جاءت الوثيقة التي كشفت عنها لجنة كشف الحقيقة في قضية اغتيال البراهمي و بلعيد والتي تثبت علم وزارة الداخلية المسبق بعملية اغتيال محمد البراهمي،.. لتخلط الأوراق بخصوص سير المفاوضات بين الفرقاء السياسيين.. فقد شدد زياد الأخضر أمين عام حزب الديمقراطيين الوطنيين في تصريح ل"الصباح" على مقاطعة الحكومة خاصة بعد ظهور الوثيقة الأمنية، وقال :" لا تفاوض بعد اليوم مع الحكومة ولا مع "الترويكا" التي تتمسك بها، بعد ثبوت تورطها في اغتيال محمد البراهمي.." مشيرا إلى أن "استقالتها باتت أمرا ملحا وغير قابل للتأجيل.." وكان الناطق الرسمي للجبهة الشعبية حمة الهمامي قد أعلن أن الوثيقة المذكورة "لا تدع مجالا للشك بتواطؤ الحكومة الحالية وتورطها بشكل مباشر في اغتيال البراهمي، وهو ما يجعل رحيلها شرطا أساسيا لتواصل المشاورات، إذ لا يمكن أن تتمسك "الترويكا" ببقاء هذه الحكومة تحت أي سبب كان، إلا إذا كان هناك تنسيق بينهما بخصوص عملية اغتيال البراهمي"..حسب تعبيره. جبهة الانقاذ تدين كما جاء موقف جبهة الإنقاذ ليصب في نفس الإتجاه، حيث أدانت ما وصفته بتواطؤ الحكومة في جريمة اغتيال محمد البراهمي بما ثبت من حيازتها لمعلومات تقتضي اتخاذ إجراءات كان من شأنها منع الاغتيال، مطالبة في نفس السياق بفتح تحقيق قضائي ومحاسبة كل من يثبت تورطه داعية كل التّشكيلات السّياسيّة والجمعيات المدنيّة والمنظمات الوطنيّة وفي مقدّمتها الأطراف الرّاعية للحوار إلى أن تتحمّل مسؤوليتها الوطنيّة في إتّخاذ المواقف الضّروريّة بخصوص هذا الأمر. مبادرة الرئاسة مرفوضة في سياق آخر وبالتوازي مع الجهود التي تبذلها الأطراف الراعية لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، في إطار مبادرة إتحاد الشغل، تحاول مؤسسة الرئاسة الإضطلاع بدور محوري في إذابة الجليد وتقليص حجم الهوة الذي يبدو أنه اتسع بعد الكشف عن الوثيقة التي تثبت علم الداخلية المسبق باستهداف البراهمي.. وفي هذا السياق كان لرئيس الجمهورية المنصف المرزوقي لقاء بعدد من النواب المنسحبين من أجل إقناعهم بالعودة إلى ممارسة مهامهم في المجلس التأسيسي، غير أن مساعيه لم تكن مجدية حيث أكد النائب هشام حسني أن ما تقدم به المرزوقي لا يلبي تطلعات المعارضة ولا يتماشى مع متطلبات المرحلة السياسية الراهنة و الذي تشهد فيه البلاد أزمة سياسية و اقتصادية خانقة.. كما أبلغ حسني رئيس الجمهورية رفض النواب العودة إلى مقاعد المجلس قبل استقالة الحكومة الحالية خاصة بعد ثبوت تورطها في اغتيال محمد البراهمي..مشيرا إلى أن المدة المقترحة من قبل "الترويكا" لإتمام المهام التأسيسية تبدو غير واقعية و لا تراعي الواقع السياسي والإقتصادي المأزوم.. كما كان للمرزوقي لقاء برئيس حزب المبادرة كمال مرجان، الذي أبلغ الرئيس بتمسك حزبه بالعمل على حل الأزمة الراهنة وفق مبادرة الإتحاد التونسي للشغل ويبدو من خلال تصريحات هشام حسني، وموقف حزب المبادرة، أن جهود المرزوقي لم تفلح في رأب الصدع بين الفرقاء السياسيين نظرا لتمسكها بمواصلة الحكومة لعملها إلى حدود 23 أكتوبر، وهو ما اعتبرته المعارضة تصعيدا سيواجه بمواصلة رفض كل ما يصدر عن "الترويكا" بعيدا عن مبادرة إتحاد الشغل. وتواصل المنظمة الشغيلة مساعيها في سبيل الخروج من المأزق، وفي هذا الإطار انعقدت أمس الهيئة الإدارية لإتحاد الشغل..حيث أشار الأمين العام حسين العباسي الى انه "لا يمكن القبول باستمرار الحكومة في ممارسة مهامها في ظل الأزمة الخانقة"، مشيرا إلى أن الوضع لا يسمح بذلك وبقدر تواصل الإبقاء على هذه الحكومة بقدر استفحال الأزمة و تشعبها.. كما أعلن العباسي أن الأطراف الراعية ستضع خارطة طريق نهائية تحدد سقفا زمنيا لإنهاء عمل الحكومة لا يتجاوز أسبوعين على أقصى تقدير مع المحافظة على المجلس التأسيسي و ضبط مهامه بآجال محددة. يبدو أن ما قيل عن تورط "الداخلية" في اغتيال البراهمي سيكون فيصلا في سير المشاورات و قلب المعطيات وسيلعب لصالح المعارضة على حساب "الترويكا"..