عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمة لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية. ولد بمكة وحنكه النبي صلى الله عليه وسلم بريقه قبل الهجرة بثلاث سنين لازم النبي صلى الله عليه وسلم منذ الصغر لقرابته منه ولان خالته ميمونة كانت من ازواج الرسول عليه الصلاة والسلام وتوفي الرسول عليه الصلاة والسلام ولابن عباس من العمر ثلاث عشرة سنة وقيل خمس عشرة، لازم كبار الصحابة اخذ عنهم ما فاته من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام. توفي سنة ثمان وستين على الأرجح وعمره سبعون سنة. مات بالطائف ودفن بها وضعه في قبره محمد بن الحنيفية وقال بعد ان سوى عليه التراب «مات والله اليوم حبر هذه الامة» كان يلقب بالحبر والبحر لكثرة علمه، وعلى درجة عالية من الاجتهاد والمعرفة بمعاني كتاب الله، فانتهت اليه الرئاسة في الفتوى والتفسير كان عمر يجلسه مع كبار الصحابة، يعتبره فقيها في كتاب الله وقال «ذاكم فتى الكهول ان له لسانا مسؤولا، وقلبا عقولا، كان عمر يعتد برأي ابن عباس مع حداثة سنه ويأخذ برأيه في معضلات القضايا، وما كان يدعو لذلك احد سواه روى البخاري عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه وقال: لم يدخل هذا معنا وان لنا أبناء مثله؟ فقال عمر: انه من اعلمكم، فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت انه دعاني يومئذ الا ليريهم فقال: «ما تقولون في قوله تعالى «اذا جاء نصر الله والفتح..»؟ فقال بعضهم امرنا ان نحمد الله ونستغفره اذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم ولم يقل شيئا، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: «لا، فقال:» ما تقول» قلت «هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلمه الله له» قال: «اذا جاء نصر الله والفتح» فذلك علامة اجلك «فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا» فقال عمر: لا أعلم منها الا ما تقول» وهذا يدل على قوة فهمه، وجودة فكره، قال ابن مسعود «نعم ترجمان القرآن ابن عباس» وقال فيه عطاء «ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس، أصحاب الفقه عنده، واصحاب القرآن عنده، واصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واسع» وقال عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة» كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج اليه من رأيه وحلم، ونسب، وتأويل، وما رأيت احدا كان اعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا بقضاء ابي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أثقب رأيا فيما احتيج اليه منه، ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه الا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما ايام العرب، ولا رأيت عالما قط جلس اليه الا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله الا وجد عنده علما» وغير هؤلاء فلا بن عباس حياة علمية حافلة، قال ابن عمر» ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد» نشأ في بيت النبوة، ولازم اكابر الصحابة، وحفظ اللغة العربية وبلغ مرتبة الاجتهاد، كان دقيقا في تفسير القرآن، اتهمه «جولد زيهر» بتوسعه في الاخذ عن اهل الكتاب مخالفا ما ورد من النهي عن ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم» وتوسع الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه «التفسير والمفسرون» في هذه المواضيع التي ذكرتها وانظر ايضا فجر الاسلام لاحمد امين حول هذا الرأي، ويعتبر المؤلف للتفسير والمفسرين ان هذا غلو في الرأي وبعيد عن الصواب، وأطال الحديث في الموضوع، وفي خصوص رجوع ابن عباس الى الشعر القديم في فهم معاني الالفاظ الغريبة التي وردت في القرآن كان غيره يسلك هذا المسلك وحصل نقاش حول الروايات المروية عن ابن عباس (انظر نفس المرجع) ووقع تفنيد الطعن الذي قدمه «جولد زيهر» في كتابه «المذاهب الاسلامية في تفسير القرآن، ونسب تفسير لابن عباس جمعه محمد بن يعقوب الفيروز ابادي الشافعي صاحب القاموس المحيط، ويبدو كما قيل ان السر في كثرة الوضع على ابن عباس، هو انه كان من بيت النبوة والوضع عليه يكسب الموضوع ثقة وقوة اكثر مما لو وضع على غيره، اضف الى ذلك ان ابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون، وكان من الناس من يتزلف اليهم ويتقرب منهم بما يرويه لهم عن جدهم والملاحظ ان السيوطي في كتابه الاتقان ذكر من اشتهر بالتفسير من الصحابة، وهم الخلفاء الاربعة، وابن مسعود وابن عباس، وابن أبي كعب، وزيد بن ثابت، وابو موسى الاشعري وعبد الله بن الزبير، وهناك من تكلم في التفسير من الصحابة غير هؤلاء كأنس بن مالك، وابي هريرة، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر وبن العاص، وعائشة غير ان ما نقل عنهم في التفسير قليل جدا ولكن كثرت الرواية في التفسير عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وابي بن كعب، لحاجة الناس اليهم، وكان عبد الله بن عباس اول من كثرت عنه الروايات ثم عبد الله بن مسعود، ثم علي بن أبي طالب، ثم ابي بن كعب