الغنوشي لم أعد أعرف كيف أقيمه .. العريض ابتلعته «ماكينة» الداخلية..المرزوقي شخصية حادة الذكاء حمة الهمامي وزياد الأخضر اقتنيا اشتراكات مفتوحة في كل وسائل الإعلام تونس تتحول من «دكتاتورية البوليس» إلى «دكتاتورية الإعلام» مرت سنة اليوم على ذلك الحوار المثير للجدل والذي أدلى به الدكتور نجيب القروي القيادي السابق بحركة النهضة و صديق حمادي الجبالي وطبيبه الخاص سابقا.. في ذلك الحوار لم يجامل نجيب القروي القيادات لحركة النهضة ولحكومة صديقه الجبالي بل وجّه لها نقدا لاذعا أحرجها وزاد من ارباك الحكومة عندما أكّد أن الأسماء الموجودة أنذاك أسماء لا ترتقي حقيقة لحكومة شرعية انتخبها الشعب.. لكن هل تغيّرت الأوضاع السياسية بعد سنة من وجهة نظر الدكتور نجيب القروي ،الرجل العالم بالكواليس وخفايا المطابخ السياسية..والذي لم يتوانى عند التعليق على ما انتهت عليه المفاوضات عن القول ان الرباعي الراعي على الحوار «ذئاب متنكرة في ثوب الراعي وان التطورات الاخيرة اسقطت الاقنعة عن الجميع» ..هذا وغيره سنكتشفه في الحوار الذي أدلى به ل«الصباح الأسبوعي» وأماط فيه اللثام عن عدة حقائق.. ٭ يشاع أنك ستخوض غمارالتجربة الحزبية مع صديقك حمادي الجبالي في حزب ينوي تكوينه.. فهل ذلك صحيح؟ - فيما ينوي السيد حمادي الجبالي تكوينه أم لا ، هذا سؤال يطرح عليه هو مباشرة . أمّا بالنسبة لي فلا علم لي بهذا الموضوع ولا نية لي في الانخراط في حزب سياسي موجود أو قد يوجد . ٭ وهل يمكن أن نعرف ما هو نشاطك و أنت تعرّف نفسك كناشط مستقل في المجتمع المدني؟ - أنا أعتبر أن الساحة العامة فد أغرقت في الابتذال و البذاءة و الكذب والافتراءات و الشائعات و هتك الأعراض و تسميم الأجواء و بث الفرقة و حمل المواطنين على كره بعضهم البعض و حتى على العنف والتقاتل. وأنا اليوم أسعى إلى العمل من موقعي المتواضع و مع من يشاطرني الرأي على محاولة لفت الانتباه إلى هذه المسائل و إعادة نصب المعايير المعقولة و العمل على بناء المشترك بين التونسيين و ضبط القواعد المقبولة من الجميع و هو الشرط الوحيد للتعايش. وفي وقت لاحق بإذن الله نعلن على خطوات عملية في هذا الاتجاه . ٭ نداء تونس الحزب الذي يقدّم نفسه كوريث شرعي للحركة الدستورية وللفكر البورقيبي ،أصبح اليوم رقما مهما في المعادلة السياسية وبات البعض يتحدّث عنه كبديل وربما كحليف أيضا..ما تعليقكم على هذا الصعود الصاروخي لنداء تونس؟ - لنكن جدّيّين. لا يمكن أن نعتبر حزب نداء تونس ، بالتنوّع الذي يحتويه، وريثا للحركة الدستورية و للفكر البورقيبي ، بل هو فقط يستعمله كأصل تجاري للإيهام بوجود فكر لهذا الحزب و لاستقطاب الماكينة التجمّعية الدستورية التي تمثّل اليوم عموده الفقري. لنكن واضحين و بدون تعقيدات فإن نداء تونس يرتكز على عمودين اثنين: أوّلهما السيد الباجي قائد السبسي و هو سياسي محنّك وقع التذكير به والتعريف به للشباب عبر الفترة الانتقالية .واتّسمت فترة حكمه في جملتها بانطباع إيجابي و قد قاد البلاد في أمواج عاتية إلى موعد الانتخابات بسلام و تمّت هذه الانتخابات بكل شفافية و يحسب ذلك للرّجل العمود الثاني مرتبط عضويا بحزب حركة النهضة و هو العداء له حيث أنه كلّما أوغلت في الأخطاء و العجز كلّما زاد الاقبال على نداء تونس الذي يرى فيه الكثيرون الحزب الأقوى و الأوفر حظّا لمواجهة النهضة أمّا عن السيد الباجي قائد السبسي فمن الواضح (بالنسبة لي على الأقل) أن هدفه هو تقلّد رئاسة الجمهورية و لو لفترة قصيرة من أجل الدخول في التاريخ كإحدى رؤساء تونس و هو لعمري مشروع بالنسبة لمحترف سياسة يطمح للتّتويج الأسمى و الأعلى الممكن في آخر مطافه ٭ و لكن يبدو أن حركة النهضة سائرة نحو التحالف مع السيد الباجي قائد السبسي و مع الدستوريين لتقاسم الحكم بينهم ؟ - هذا ما يبدو ، جاءته في الأخير مكرهة مرغمة صاغرة لا خيار لها ولا فوائد سوى تجنّب الغرق و الإزاحة عن الحكم . بينما رفضت هذا الخيار وتعنّتت و كابرت في بداية حكمها لمّا نصحت بالاعتماد على الصادقين من رجال الدولة و الإدارة السابقين الذين كان من الممكن أن يعينوها على الحكم و يعلّموها أبجدياته... و لكن الغرور واللهفة و الغباء السياسي منعهم من ذلك لمّا كانوا أقوياء بشرعيتهم يستطيعون الاختيار و الفرز و جني فوائد جمّة (و البلاد خاصة التي يحكمونها) . و لكن هيهات... اعتقدوا أن حكم بلاد كقيادة درّاجة لا تحتاج دراية و لا علما و لا تجربة ، و النتائج أمامنا... ٭ مسلسل الأزمة السياسية المتواصل كيف ترى نهايته؟ وهل تعتقد أن حركة النهضة رغم كل ما يثار حولها استطاعت الصمود وامتصاص صدمات المرحلة؟ - صعب التنبّؤ بنهاية لعبة لم تعد لها قواعد ، و المسكوت عنه فيها أكثر من المصرّح به ما نلاحظه فعلا اليوم أن حركة النهضة صمدت و امتصّت بالفعل صدمات المرحلة إلى الآن ، و لكن مقابل أي ثمن ؟ تنازلات تلو التنازلات و تقهقر تلو الآخر ، و كل ذلك لاتّباعها منهجا خاطئا عند تولّيها الحكم عزلت به نفسها أيما عزلة أوصلتها إلى هذا الوضع . يمكن أن نلخّص هذا المنهج في سلوك الإقصاء الذي اتّخذته "القيادات المتنفّذة " في حركة النهضة منذ البداية و الذي أضعفها كثيرا، و هو ناجم حسب تقديري عن عوامل ثلاثة 1 عقلية "الطائفة أو "الفرقة " التي تسود عند هذه القيادات ، و قد تكون هذه من سمات التربية الإخوانية الأصلية و هذه إحدى الفوارق مع حزب العدالة و التنمية التركي الذي أخذ كنموذج دون التعمّق في مسيرته وأسباب نجاحه 2- عقلية "الغنيمة " تجاه السلطة ممّا جعل المتنفّذين من القيادات يحرصون على تقاسم المراكز بمختلف مستوياتها باعتبار عامل المكافأة عوض الكفاءة 3 - مخلّفات صراعات المهجر التي استوردت مع رجوع جموع المهجر والتي أثّرت في تشكّل هياكل الحزب ثم أصابت الحكومة و الدولة بالعدوى أنا مقتنع أن حركة النهضة تتحمّل (جرّاء ضعفها الذي ترتّب عنه ) جزء كبير من المسؤولية في الأزمات المتتالية حتى الأزمة الحالية. ربّما أكثر من قوة المعارضة التي هي نفسها عاجزة... ٭ جئنا للمعارضة في تونس..كيف تحكم عليها؟ - ليست كتلة متجانسة و لكنها في جملتها هزيلة و تفتقر لروح المسؤولية . و ما يوهم بقوّة أغلبيتها إلاّ وجود غالب وسائل الإعلام إلى جانبها تضخّم صوتها و توفّر الدعاية لحججها حتّى وإن كانت واهية . فهو قادر على التمويه و " تكييف" الواقع و الحقائق . فما هو الوزن الحقيقي جماهيريا وانتخابيا مثلا للسّادة حمة الهمّامي أو زياد الأخضر أو الرحوي و غيرهم ممّن "اقتنوا اشتراكات مفتوحة " في جل وسائل الإعلام، لولا نفخ هذا الأخير فيهم صباحا مساءا حتّى باتوا يتوهّمون قدرة وشرعية لتشكيل حكومات إنقاذ وإعطاء المهل للحكومة للإستقالة...؟ ٭ في تقديركم ما هي أبرز إخفاقات المرحلة الانتقالية وأكثر الخيارات السياسية الخاطئة التي تبنتها الأحزاب الحاكمة أو المعارضة؟ - هنا أجيبك بدون تردّد حيث أنه في اعتقادي هنا يكمن مربط الفرس والموضوع الذي طالما أزعجني. أول إخفاق هو عجز هؤلاء في "اللحظات الأولى" من استرجاع حرّية التونسي ، على الالتقاء على هدف سامي و هو تحديد الحد الأدنى الذي يجمع بيننا كتونسيين و العمل على "الشعب" حول معاني و مقتضيات ودليل الاستعمال" لهذه "الآليات الجديدة التي وفدت علينا و هي غريبة عنّا ، ألا و هي الحرية و الديمقراطية ، و ما تعنيه و تتضمّنه من مقتضيات التعايش المشترك و الحدود و إعادة تركيب مكوّنات المجتمع المدني و علاقاتها ببعضها في هذه المنظومة الجديدة وتحديد قواعد اللعبة التي سنخوضها مع بعض الاخفاق الآخر هو وقوف جزء من المشهد السياسي على الربوة بعد الانتخابات في مرحلة و ظرف يقتضي تضافر جهود الجميع للنهوض بالوطن و بناء المشترك . فأعلنوا دخولهم في المعارضة و لم نفهم ليعارضوا ماذا وقرّروا عوض دفع العربة مع غيرهم لإخراجها من الوحل ، الوقوف أمامها وتعطيل الذين يدفعونها لا لشيء إلاّ لأنهم خصومهم السياسيين . أين الوطنية إذن و أين وضع مصلحة الوطن قبل المصالح الحزبية و أين تقديم مصلحة الشعب و الفئات المحرومة ؟ كلّها شعارات لم تصمد أمام امتحان الواقع. ٭ في كلمة أو جملة ماذا تقول عن هؤلاء ؟ ٭ حسين العباسي؟ - وظف منظمة العمال في غير محلّها و حشر نفسه بأسلوب الابتزاز في دائرة لا يخوّل له موقعه ولوجها ٭ راشد الغنوشي؟ - لم أعد أعرف كيف أقيمه ٭ مصطفى بن جعفر؟ - رجل سياسي طموح و ذو حسابات كثيرة و كبيرة تهنا معه فيها ٭ المجلس التأسيسي؟ إفراز لأوّل تجربة ديمقراطية في بلادنا ، يجب المحافظة عليه بأي ثمن حتى استكمال المرحلة الانتقالية ٭ الاعلام التونسي؟ - أخفق في الاصلاح الذاتي و التحوّل من إعلام "وضع استبداد" إلى إعلام "وضع ديمقراطي". تغوّل و يسعى إلى تحويل تونس من دكتاتورية البوليس إلى دكتاتورية الإعلام ٭ المنصف المرزوقي؟ - شخصية فريدة و لكنه فائق الذكاء يتجاوز بكثير أغلب أولئك الذين يتفكّهون عليه و يصفونه بنعوت سخيفة ٭ علي العريض؟ - ذكي و مرتّب في ذهنه و لكن ابتلعته ماكينة الداخلية . يبدو عنيدا و منغلقا على نفسه غير مقدام ، و الله أعلم ٭ الشعب التونسي؟ - رغم تنوّعه ، الكلّ يتحدّث باسمه بالجملة "الشعب يريد". يتربّص به خطر عظيم و هو فقدان قراره و سيادته الذين استردّهما حديثا