شيع الاف الفلسطينيين بالامس ضحايا المجزرة الجديدة التي اهتزت لها غزة مجددا قبل حتى ان يستفيق اهاليها من وقع اهوال المحرقة الاسرائيلية السابقة التي لم يمض عليها غير اسابيع محدودة لم تندمل معها بعد جروح الاهالي الذين وجدوا انفسهم يغرقون مرة اخرى في دماء ابنائهم واشلائهم المتناثرة على الطرقات ولسان حالهم يردد في صمت وحزن كم يتعين على ابناء الشعب الفلسطيني ان يقدم من الشهداء والضحايا وكم يتعين عليه ان يتكبد من الماسي قبل ان يستفيق المجتمع الدولي من غفوته ويقرر التدخل لتوفير الحماية الدولية المطلوبة ووضع حد لاحدى اسوا جرائم الاحتلال المتوارثة منذ القرن الماضي... واذا كانت الجريمة التي استهدفت بالامس مخيم البريج وذهب ضحيتها عشرات الفلسطينيين من اطفال وشبان جاءت لتؤكد ان الالة العسكرية الاسرائيلية العمياء لا تميز بين مدني وعسكري ولابين رضيع اوكهل ولا حتى بين البندقية والقلم فان يد الاحتلال التي امتدت لاغتيال احد الاعلاميين الشبان في فلسطين اثناء قيامه باحد الواجبات الاكثر قداسة وهويستعد لتسجيل مشاهد القتل العشوائي ونقل ماخفي من جرائم الاحتلال وتعريتها لدى الراي العام الاسرائيلي والدولي من شانها ان تكشف بدورها درجة الاستهتار والاستخفاف الاسرائيلي بمختلف القوانين الدولية الانسانية واتفاقات جنيف الرابعة لحماية المدنيين في حالات الحرب والسلم وهوما يؤكده الاستهداف المستمر لطواقم الاسعاف الطبي ولسيارات الهلال والصليب الاحمر الدوليين وقوافل الاغاثة الانسانية ولرجال الاعلام اوغيرهم ايضا من المدنيين في الحملات العسكرية الاسرائيلية. والحقيقة ان مسارعة جيش الاحتلال للتعبير عن اسفه لمقتل الصحفي الفلسطيني الشهيد فاضل شناعة ليست سوى محاولة استباقية يائسة لتطويق الفضيحة وما يمكن ان تثيره من ردود فعل اعلامية مستنكرة للجريمة لا يمكن باي حال من الاحوال ان تخفف من وقع الجريمة اوتقلل من المسؤولية القانونية والسياسية و"الاخلاقية" للقيادات العسكرية الاسرائيلية التي طالما تغنت باخلاقيات جنودها... ومع انها ليست المرة الاولى التي يستهدف فيها الجيش الاسرائيلي احد رجالات الاعلام في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة فلاشك ان هذه الجريمة التي استهدفت اعلاميا تحمل سيارته الشارة اللامعة المعروفة لوسائل الاعلام وكان يلبس ساعة استهدافه البدلة الخاصة بالاعلاميين وعليها شارة دولية لا تخفى على عسكري انما تحمل في طياتها رسالة ملغومة لكل اعلامي نزيه يلهث وراء كشف الحقيقة ورفع جزء من المظلمة الواقعة على ابناء الشعب الفلسطيني بما يمكن ان ينتظره وبحجم الضريبة التي تترصده. ان جريمة اغتيال المصور الصحفي الشاب التي تاتي قبل ايام فقط من الذكرى السنوية لحرية الصحافة مطلع الشهر القادم ستشكل اختبارا حقيقيا لمختلف المنظمات الحقوقية وهيئات الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان سواء منها الدولية او الاسرائيلية التي تدعي الموضوعية والحياد والعدالة وهو اختبار غير مضمون سلفا ذلك أنه سيستوجب منها تحركا فعليا يتجاوز حدود بيانات الاحتجاج والاستنكار الروتينية التي لم تغير حتى الان شيئا من الامر الواقع وان تستعد لحملة دعائية ضخمة للمطالبة بفتح تحقيق شامل في كل جريمة اغتيال استهدفت الابرياء من نساء او شباب او اطفال في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة ومحاسبة المسؤولين امام محاكم دولية مختصة وعدا ذلك فان مسلسل اعدام الابرياء واصحاب القلم والفكر والصورة والعلم سيبقى مستمرا من فلسطين الى العراق وستبقى كل المبررات قائمة لافلات المجرمين من العقاب وتكرار جرائمهم على طريقة اعدام الطفل محمد الدرة...