قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في كلمة ألقاها لدى افتتاحه الندوة الوطنية حول موضوع "من أجل التأسيس لمنظومة إعلام حرّ ومستقل" الحمامات، لقد حرصنا الاتحاد العام التونسي للشغل منذ التأسيس على إيلاء ملفّ الإعلام أهميته المطلوبة. وقد حضر الندوة حسن المانسي رئيس المجلس المستقل للإعلام والاتصال، ومحمد فاضل محفوظ عميد المحامين، وعبد الستار بن موسى رئيس الشبكة الوطنية لمنظّمات المجتمع المدني، وعدد من الخبراء والأساتذة، والإعلاميين. كما قال : "كنّا سبّاقين منذ الخمسينات في الدعوة لتأسيس نقابة وطنية للصحافيين قصد تنظيم القطاع وهيكلته وكان ذلك بحرص شديد من الزعيم فرحات حشاد وبمتابعة من عميد الصحافيين آنذاك الفقيد محمّد الهادي العبيدي ولئن لم ننجح في ذلك الوقت في التأسيس فقد وُفّقنا بعد ذلك وتحديدا منذ السبعينات في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والمهنية للإعلاميين وكان الاتحاد سبّاقا في إنشاء الاتفاقية المشتركة للصّحافة المكتوبة سنة 1975 وفي وضع القوانين الأساسية للإذاعة والتلفزة التونسية ووكالة تونس إفريقيا للأنباء"، وفق ما جاء في الصفحة الرسمية لاتحاد الشغل على "الفايس بوك". وأضاف : "لم تقتصر عناية الاتحاد بالإعلام على الجانب القانوني والاجتماعي بل تعدّاها إلى الوعي بأهمّية حرية الإعلام والتجنّد للدفاع عنها بالرغم من العراقيل والتضييقات والانتهاكات التي واجهها العمل النقابي الصحفي على وجه الخصوص والنشاط الإعلامي على وجه العموم في فترة الديكتاتورية وصلت إلى حدّ احتكار المشهد الإعلامي وإخراس كلّ صوت حرّ.... وإنّ من بين أهمّ ما أفرزت ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي هي حرية الإعلام الي تخلّص من القيود التي كانت تكبّله وتحرّر من الهيمنة التي ظلّت لعقود تشلّ دوره، حتّى جاء الدستور وضمّن في فصليه الواحد والثلاثين والثاني والثلاثين (31 – 32) حرّية الإعلام". وطرح العباسي أسئلة في الغرض مفادها : "لكنّ المرحلة الحالية تتطلّب منّا جميعا فتح ملف الإعلام وطرح إشكالية حقيقية وهي أي إعلام نريد؟ وأي دور يمكن أن يقوم به الإعلاميون في بناء مجتمع ديمقراطي تعدّدي؟ وهل سيكونون في الخطوط الأمامية للدّفاع عن إعلام حرّ متنوّع مجتمعي قريب من المواطن؟ كما حان الوقت للحديث –ودون حرج – عن العلاقة بين الإعلام والاتحاد لا سيما وأنّ منظّمتنا كانت دوما على خطّ الدفاع عن حقوق هذا الشعب وكانت دوما في المواجهة وهو ما جعلها دوما عرضة للانتقادات مع كل الحكومات المتعاقبة. السيدات والسّادة الإعلاميين والإعلاميات"، موضحا : "لقد حرصنا على بناء علاقات ثقة ودعم بين الاتحاد والإعلاميين من خلال تأطيرهم في نقابات سلكية ومهنية ضمن هياكل الاتحاد العام التونسي للشّغل ومتّنّا علاقة تعاون مع هياكلهم الممثّلة وكنّا دوما حريصين على الدفاع عن حقوقهم المادية والاجتماعية وعن حقّهم وحقّ التونسيين في إعلام مستقلّ يمكّن الإعلاميين من مساحة واسعة من الحرّية بعيدا عن قيود السلطة وإكراهات الدّولة وضغوطات المال السياسي. ولن نضمن ذلك إلاّ بمزيد تضافر الجهود لمنع العودة إلى مربّع الهيمنة على الإعلام وأيضا بتأمين حياة كريمة للإعلاميين وشروط العمل اللائق لهم وتطوير التشريعات التي تحميهم من الضغوطات والاعتداءات والمحاكمات بسبب نشاطهم الصحفي، إذ لا يمكن أن ينجح الإصلاح داخل المنظومة الإعلامية دون إصلاح الوضع المادي والمهني للإعلاميين وإنهاء العمل الهشّ ومنع الدخلاء عن المهنة من مزيد إفسادها، وإنّ الإصلاح يتطلب صياغة رؤية واضحة حول القطاع ككلّ عبر إحداث اتفاقية مشتركة للقطاع السمعي البصري الخاصّ والانطلاق في سنّ قانون للهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري وفق ما ينصّ عليه الدستور مع الأخذ بعين الاعتبار مقترحات الاتحاد العام التونسي للشغل والعديد من الهياكل والجمعيات حول المرسومين 115 و116 ليكون مشروعا منبثقا من هذه الندوة"، وفق نفس المصدر. وفي إطار إنقاذ الصحافة المكتوبة، اقترح حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل "صياغة مقترحات عملية لإنقاذ المؤسّسات الإعلامية المكتوبة والانطلاق بداية في التفكير في هيئة أو مجلس تعديلي والعمل على إحداث وكالة وطنية للإشهار العمومي وإحداث صندوق دعم للصّحافة والبحث في صيغ عملية وواضحة وقانونية لحلّ معضلة التوزيع ومقاومة شبكات الاحتكار فيها لما ألحقته بالجرائد والمجلاّت بما فيها العريقة من أضرار ومحاصرة وصلت حدّ الحجب والامتناع عن البيع والتوزيع». كما أكّد العباسي "أنّ الوقت قد حان لمراجعة الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة وملاءمتها مع الدستور ومع التطوّرات الحاصلة في هذا الميدان وإنّني أنتهز فرصة هذا اللقاء مع جامعة مديري الصحف لدعوتها للإسراع بإنهاء التفاوض مع النقابة العامة للإعلام بخصوص الزيادات في أجور الإعلاميين لسنة 2014 في خطوة تزيد من مناخ الثقة والعمل المشترك لإنقاذ القطاع". كما دعا لفتح ملف الإعلام العمومي عبر مراجعة القوانين الأساسية في القطاع العمومي وإعادة هيكلة هذه المؤسّسات بما فيها المصادرة وتأكيد طلب العاملين بإذاعة الزيتونة لتأميمها". وقال العباسي : "إنّ تجربتنا الإعلامية في الاتحاد متواضعة بالرغم ممّا لعبته جريدة الشعب لسان حال الاتحاد من دور ريادي على امتداد عقود سواء في تدريب الصحفيين أو في احتضان الأقلام الحرّة أو في رفع راية حرية الصحافة، ونحن جادّون في تطويرها وفي تطوير المشهد الإعلامي النقابي لنخوض التجربة الإعلامية الالكترونية ثمّ السمعية وسنعوّل على متابعتكم وعلى توجيهكم وعلى نقدكم. وفي هذا الإطار نريد أن نرفع اللّبس لنؤكّد أنّنا نرحّب بالنقد النزيه والموضوعي وأنّنا لا ننزعج من الآراء الحرّة التي تهدف إلى البناء والتقويم، ولكنّنا نشعر بأنّ البعض لا يتردّد، من موقف عدائي أن يشنّ علينا شبه حملات إعلامية مجانية كلّما تبنّى الاتحاد قضية عادلة لهذا الوطن. وقد حرصنا على التزام الصمت أحيانا حتّى لا توظّف ردودنا في حملة أخرى تلبّسنا تهمة التدخّل في حرية الإعلاميين، ولكنّنا شرعنا منذ مدّة طويلة في بناء سياسة اتصالية علمية تمكّن الإعلاميين سهولة الوصول إلى المعلومة النقابية ومن مصدرها النقابي تجنّب سوء الفهم وتمنع المغالطات وتحترم قدسية الخبر مع ضمان الحق في حرية التعليق، وستكون لنا في هذا الصدد لقاءات دورية مع الإعلاميين - علاوة على اتصالهم الدّائم بمقرّاتنا وهياكلنا، إضافة إلى ذلك فإنّنا لم نتردّد في كلّ الأوقات في وضع كل المعلومات التي تهمّ الشأن النقابي على ذمّتهم في نطاق حقّ النفاذ للمعلومة". ومن جهة أخرى، أكّد العباسي أن المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد "سيحرص على دعم النقابة العامة للإعلام في مشروعها النقابي والمجتمعي من أجل إصلاح الواقع الإعلامي الحالي بمعيّة كافة شركائها وبعيدا عن الإقصاء، فالاتحاد يعي جيدا أهمّية دور الاعلاميين وخاصّة في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشغّالين وفي الدفاع عن مشروع مجتمعي ديمقراطي اجتماعي تعدّدي". وفي هذا الإطار، أكدى العباسي "أنّه لا يمكن للإعلام التونسي أن يشهد النقلة النوعية التي نريد بعيدا عن تحقيق طموحات ومطالب الاعلاميين". وقال : "إنّني أغتنم هذه المناسبة المهمة لأدعو الحكومة إلى الإسراع في فتح حوار لتنظيم القطاع الإعلامي حتى نبني إعلاما هادفا يخدم المواطن والقضايا العادلة للوطن... إنّ المرحلة القادمة هي مرحلة إصلاح وبناء تتطلّب منّا ومنكم جميعا العمل المشترك قصد بناء قطاع إعلامي تعدّدي ديمقراطي يدافع عن القضايا العادلة لشعبنا وإنّنا نعوّل عليكم جميعا ونحن معكم لتحقيق كلّ هذه التحدّيات التي تتطلّب عملا دؤوبا وتفاعلا إيجابيا من الحكومة لتلبية مطالب النقابة العامّة للإعلام التي هي مطالب كلّ الإعلاميين في الدفاع عن القطاع عبر فتح حوار متواصل حول مستقبل الإعلام التونسي وكيفية إصلاحه"، حسب نفس المصدر.