في وقت تتواصل المشاورات وتتكثف المفاوضات بين مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وما يواجهها من عقبات أولها رفض رئيس الحكومة الحبيب الصيد تقديم استقالته يبدو أن نجاح المبادرة بات رهين تحركات الأيام القادمة وعديد المعطيات الدقيقة لا سيما في ظل أزمة باتت تلقي بظلالها بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة . وفي ثنايا هذه الأجواء المشحونة بعد ان تحولت الأزمة الخفية بين قائد السبسي والصيد إلى صراع علني وعملية لي ذراع مكشوفة يحتاج تجاوزها إلى حكمة وحنكة ورصانة وشعور بالمسؤولية فإن لمبادرة حكومة الوحدة الوطنية «لاءات» ينبغي مراعاتها وعدم الاقتراب منها . لا للمحاصصات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يقتضي أولا القطع مع المحاصصات الحزبية التي كانت سبب أزماتنا وخيباتنا ونكساتنا وأفضت إلى فشل حكومات ما بعد الثورة، فلا «الترويكا» التي انبثقت عن أول انتخابات ديمقراطية نجحت في تحقيق انتظارات التونسيين، ولا الائتلاف الرباعي حقق الوعود وتمكن من ايجاد مخرج للازمة الازمة التي تتخبط فيها . لا للمزايدات نجاح مبادرة حكومة الوحدة الوطنية يستوجب في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد مراعاة المصلحة الوطنية وتجنب المزايدات السياسية من مختلف الأطراف حكومة ومعارضة باعتبار أن المرحلة تحتم الابتعاد عن التجاذبات والصراعات ومحاولات التوظيف لان أولوية مختلف الحساسيات يجب أن تختزل في إنقاذ البلاد قبل فوات الأوان. لا للابتزاز مهما كانت الحسابات السياسية فان الابتزاز ومحاولات الاستثمار تبقى خطا أحمر باعتبار أن البلاد تمر بمرحلة دقيقة لا تتحمل المناورات و»اللعب على الحبال»، بل انه من المؤسف ان نتابع تصريحات لقيادات بعض الاحزاب تطالب بأحقيتها في الحصول على الحصة الاكبر من حكومة الوحدة الوطنية في وقت لابد أن تأتي تركيبة الحكومة المقبلة نتيجة توافق واسع يشمل اغلب الحساسيات والمكونات . لا للإقصاء من المفروض ان يفتح المجال أمام مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات للمشاركة في المشاورات حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية باعتبار ان التجارب أثبتت ان الإقصاء يؤدي إلى تزايد الاحتقان والصراعات والتجاذبات في وقت تحتاج فيه البلاد أكثر من اي وقت مضى إلى توفير مناخ ملائم وسلم اجتماعية تساعد على عودة نسق الإنتاج والإنقاذ وهو ما لا يمكن أن يتحقق في ظل الإقصاء وتجاهل مختلف الحساسيات . لا للصفقات لا يخفى على أحد ان نجاح مبادرة حكومة الوحدة الوطنية بات رهين الوضوح والشفافية بعيدا عن الصفقات الخفية التي لن تزيد الوضع إلا توترا واحتقانا خصوصا في ظل تخوف البعض من أن تكون المشاورات مجرد إضفاء شرعية على اقتسام «الكعكة» من جديد خصوصا بين نداء تونس والنهضة وهو ما يجب التنبه إليه لأن اي خطوة في هذا الاتجاه قد تعمق الأزمة التي تعيشها البلاد وتفضي إلى سيناريوهات مجهولة العواقب. لا للازمة يبدو أن المواجهة باتت حتمية بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بعد رفض الحبيب الصيد الاستقالة في ظرف حساس كان يستدعي مزيد التنسيق والتشاور بين مختلف الأطراف قبل الوصول إلى أفق مسدود،بل أننا على أبواب أزمة لا يجب الاستهانة بتداعياتها وهو ما يحتم على أصحاب القرار التحلي بالحكمة وإيجاد حلول وفاقية للخروج من هذا المنعرج الذي جعلنا نسير على الألغام . لا لتحميل الفشل تحميل مسؤولية الفشل لحكومة الحبيب الصيد يمثل بكل المقاييس خطأ فادحا نرجو أن لا يتم السقوط فيه باعتبار أن المسؤولية تتحملها كل الأطراف وأولها الائتلاف الحكومي الذي لم يكن متجانسا ولا متناغما ولم يدعم رئيس الحكومة وخاصة في الهزات والأزمات دون أن ننسى المعارضة أو الشعب وهو ما يعني أن الصيد ليس مسؤولا على الفشل باعتبار أن الأزمة التي تتخبط فيها البلاد كانت نتيجة تراكمات 6 حكومات بعد الثورة قبل تسلمه مقاليد رئاسة الحكومة . لا للارتجال رغم أن مبادرة رئيس الجمهورية أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية فإنه يكاد يتفق الجميع على ضرورة أن تتركز المشاورات حول أولويات حكومة الوحدة الوطنية وبرامجها هيكلتها وخارطة طريقها قبل مناقشة تركيبتها والأشخاص باعتبار أن تواصل الأساليب الارتجالية الهامشية سيعمق من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد،وأن كنا نتابع تنافسا محموما على المناصب فإن الأولى تركيز كل الاهتمامات على البرامج لأن إنقاذ البلاد أولى الأولويات في الوقت الراهن . لا للمغالطة مصارحة الشعب بمجريات الأمور حول تشكيل الحكومة وما يتعلق بها من بعض التفاصيل من المسائل التي تكتسي أهمية بالغة فيما مدى نجاح المبادرة التي تبقى في حاجة إلى دعم الأطياف السياسية والمكونات الاجتماعية لضمان نجاحها لان أساليب عدم الوضوح والشبابية يجعل هذه الحكومة تحمل بذور فشلها دون أن ننتظر منها أفضل مما سبقها من حكومات . لا لتوسيع الائتلاف مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تعني البتة توسيع الائتلاف الحكومي مهما كان عدد الأحزاب التي سيتم إضافتها وتشريكها في الحكومة حتى لا تتحول المسألة إلى التفاف و»قولبة» لأن لحكومة الوحدة الوطنية برامجها وهيكلتها وتركيبتها وسياساتها ولبقية الحكومات توجهاتها باعتبار أن لكل حكومة سياقاتها ورهاناتها . محمد صالح الربعاوي