بيكين آسيا العتروس : بين طريق الحرير البري وطريق الحرير البحري وطريق العطور ما يروي الكثير عن العلاقات التجارية التاريخية التي ربطت بين الصين والعالم العربي في ازهى مراحلها طوال قرون قبل ان تترك اليوم المجال واسعا لطرق ووسائل جديدة اكثر تطورا واكثر قدرة على تجاوز الحدود الجغرافية وتقليص المسافات البعيدة في عصر الثورة التكنولوجية والالكترونية الحديثة بكل ابعادها... العلاقات بين الصين والدول العربية احتلت حيزا مهما من جولة الوفد العربي الى الصين.. اكثر من لقاء مع عدد من المسؤولين الصينيين من وزارة الخارجية الى وزارة التجارة.. واذا كان تاريخ وجذور العلاقات العربية الصينية حاضرا في مختلف النقاشات فان الاهم تمحور حول المستقبل الذي بدات الصين تستعد له منذ اكثر من ثلاثة عقود.. واذا كان نائب وزير الخارجية الصيني ووخون باو اختار ان يشير في مداخلته خلال افتتاح ندوة التعاون الصيني العربي في مجال الاعلام في بيكين الاسبوع الماضي الى ان فستان «كليوبترا» صنع من الاقمشة الصينية فان الناطقة باسم الخارجية الصينية جيانغ يوي اختارت ان تهتم بالحاضر والمستقبل في العلاقات العربية الصينية.. وخلال اللقاء المطول مع وفد الصحفيين العرب تحدثت المسؤولة الصينية بإطناب عن واقع هذه العلاقات والافاق المستقبلية للسوق الصينية العربية وقرار القمة العربية العاشرة ادراج بند ينص على دعم التعاون العربي الصيني.. كما تعرضت الى جذور الازمة الراهنة في قضية التيبت وتهديدات الدول الغربية بمقاطعتها وعن حصيلة ثلاثين عاما من سياسة الانفتاح التي توختها الصين لاصلاح الاقتصاد وتحقيق التنمية الاجتماعية في بلد طالما ظل ينظر بكثير من التشكيك والرفض لكل ما هو خارجي واساسا لكل ما هو قادم من الغرب... وقد اعتبرت المسؤولة الصينية ان العلاقات الصينية العربية تطورت بشكل متسارع منذ مؤتمر جنوب اسيا وشمال افريقيا ومنتدى التعاون العربي الصيني الذي تاسس سنة 2004 والذي يعقد كل سنتين على مستوى وزراء الخارجية، وتوقعت ان يؤسس مؤتمر البحرين المرتقب الشهر القادم لتعزيز التعاون بين الطرفين العربي والصيني حيث سجل حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 86.4 مليار دولار سنة 2007 بزيادة 33 بالمائة عن السنة السابقة وتوقعت ان يتجاوز هذا العدد المائة مليار دولار خاصة ان الدول العربية تعد الشريك التجاري الثامن للصين.. واشارت الى ان الصين تعد من اكبر مستهلكي النفط والغاز في العالم وقد بلغت حجم واردات الصين من النفط العربي سنة 2007 اكثر من 67 مليون طن ما يمثل 41 في المائة من وارداتها من الخارج.. واشارت الى ان حجم الاستثمارات الصينية في العالم العربي بلغ 2.4 مليار دولار سنة 2007 فيما بلغ حجم الاستثمارات العربية في الصين 1.28 مليار دولار وهي مرتبطة بشكل خاص بميدان الكيمياويات.. وقالت في هذا الاطار ان الامتيازات التي تمنح لرجال الاعمال العرب تبقى نفس الامتيازات التي يتمتع بها الاوروبيون.. واشارت الى ان الجهود تتجه الى فتح فروع للبنوك الصينية في الدول العربية والى تكثيف عدد الرحلات الجوية بين الصين والدول العربية.. الصين والقضايا العربية السياسة الخارجية للصين وموقع هذا البلد كعضو دائم في مجلس الامن الدولي لم يغب عن الحديث مع المسؤولة الصينية التي شددت على ان الحضارتين العربية والصينية هما الاكثر شهرة في العالم وانهما منحتا شعوب العالم الكثير وعن الاتنقادات للصوت الصيني الغائب في المحافل الدولية، اعتبرت المسؤولة الصينية ان بلدها كان ولايزال يدعم الحقوق المشروعة للشعوب العربية ويؤيد مبادرة السلام العربية ومبدا الارض مقابل السلام.. وان الصين تقوم بدور بناء في ملف الازمة النووية الايرانية واعتبرت ان العقوبات ليست هدفا في حد ذاته وان الاجتماع الذي احتضنته الصين قبل ايام بمشاركة الدول الخمس زائد المانيا حقق تقدما في ملف ايران النووي وان كانت تعارض انتشار السلاح النووي في العالم فقد شددت على ان الصين تؤيد دورا اوسع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في ملف ايران النووي.. وشددت على ان بيكين تتوخى نفس الموقف ازاء القضايا الدولية وتغلب موقف التفاوض على القوة وقالت ان السلام في منطقة الشرق الاوسط لن يقتصر على دول المنطقة وان تحقيق السلام يعني كذلك تحقيق الامن والاستقرار في العالم. اعتذار فرنسي متأخر ولكن... الموقف الفرنسي من قضية التيبت وتهديدات الرئيس الفرنسي بمقاطعة الالعاب الاولمبية عبر العاصمة الفرنسية باريس وما تعرضت له اللاعبة الصينية المعوقة جيغ جينغ خلال نقلها الشعلة الاولمبية في العاصمة الفرنسية اثار حفيظة الصينيين الذين ردوا بدورهم بمقاطعة البضائع الفرنسية وقد اعتبرت الناطقة باسم الخارجية الصينية ان في وصول زعيم مجلس الشيوخ الفرنسي بونسلي واجرائه سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين الصينيين وتقديمه رسالة اعتذار شخصية الى اللاعبة الصينية اضافة الى زيارة رافاران الى شانغاي اعتذارا متأخرا ولكنه مرحب به.. واعتبرت ان الاولمبياد حدث رياضي هام انتظرته الصين منذ مائة عام ولا يجب ان يرتبط بالسياسة.. وقالت ان بلادها تتمسك بالانفتاح وتسعى الى علاقات ودية مع كل دول العالم وان الصين تواجه حملة تضليل في وسائل الاعلام الغربية التي تسعى لتشويه وجه الصين.. مضيفة ان دستور بلد الزعيم ماوتسي تونغ ينص على حرية التعبير ويضم اكثر من 53 محطة تلفزية وتسعة آلاف صحيفة في مختلف المجالات وان شبكة الانترنات هي الاوسع في العالم ويشترك فيها اكثر من 221 مليون صيني بما يجعل الصين في المرتبة الثانية عالميا. وعن احداث التيبت الاخيرة التي استاثرت باهتمام العالم أشارت المسؤولة الصينية الى الاحكام والقوانين المعمول بها في الدول الغربية فيما يتعلق بالانترنات، مؤكدة ان بلادها لا يمكن ان تسمح بالفضائيات الاباحية او غيرها وقالت ان هناك بعض القوى التي تنظر الى الصين بمنظار الحرب الباردة وان الصينيين يقولون لهؤلاء ان تطور الصين لا يهدد احدا ولا يهدد الامن والسلم في العالم وان تطور الصين سيمنح الكثير من التطور للعالم ذلك ان الصين تضم ربع سكان العالم والانفتاح الصيني على العالم الخارجي فيه الكثير من المنافع للاقتصاد الصيني.. الا انها شددت على ان سيادة الصين وكرامة الوطن تبقى فوق كل الاعتبارات واعتبرت ان التيبت تجمع 1780 معبدا وان الاحداث التي شهدتها العاصمة لاهاسا تهدف الى تشويه العاب بيكين وان ماحدث مرتبط باعمال تجارية وان أية حكومة مسؤولة لا يمكنها ان تقبل بتوخي الصمت ازاء ما حدث من اعتداءات بينها احراق خمسة افراد من عائلة واحدة.. وقالت ان الحكومة الصينية لا تخاف الانتقادات وان كشف الفضائح وقضايا الفساد امر ضروري وقالت ان التيبت منطقة حكم ذاتي وان عائدات السياحة هناك تذهب الى الدايلي لاما مضيفة ان الصين تجمع 56 قومية تتمتع بنفس الحقوق والامتيازات وقالت انه رغم تلك الاحداث فان الحكومة الصينية تتمسك بمبدا الحوار مع الديلي لاما ما دام يتمسك بوقف العنف والدعوة الى الاستقلال.. الصين والأزمة الغذائية العالمية هل تخشى الصين الازمة الغذائية العالمية وكيف استعد بلد المليار وثلاثمائة مليون نسمة لمواجهة النقص الحاصل في القمح والارز؟ عن هذه التساؤلات تقول المسؤولة الصينية ان النقص الغذائي من اكبر التحديات الراهنة في العالم وان الصين دولة زراعية كبرى واغلب سكانها من المزارعين ولكنها اشارت الى ان 7 بالمائة فقط من الاراضي الزراعية في الصين يقع استغلالها لاطعام ربع سكان العالم الا انها اعتبرت انه رغم ذلك فقد حققت الصين اكتفاءها الغذائي بل وتقوم بتصدير الغذاء وان بلادها لاتسعى الى الفوائد الكبرى من وراء ذلك وان الحل في مواجهة الازمة الغذائية يكمن في تقوية قدرة الاسمدة والحبوب الجيدة لارتفاع معدل الانتاج واعتبرت ان الصين رغم ما حققته خلال العقود الثلاثة ورغم انها تعد القوة الاقتصادية الرابعة في العالم والقوة العسكرية الخامسة فلا تزال من الدول النامية وينتظرها الكثير من التحديات لتحقيق التنمية لاكثر من مليار نسمة وتقليص الفوارق القائمة بين المناطق وتوفير فرص التعليم للجميع والحفاظ على البيئة ورفع مستوى المعيشة ومواجهة الضغوطات الاقليمية والدولية..