بالرغم من حملات المناصرة والحشد والضغط من مختلف مكونات المجتمع المدني وعدد من الحقوقيين في الآونة الأخيرة لإدراج مسار العدالة الانتقالية ضمن أولويات المرحلة الحالية والقادمة واعتبارها من النقاط الرئيسية في نقاشات الأطراف الراعية للحوار ، فإن نص مبادرة المنظمات الرباعية الأخير لتسوية الأزمة السياسية لم يأخذ بعين الاعتبار أهمية العمل على إطلاق هذا المسار وحث المجلس الوطني التأسيسي على المصادقة على المشروع القانون الأساسي المنظم له في أقرب الآجال الممكنة فقد جاء في نص المبادرة الصادر بتاريخ 17 سبتمبر الجاري وفي النقطة الأولى منه المتعلقة باستكمال أعمال التأسيسي بأن يستأنف أشغاله وينهي المهام التالية في أجل لا يتجاوز أربعة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني وهي: إنهاء اختيار أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتركيزها في أجل أسبوع واحد، إلى جانب إنهاء إعداد وإصدار القانون الانتخابي في أجل أسبوعين وتحديد المواعيد الانتخابية في أجل أسبوعين من إنهاء تركيز هيئة الانتخابات وبطبيعة الحال المصادقة على الدستور في أجل أقصاه أربعة أسابيع بالاستعانة بلجنة خبراء تتولى دعم وتسريع أعمال إنهائه في الأجل المشار إليه وبالتالي واستنادا إلى ذلك فإن "العدالة الانتقالية أضحت في خطر" على حد قول المناصرين لها من ممثلي المجتمع المدني"لينعدم الأمل" في كشف الحقيقة والمحاسبة وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات ليتساءلوا عن المغزى من وراء تجاهل هذا المسار وإلى أي مدى زمني سيقع تأجيله بالرغم من استكمال مناقشة مشروع القانون وجاهزيته وإحالة تقرير أشغال لجنة التشريع العام وما توصلت إليه إلى مكتب رئاسة المجلس هذا التوجه من قبل المنظمات الراعية للحوار إلى جانب الترويكا وبقية الأطراف السياسية والحزبية الأخرى كان محور نقاش بندوة تدريبية نظمها أول أمس بنابل كل من المركز الدولي للعدالة الانتقالية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان حول "النوع الاجتماعي والعدالة الانتقالية" أثثتها السيدة كيلي موديل مديرة برنامج العدالة الانتقالية والنوع الاجتماعي، فجمع الحضور بين ممثلين عن جمعيات ومنظمات وبين ضحايا الاستبداد وسجناء سياسيين الذين لم يخفوا البتة استياءهم من مواصلة تغييب هذا المسار وغياب الإرادة السياسية الحقيقية لتثبيته على أرض الواقع أهمية الموضوع المتناول بالدورة التدريبية استأثر باهتمام المشاركين لكن الوضع الحالي للبلاد قزم هذه الأهمية فضرورة إدراج مقاربة النوع الاجتماعي بهذا المسار من النقاط الأساسية والرئيسية لضمان نجاحه إن "انطلق من أساسه"، على حد قول المتدربين غير أنه من المهم الإشارة أنه ورغم حالة اليأس التي خيمت على ملامح المشاركين خاصة منهم النساء السجينات فقد كان الحوار والنقاش ثريا بعد أن بسطت كيلي موديل مديرة برنامج العدالة الانتقالية والنوع الاجتماعي هذه المقاربة فالنوع الاجتماعي هو مفهوم أكاديمي، كما أكدت موديل، "ولا يحيلنا على الفوارق البيولوجية بين المرأة والرجل ولكن يحيلنا على الأدوار المختلفة التي يضطلع بها كلا الطرفين في المجتمع، وهذه الدوار المختلفة تنعكس على الآليات والموارد التي سيوفرها كليهما داخل المجتمع" ولاحظت أن تأثير الانتهاكات يختلف بين المرأة والرجل فيأخذ بالتالي برنامج جبر الضرر هذه الفوارق بعين الاعتبار كما أنه من الضروري أن يقع إدراج مقاربة النوع الاجتماعي بأعمال لجان وهيئات الحقيقة وبينت مديرة برنامج العدالة الانتقالية والنوع الاجتماعي أنه "تاريخيا أغلب لجان الحقيقة غيبت خصوصية المرأة وركزت على الانتهاكات في مجملها ولم تراع تلك الخصوصيات وهوما لا يجب أن تسقط فيه التجربة التونسية"