولين في سجن بنزرت وعلى نقابة السجون التي ساعدتني لتحقيق هذا الهدف وأتمنى أن يتحقق أملي ويغادر زوجي السجن ونعيش حياة مثل سائر الناس.. أطالب الجميع بمراعاة ظروفنا والنظر إلينا بعين الرحمة.