لم يكن اجتماع لجنة التوافقات المنعقد طيلة أمس بالمجلس الوطني التأسيسي بباردو وإلى غاية وقت متأخر يسيرا، فموضوعه يتعلق هذه المرة بصلاحيات رئيس الجمهورية الواردة في مشروع الدستور ، وهي صلاحيات طالما أثار التجاذب السياسي حولها بين نواب كتلة حركة النهضة ونواب كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية الحزبين الحاكمين في البلاد اهتمام الرأي العام فضلا عن ذلك مازالت المسألة في تفاصيلها الصغرى وجزئياتها موضوع خلاف بين العديد من نواب لجنة التوافقات أو بالأحرى بين شقين منهم: شقا يدافع على صلاحيات رئيس الجمهورية ويقاوم تغول رئيس الحكومة عليه، وشقا آخر يحارب دون هوادة لصالح البرلمان والحكومة المنبثقة عنه.. وأمضوا وقتا طويلا يناقشون هذه الصلاحيات، وتباينت آراؤهم بشأنها خاصة ما يتعلق بصلاحياته في حل مجلس نواب الشعب فهناك من يوافق على تمكينه من حل المجلس وهناك من يذهب إلى إمكانية الحل لكن بشروط مضبوطة، ففي حالة حل رئيس الجمهورية للبرلمان، وصعود الأغلبية البرلمانية نفسها من جديد فعليه الاستقالة وتواصل النقاش حول هذه النقطة طيلة ساعات وخاصة ما يتصل بحالة تعذر تشكيل الحكومة ودور رئيس الجمهورية في هذا الصدد واختلفت الآراء بشأن مضامين الفصل 88 الذي يعطي امكانية لرئيس الجمهورية حل البرلمان في حالة تعذر تشكيل حكومة أي في حالة عدم منح اعضاء مجلس نواب الشعب الحكومة الثقة.. ويرى بعض النواب أن رئيس الجمهورية له الحق في استعمال هذه الآلية مرة وحيدة في المدة البرلمانية.. وتوقع آخرون كل الاحتمالات بما فيها حصول أزمة سياسية حادة ينجر عنها عدم الحصول على الأغلبية أي أن البرلمان يشتغل لكن الحكومة تتعطل وتساءلوا هل يمكن أن يكون رئيس الجمهورية في هذه الحالة حكما في المسألة؟ وتوافق النواب على منح الامكانية لرئيس الحكومة ولرئيس الجمهورية ايضا أن يطرحا على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها وانتقد نواب من لجنة التوافقات بعض مضامين الفصل 76 من مشروع الدستور بشدة، ورأوه فصلا خانقا لأنفاس رئيس الجمهورية.. إذ يعطيه الاختصاص في رسم السياسات العامة في مجال الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية، لكنه في المقابل يقيده بكيفية تجعل من هذه الصلاحيات يجب أن تكون في انسجام مع السياسة العامة للدولة. وبعد النقاش توافق النواب على أن لرئيس الجمهورية الصلاحيات تلك، بعد استشارة رئيس الحكومة. وتواصل اجتماع لجنة التوافقات الى وقت متأخر من مساء أمس وينتظر أن يستأنف صباح اليوم لمواصلة النظر في النقاط الخلافية في مشروع الدستور والحسم فيها