ساعات قليلة وينتهي شهر رمضان ويهل علينا عيد الفطر الذي سنحتفل به في ظل أجواء مشحونة مليئة بالاعتصامات والاحتجاجات في ظل عدم استقرار امني وسياسي. الكل سيحتفل على طريقته لكن يبقى في النهاية عيد الفطر الحدث البارز الذي سيلتف حوله الجميع دون اختلاف رغم الانقسامات التي يشهدها الشارع التونسي ومشاهد العنف والدماء التي جدت في البلاد على اثر الاغتيالات والتي لم يعهدها التونسي من قبل. "الصباح" رصدت آراء بعض المواطنين واستعداداتهم لعيد الفطر فكان إجماع على شعورهم بالقلق والخوف في ظل انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي، فلم يعد التذمر من ارتفاع الأسعار والذي كان الشغل الشاغل للمواطن التونسي بالأهمية التي اصبح ينادي بها لتوفير أمنه والحفاظ على حياته وحياة أبنائه وعائلته. يقول رضا أصيل باب الخضراء ان انعدام الأمن والأمان اليوم وانتشار الجريمة في وضح النهار وأمام الجميع أصبح أمرا مقلقا بالنسبة له وزاد من خوفه على عائلته فهو لا يطمئن الا حين عودة ابنائه الى المنزل، كما انه يمنعهم من الخروج ليلا خوفا من أي طارئ حسب تعبيره. وأضاف ان الاغتيالات والألغام التي نسمع بها يوميا في جبل الشعانبي تجعله ينطق الشهادتين يوميا قبل صعوده الى المترو الخفيف. واشار الى الانقسامات الموجودة في الشعب التونسي بين مسلم وكافر قائلا "انا مسلم واقوم بفرائضي الدينية وما يحصل اليوم لا يمت للاسلام بصلة فالاسلام بريء من هؤلاء المجرمين" وطالب المسؤولين ببذل مجهود اكبر لحماية المواطنين والبلاد وعدم الانشغال فقط بالتناحر على الكراسي. كذلك لم يخف استياءه ايضا من ارتفاع الأسعار التي تسببت في عجز التونسي وانهيار مقدرته الشرائية وعدم تمكنه من سدّ الحاجة او حتى الوصول لاشتراء ملازم العيد للاطفال الصغار. وعبر عامر بن عبد الله (موظف) ان لا طعم هذه السنة للعيد في ظل المشاكل الاقتصادية والسياسية والتفجيرات واغتيالات جنود وسياسيين لم نعهدها من قبل وقال "التونسي تعوّد على الاحتفال بعيد الفطر وخروجه اليوم هو فقط حسب العادة لا غير ولادخال الفرحة على قلوب اطفالنا الذين لا ذنب لهم". وأكد عامر ان الشعور بالخوف موجود لدى كل التونسيين فالمشاعر واحدة خاصة الشعور بغياب الأمان الذي بات هو الطاغي. و اشار الى غلاء الاسعار وقال ان الموظف اصبح مستاء من الغلاء فما بالك "بالزوالي" الذي لا جاه له لمواجهة هذا الغلاء خاصة في شهر رمضان. كذلك لاحظت سلوى (موظفة) انه لا وجود لاحتفالات هذه السنة فليس هناك طعم للفرحة التي عهدناها كل سنة، فالعيد هذه السنة "صوري" كما عبرت عنه، خاصة "مع حجم الاغتيالات والانفجارات التي نسمع عنها يوميا". وأضافت: "تعوّدت في مثل هذه الفترة أن آخذ أطفالي الى العاصمة لاقتناء ملابس العيد، ولكني لم أقتن شيئا فمن جهة الإمكانيات المادية متدهورة وليس لديّ مال كاف لإرضائهم ومن جهة أخرى الظروف الأمنية مضطربة والسرقات في كل مكان". من جهة اخرى قال محمد فخري القصوري ان تكالب السياسيين على الكرسي سيؤثر سلبا على الامن والاقتصاد وسيؤدي الى انهياره وقال "المرحلة تستوجب الوعي بمصالح البلاد وضرورة اتحاد كل التونسيين للنهوض ببلادهم قبل فوات الاوان". واضاف ان الشعور الغالب على التونسيين اليوم ليس الخوف بقدر ما هو الشعور بالألم لما آلت اليه البلاد وانقسامهم بعد ان كانوا يدا واحدة وهو امر يمكن ان يدفعنا الى المجهول والى أسوإ السيناريوهات ومن شانها ان تؤثر ايضا على نفسية التونسيين والحط من معنوياتهم. من جهة اخرى عبر رفيق (موظف) ان الاستعدادات لعيد الفطر تحظى باهتمام من قبل اغلب العائلات حسب قوله وقال ان جيرانه وعائلته تحضر كالعادة للاحتفال بعيد الفطر من خلال التوجه الى الاسواق وشراء مستلزمات العيد والحلويات وشراء ملابس الاطفال وقال ان المأخذ الوحيد يكمن في انعدام الامن وهو ما سيجعله هذه السنة يفكر في قضاء العيد في منزله عوض القيم بالتزاور بين العائلة كما اعتاد في السابق. كذلك تساءل منير حمدوني عن سبب عدم الاحتفال هذه السنة بعيد الفطر قائلا "ما ذنب الاطفال ولماذا لا يحتفلون هذه السنة بالعيد؟" واضاف ان الالم الذي نشعر به لا يجعلنا نجبر اطفالنا على عدم الاحتفال او شراء ملابس العيد. والمشكل اساسا -حسب قوله- يكمن في انعدام الامن لذلك اكد الى ضرورة الدعاء من اجل عودة الاستقرار الامني والسياسي للبلاد. السيدة سعدية مواطنة مصرية تعيش في تونس ومتزوجة من تونسي شبهت الوضع في تونس بالاوضاع التي مرت بها مصر وقالت "الاوضاع في تونس زي مصر بالضبط" كما دعت الى ضرورة الاستقرار الامني خاصة لان هذا ما يطلبه المواطن اساسا. وبالرغم من ان هاجس ارتفاع الاسعار الذي كان طاغيا في العيد الا ان الامنيات اقتصرت من قبل المواطنين على تحقيق الاستقرار الامني والسياسي للبلاد.