إسرائيل غاضبة... متوعّدة ومقرّة العزم على رفض منح تأشيرة للمبعوث الجديد لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي سيتولى مهمّة التحقيق في ممارسات الإحتلال بالأراضي الفلسطينية المحتلة. مصدر الغضب والتوعّد هو أنّ رجل القانون اليهودي الأمريكي ريتشارد فولك الذي سيتولّى مهام المقرّر الخاص الأممي في جوان القادم لمتابعة التحقيق في جرائم الإحتلال قارن منذ سنة ممارسات الإحتلال الصهيوني بالأعمال الوحشية لألمانيا النازية مضيفا القول أنّ إسرائيل مسؤولة عن الإعداد لمحرقة في غزّة. مصدر رفض التأشيرة كذلك هو أنّ هذا المسؤول الأممي رفض تباعا سحب أقواله هذه وتعديل مواقفه تجاه سلطة الإحتلال حيث أنّه رغم الإحتجاجات الإسرائيلية العنيفة فإنّ فولك لا يزال يصرّ على تعليقاته بل يعتقد أنه «لو كانت الظروف التي يجبر أهل قطاع غزّة على العيش فيها حدثت بإقليم التبت بالصين أو في دارفور بالسودان لما كانت هناك معارضة لمقارنة ذلك بالمحرقة». لقد سعى الكيان الصهيوني منذ نشأته على تكميم أفواه وخنق أصوات مئات الخبراء الأمميين والمندوبين السامين الذي عبّروا بشكل واضح وجلي عن رفضهم لممارسات الإحتلال الوحشية في حق الشعب الفلسطيني وسياسة الإغتيالات والتجويع والتركيع التي تمارسها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضدّه. وقد لجأت أدوات هذا الكيان في أكثر من مرّة إلى اقتراف أعمال قذرة ضدّ أصحاب مثل هذه الأصوات الصادقة لكتمها كما سعت إلى شراء ذمم عشرات آخرين باعوا ضمائرهم مقابل إغراءات طائلة، حتى تواصل مصادرتها لحياة الأبرياء دون رقابة أو كلمة حقّ ترفع الغطاء عن انتهاكاتها الصارخة. إنّ إسرائيل التي تحتل أرضا وتغتصب حرّية شعب تعتبر أنّ أشكال المقاومة الفلسطينية من مواجهة قوات الإحتلال بالحجارة إلى إطلاق الصواريخ ضدّها «إنتهاكا لحقوق الإنسان» وبالتالي يستوجب الأمر «التنديد» بما يقترفه رجال المقاومة الفلسطينية من أعمال تتنافى في نظر هذا الكيان مع الحقوق المدنية الكونية. وهذه المعادلة المسطّحة تفترض أن يستقبل الشعب الفلسطيني في القطاع والضفّة قوات الإحتلال بالزهور بدل مقاومة كل أشكال الإحتلال ولو بالحجارة لرفع الضيم والقهر. إنّ إسرائيل التي أنشئت ككيان هجين نتيجة مغالطة تاريخية وتزوير لحقائق الجغرافيا لم ولن تتوانى عن لجم أفواه الخيّرين ومحبّي السّلام في هذا العالم كلّما ارتفعت أصواتهم هنا وهناك لتعرية سياستها الإستيطانية وجرائم الحرب التي تقترفها ضدّ شعب أعزل هدفه الوحيد هو العيش مثل غيره من الشعوب في أمان يمتلك سيادته على أرضه المحرّرة.