ألقى اليوم الجمعة وزير العلاقة مع الهيئات الدستوريّة والمجتمع المدني وحقوق الإنسان كمال الجندوبي كلمة على هامش أشغال الجلسة الافتتاحية للملتقى الاختتامي للاستشارة الوطنية حول مشروع القانون الأساسي لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وفي ما يلي نص كلمة الجندوبي: "يسعدني أن أُعرب لكم عن فائق امتناني لافتتاح أشغال هذه الاستشارة بتونس حول "مشروع القانون الأساسي لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد " والتي ننظمها تحت سامي إشراف رئيس الحكومة بالتعاون مع شركائنا من الوكالة الفرنسية للتنمية ومنظمة المتطوعين المدنيينGVC الإيطالية......وفي هذا الإطار ونحن في هذه المرحلة الانتقالية التي تقتضي استكمال المشهد المؤسساتي الجديد للدولة وفقا لما رسمه الدستور فإننا واعين بأهمية الأولويات الاستراتيجية المطروحة علينا نظرا لما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها . كما أنّ الفساد يقوّض مؤسسات الديمقراطية وقيمها وكذلك نسبة كبيرة من موارد الدولة ويهدد الاستقرار السياسي ويعطّل التنمية المستدامة. ولا يفوتني التأكيد أنّ ترسيخ الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تقتضي تظافر جهود السلط والأطراف المختلفة وهي : السلطة التشريعية، السلطة القضائية، السلطة التنفيذية ، السلطة المحلية، الإعلام ، المجتمع المدني ، والمواطنين. وقد أعدّت الوزارة في مرحلة أولى مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة (الموجود حاليا بمجلس نواب الشعب)كما أنها بصدد استكمال عدد من مشاريع القوانين من ضمنها القانون الأساسي لهيئة حقوق الإنسان الذي تم إرساله إلى رئاسة الحكومة والقانون الأساسي لهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة والقانون الأساسي لهيئة الاتصال السمعي البصري... ولا يسعني في هذه الكلمة إلاّ التأكيد على الدور الهامّ الذي تضطلع به هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد في المساهمة الفعّالة والبنّاءة لمجهودات الحكومة في ضبط السياسات العامة للحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته بالرجوع إلى المبادئ الكونية والمعايير الدولية المنطبقة في المجال . وستتولى الهيئة أيضا متابعة تنفيذ هذه السياسات وتقييم آثارها. كما أن للهيئة دور هام في نشر ثقافة الحوكمة الرشيدة وقيمها وأخلاقياتها وتعميم المعارف المتصلة بها ونشر الوعي الاجتماعي بمخاطر الفساد وضرورة مكافحته. ولهذا الغرض، سيشمل مجال تدخلها القطاعين العام والخاص و سيسند لها بمقتضى القانون الأساسي صلاحيات واسعة في رصد شبهات الفساد والتقصّي فيها والتحقق منها قبل إحالتها إلى الجهات المعنية.كما سيضمن هذا القانون الأساسي حق الهيئة في الاطلاع والنفاذ إلى المعلومة وكذلك الضمانات الأساسية من استقلالية إدارية ومالية، تمثيلية تعددية ومتنوعة ومرونة في التنظيم والتسيير والعمل. فمن المهم جدا العمل على تمكين الهيئة بمقتضى القانون من صلاحيات واسعة ومن الآليات الضرورية والضمانات والموارد الكافية ووسائل العمل بما يتماشى مع هذا الدور الهام وبالنحو الذي يحقق فعاليتها ونجاعتها. وبالتوازي مع هذه الصلاحيات الواسعة والضمانات والاستقلالية فإن هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مسؤولة وتساءل عن أنشطتها وتدخلاتها أمام المجموعة الوطنية وأمام مجلس نواب الشعب كما تخضع حساباتها المالية للرقابة اللاحقة لمحكمة المحاسبات باعتبارها جهاز من أجهزة الدولة يتم تمويلها من المال العام. ونأمل أن تكون هذه الاستشارة فرصة هامّة للاطلاع على الفلسفة العامة لمشروع القانون الأساسي لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والمرجعيات المعتمدة في إعداده. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه تم الأخذ بعين الاعتبار في هذا المشروع على ما نص عليه الدستور وعلى خصوصيات السياق الوطني كما نأمل خلال هذه الاستشارة التحاور بخصوص أهم الأسس والركائز التي انبنى عليها المشروع ومختلف الخيارات والتوجهات المعتمدة بما يضمن فعالية ونجاعة تدخل وعمل الهيئة في المنظومة الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وتمثّل هذه الاستشارة آخر مرحلة لمسار تشاوري كامل حول مشروع هذا القانون، حيث تم تنظيم ثلاث(3)استشارات بولايات بنزرت يوم 9 ماي 2016 والقصرين يوم 13 ماي 2016 وصفاقس يوم 20 ماي 2016كما تمّ تنظيم ورشتي عمل مع خبراء دوليين يومي 23 و24 ماي 2016 من برنامج الأممالمتحدة الإنمائي العاصمة وذلك حتى يتم التوافق بين كل المتدخلين والفاعلين في المجال من ممثلي الإدارات المركزية والجهوية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والخبراء حول هذا المشروع. وسيتم في آخر مسار هذه المشاورات تجميع مختلف الاقتراحات والتوصيات حول المشروع في تقرير نهائي قصد اعتمادها لإثراء مشروع القانون الأساسي وتحسينه حتى يستجيب لمختلف انتظارات المجتمع وأيضا لمتطلبات المنظومة الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد التي نتطّلع لإرسائها لمنع الفساد ومكافحته بصورة فعّالة طبقا لما نص عليه الدستور وللالتزامات الدولية لتونس في المجال."