مازالت البلاد تتخبط في الازمة السياسية التي اثرت في الوضع الاقتصادي، بالرغم من التطمينات التي قدمتها الحكومة المؤقتة في كل مرة لانعاش المؤسسات الاقتصادية التي اشرفت على الافلاس لاسيما بعدما خفضت امس وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيفات الائتمانية تصنيفها لديون تونس السيادية الطويلة الاجل بالعملة المحلية والاجنبية الى درجتين من (BB-) الى (B)، مشيرة الى ان النظرة المستقبلية ما زالت سلبية كما أبقت الوكالة ايضا على تصنيفها للدين السيادي القصير الاجل بلا تغيير عند (B) مع نظرة مستقبلية سلبية. وقالت الوكالة ان "خفض التصنيف يعكس زيادة في الشكوك السياسية مع تعرض شرعية المؤسسات الانتقالية للتشكيك بشكل متزايد في اعقاب اعمال عنف سياسي جديدة" واضافت انها ترى "احتمالا بنسبة 1 إلى 3 على الاقل لخفض للتصنيفات خلال الاثني عشر شهرا القادمة إذا عرقل عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي اقامة مؤسسات شرعية ومستقرة أو إذا أدت نتائج الانتخابات الى سياسة غير واضحة المعالم او إذا تراجع الدعم المالي الدولي الذي تحتاجه البلاد بشدة" واشار الخبير في المخاطر المالية مراد الحطاب في تصريح لاحدى الاذاعات الخاصة امس على خلفية التخفيض الجديد للتصنيف الانتمائي لتونس " أنّ تونس تقف على درجتين من الإفلاس .."، مضيفا ان "هذا التخفيض يعود إلى عدم الاستقرار السياسي إلى جانب عدم استقرار العناصر الأساسيّة للاقتصاد الوطني وهي التصدير والسياحة التي سجّلت انخفاضا ب 20 %" على حدّ قوله. كما بين في نفس السياق "أنّ الدولة التونسيّة يمكن أن تجد نفسها حسب هذه التقديرات غير قادرة على مساندة القطاع المالي في ظلّ انخرام تامّ للتوازنات العامّة للماليّة العموميّة". ويعتبر هذا التخفيض الذي اعلنت عليه "ستاندرد اند بورز" منتظرا ومتوقعا لاسيما بعد الاحداث المريبة التي عرفتها البلاد انطلاقا من عملية استشهاد الشهيد محمد البراهمي وصولا الى العمليات الارهابية المتتالية واحداث الشعانبي ومازالت مؤسسات عالمية اخرى تعنى بالقياس الائتماني على غرار شركة "موديس" العالمية لم تنشر بعد تصنيف تونس بعد الاحداث الاخيرة. داخليا، كانت منظمة الاعراف الاولى في البلاد قد نبهت الى خطورة الوضع الاقتصادي في تونس في العديد من المناسبات، اخرها تصريح وداد بوشماوي رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في مطلع الشهر الجاري، مفاده ان تونس تعيش وضعا اقتصاديا كارثيا و"لابد من دق ناقوس الخطر، وإطلاق صيحة فزع إلى جميع الأطراف السياسية في البلاد." على حد قولها . كما نبهت هياكل وجمعيات مدنية اخرى بخطورة الوضع الاقتصادي وتازمه على غرار عدد من الاخصائين في الاقتصاد ورؤساء لهياكل ومنظمات منخرطة في المنظومة الاقتصادية في البلاد وتزامنا مع التخفيض الجديد للتصنيف الانتمائي لتونس سجلت قيمة الدينار التونسي امس نزولا حادا مقارنة بالعملات الأجنبية، فبعد أن سجلت قيمته يوم 26 جويلية المنقضي معدلات انخفاض قياسية عرفها لأول مرة في التاريخ إثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي والتي قدرت ب2.190 مليما مقابل اليورو و1.650 مليما مقارنة بالدولار الأمريكي، تراجعت القيمة من جديد وتجاوزت هذه الأرقام لتسجل قيمة الدينار حاليا 2.213 مليما مقارنة مع اليورو و1.658 مليما مقارنة بالدولار الأمريكي، وقد ارتبط تواصل تراجع الدينار بشكل ملحوظ بالاحداث الاخيرة التي جدت في البلاد وفي انتظار مؤشرات وتصنيفات جديدة سوف تنشرها مؤسسات القياس الاقتصادية العالمية في الايام القليلة القادمة لا يزال الوضع الاقتصادي صعبا ويتطلب تدخلا عاجلا لتلافي الانزلاق في دائرة الافلاس