تونس الصباح الاسبوعي أثارت ولا تزال تثيرالمساعدات المالية المقدّمة من جهات مانحة وهي كثيرة على غرارالدول الغنيّة كالولايات المتحدة وبلدان من الاتحاد الأوروبي دون نسيان المنظمات والجمعيات والهيئات غيرالحكومية شكوكا عديدة حول الغرض من هذا التمويل فهل هو فعلا خدمة للديمقراطية أو للتخفيف من وطأة الفقر في بلدان «الربيع العربي» وغيرها من الدول الفقيرة بطبعها أم لمآرب سياسية ولتنفيذ برامجها عبر دعم جهات بعينها في البلدان المستفيدة؟ لم تقتصرالمساعدات الأجنبية على دعم الجمعيّات الخيريّة بل نالت جمعيات أخرى ذات توجّهات تثقيفيّة وسياسيّة نصيبها من التمويل تحت شعارات مختلفة مثل «نشرالديمقراطيّة» و»دعم التحوّل الديمقراطي»وغيرذلك وهو ما يطرح أكثر من استفهام حول دعم سخي لتونس أو مصر من اجل الدعم السياسي وفي هذا الصدد يقول الكاتب الدكتورعلاء الأسواني في مقال بعنوان»: ديمقراطية حقيقية أم مسرحية ؟ تناقلته أكثرمن جريدة وموقع إلكتروني مصري»أفهم أن يكون هناك تمويل خارجي للمشروعات الخيريّة مثل علاج غيرالقادرين وإعالة الفقراء والعاطلين ولكن تمويل جمعيات لها أهداف سياسية مثل نشرالديمقراطية يبدولي غريبا» ارتفاع وبعد.. يدفع ارتفاع عدد الجمعيّات في تونس ما بعد الثورة بشكل ملحوظ المتابع إلى التساؤل عن دوربعضها خاصة إذا ما علمنا علاقة العشرات منها بأحزاب سياسية وتيارات إسلامية. فهل دعم جهات غربية (عربية كانت أوغربية) لها بسخاء منقطع النظيرمن باب الإحسان والعطف أم لغاية في نفس يعقوب؟ المعلوم أنه لا وجود لتمويلات من دون شروط بل هي خدمة لغايات معينة لدى هذه الدول أوالمنظمات خدمة لمشاريع وتوجهات بعينها. ألم يكن من الأولى لهذه الدول والمنظمات والجهات المانحة عموما العمل في بلدانها للتقليص من البطالة والفقر بدل تمويل جمعيات في دول تعيش مخاضا سياسيا عسيرا مثل تونس أو مصر؟ وفي تونس تحدثت القاضية ورئيسة قسم بدائرة المحاسبات فضيلة القرقوري خلال الندوة التي انتظمت تحت إشراف المرصد التونسي لاستقلال القضاء في القانون المنظم للجمعيّات خاصة في الجانب المتعلق بالتمويلات أنه واستنادا إلى البنك المركزي لوحظ خلال سنة 2013 دخول مبلغ 15 مليون دينارلثلاث جمعيات تونسيّة . كما ذكرت تقارير إعلامية تدفق أموال من الخارج إلى جمعيات لها علاقة بأحزاب بعينها (من مختلف الإديولوجيّات) فما مصيرهذه الأموال؟ ومن أراد مساعدة الشعب التونسي؟ ألم يكن من الأجدرأن تُوجّه التمويلات إلى جهات رسمية لغلق الباب أمام أية تأويلات رغم أن القانون لا يمنع المنظمات من الحصول على تمويل أجنبي لكنّ وضع ضوابط لذلك هوما غاب في تونس؟ تأثير سلبي .. لا يختلف عاقلان في ان التمويل الخارجي»المشبوه» لعدد من الجمعيات سيؤثر سلبا على البيئة الديمقراطية لبلد يتحسّس طريقه نحوها اذ لا يمكن الحديث عن أية استقلالية او سيادة او حتى ديمقراطية في ظل قرار سياسي مرتهن إلى حدّ ما بالجهة المموّلة لهذا الطرف اوذاك لأنه من البديهي ان لا يتعارض مشروع المموّل من مموّله يقول الدكتورعلاء الأسواني:»اذا لم نمنع التمويل الأجنبي فانّ مصر ستتحوّل إلى مسرح سياسي كبيرنرى فيه الممثلين يؤدّون أدوارهم على المسرح بينما هناك من يحرّكهم من الكواليس بأمواله» فالعلاقة بين الأحزاب والجمعيات وإن نفت أغلب الأحزاب ذلك تبقى قائمة حيث ذكرت دراسة قام بها المرصد الوطني «إيلاف» حول الجمعيات غيرالحكومية بتونس ما بعد ثورة – بداية من 14 جانفي 2011 الى غاية فيفري 2013 – أن 13 % من الجمعيات غير الحكوميّة خاصة ذات الصبغة الخيرية والدينية مرتبطة في تمويلها بأحزاب و تمويلات خارجيّة غير مصرح بها مع دخول شكل آخر من التمويل غير الخاضع للمراقبة تحت مسمّى «الزكاة» لفائدة الجمعيات وبالتالي فإن الحديث عن تمويلات مصحوبة بفرض خيارات على جمعيّات مموّلة من جهات خارجية مانحة سيؤثر على عملها وبالتالي على استقلالية وسياديّة هذه الأحزاب التي سترتبط فعليا ببرامج واجندات خارجية كما ذكرت الدراسة ان 33 % من الجمعيات غير الحكوميّة تمثل امتدادا لهيكلة و برامج الأحزاب السياسية وتعمل في الأخص كواجهة للأحزاب في مجال الأعمال الخيريّة و التعبويّة