علمت "الصباح" أن الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير قضت خلال الأيام القليلة الفارطة بإدانة موظفة مكلفة بالأرشيف ببلدية المنستير وسجنها لمدة خمسة أشهر مع إسعافها بتأجيل تنفيذ العقاب البدني وتحذيرها من مغبة العود خلال المدة القانونية وتخطئتها ب 240 دينارا من أجل محاولة إتلاف دفاتر ومسودات ووثائق أصلية للسلط العمومية على معنى أحكام الفصلين 59 و160 من المجلة الجزائية، فيما عرف بقضية إتلاف "أرشيف بلدية المنستير" التي كانت "الصباح" انفردت بنشرها خلال شهر ماي الفارط. أوراق القضية تفيد بأنّ معلومة توفرت لدى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير مفادها أن سيّارة رمادية اللون بصدد رفع جزء من الأرشيف البلدي ونقله إلى إحدى شركات الرسكلة بجهة منزل حرب بغاية إتلافه، ونظرا لخطورة المعلومة فقد أثارت النيابة العمومية من تلقاء نفسها القضية وأذنت بفتح بحث في الغرض. وقال رشدي بن رمضان الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بالمنستير في اتصال سابق مع "الصباح" بخصوص هذه القضية إن أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بالمنستير استمعوا لأقوال أربعة أطراف وهم رئيس النيابة الخصوصية لبلدية المنستير والكاتب العام للبلدية والمكلفة بالأرشيف وصاحب شركة الرسكلة، مضيفا أن النيابة العمومية بابتدائية المنستير تلقت إعلاما من مخبر مفاده أن بعض الأطراف بصدد نقل ما أسماه بجزء من أرشيف البلدية، وبناء على ذلك أثارت النيابة قضية في الغرض من تلقاء نفسها وأذنت لأعوان فرقة الشرطة العدلية بالمنستير بالبحث في الموضوع ومعاينة الوثائق المذكورة وحجزها على ذمة البحث وسماع صاحب الشركة وبقية الأطراف المعنية". وفي هذا الإطار تولى أعوان فرقة الشرطة العدلية بالمنستير التحول إلى مقر الشركة المعنية ومعاينة الأرشيف ومن ثمة رفعه ونقله إلى المقر الأمني، ثم سماع عدد من المسؤولين والموظفين بالبلدية وبالشركة المذكورة، بينهم رئيس النيابة الخصوصية الذي أكد على أنه»لم يتم إخراج أرشيف البلدية أو إتلافه أو التصرف فيه بالمرة وأن ما تم حجزه.. هي جملة من الأوراق المستعملة والتي بقيت أصولها بأرشيف البلدية وغير ذات قيمة إدارية وزال الانتفاع بها"، مضيفا أنه "على علم بالمعاملات الموجودة بين البلدية وشركة (..) بخصوص إتلاف الأوراق المستعملة".. مشددا على أن "أمر إتلاف الأوراق المستعملة والمحجوزة.. لا يتطلب قرارا صادرا ممن له نظر أو استشارة من المعهد الوطني للأرشيف". كما تم سماع المكلفة بالأرشيف ببلدية المنستير والتي أكدت لدى سماعها على أنها قامت "بالاتصال بشركة(..) كعادة البلدية في الغرض" لتسليمها "كمية من الأرشيف البلدي الذي لم يعد هناك نافعا من وجوده ولم يعد صالحا للاستعمال.."، مضيفة أن سائقا بالشركة اتصل بها وقام بتعبئة ثلاثة صناديق كبيرة الحجم مليئة بوثائق لم تعد صالحة، مؤكدة أنها «تصرفت في الأرشيف بناء على مراسلة من البلدية للشركة المذكورة قصد المساعدة على إتلافه". مأمورية تكشف.. إثر ذلك أذنت السلط القضائية للسلط المعنية بمعالجة الوثائق المحجوزة، فقام متفقد ومكلف بالتفقد بالأرشيف الوطني بتنفيذ المأمورية ومعاينة المحجوز فتبين أنه يتمثل في دفاتر عائلية للفترة بين 1971 و2012 ووثائق إعلام بتناصيص زواج أجانب بتاريخ 9 جانفي 2013 وجداول زواج بتاريخ 1999 وإشعار استلام بريد بتاريخ 2009 ومضامين ولادة للفترة 2001-2004 واعلامات بالتنصيص على زواج بتاريخ 1999 ودفاتر الحالة المدنية لسنة 2004 وبطاقات إحصاء عقاري جزء منها مكتوب يهم السنة 1989 إضافة إلى نسخ مستخرجة من الاعلامية لملفات المشاريع المدرجة ضمن المخطط الاستثماري البلدي للفترة 2010-2014 ونسخ من تحويلات بنكية مستخرجة من الإعلامية لفائدة القابض البلدي(2014) ومحضر جلسة فتح الظروف حول إشغال التنوير العمومي بمدينة المنستير(2009) ونسخة من الحساب المالي للبلدية(2013) ومجموعة كبيرة أخرى من الوثائق الإدارية والنسخ. ووفق تقرير للمأمورية فإن "الوثائق والدفاتر والملفات المحجوزة تعتبر أرشيفا باستثناء المطبوعات الإدارية الفارغة"، مشيرا إلى أن "ما أقدمت عليه النيابة الخصوصية لبلدية المنستير من إتلاف غير منظم يتعارض مع النصوص القانونية والترتيبية في المجال". الإحالة وبناء على الأبحاث ونتائج المأمورية قررت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير يوم 16 نوفمبر الفارط إحالة المكلفة عن الأرشيف على المجلس الجناحي لمقاضاتها من أجل الإتلاف عمدا لأرشيف عام طبق الفصل 30 من القانون عدد 95 لسنة 1988 المؤرخ في 2 أوت 1988 المتعلق بالأرشيف وحفظ التهمة في حق الكاتب العام للبلدية لعدم كفاية الحجة وإحالة نسخة من المحضر إلى الوكيل العام "لاتخاذ ما يراه في خصوص رئيس النيابة الخصوصية بوصفه محاميا". الإدانة وبإحالة القضية على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير قضت منذ أيام قليلة بإدانة الموظفة المكلفة بالأرشيف وسجنها لمدة خمسة أشهر مع إسعافها بتأجيل العقاب البدني من أجل محاولة إتلاف دفاتر ومسودات ووثائق أصلية للسلط العمومية على معنى أحكام الفصلين 59 و160 من المجلة الجزائية، فيما ينتظر بين الحين والآخر أن يتخذ الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالمنستير قرارا بخصوص رئيس النيابة الخصوصية سواء بالحفظ أو بالتتبع، وفق ما توفر لديه من مؤيدات. صابر المكشر جريدة الصباح بتاريخ 09 جانفي 2016