كشف القيادي في حزب الوطني الحر محسن حسن أن تونس تعيش اليوم على وقع ازمة مالية واقتصادية خانقة تتطلب تنازلات وتضحيات من مختلف الاطراف لان بقاء الوضع على ما هو عليه سيعمق الأزمة ويؤدي الى سيناريوهات سوداء لنتجه نحو سيناريو اليونان على حد تعبيره. وعن التداعيات الممكنة لتباين المواقف بين الحكومة واتحاد الشغل بشان الزيادة في الأجور أوضح حسن ان المأزق يتمثل في تمسك اتحاد الشغل بطلب الزيادة في الاجور المقرر سلفا وفي صورة تواصل هذا التمسك فان نتيجته ستكون عدم صرف القسط الثاني من القرض المبرم مع صندوق النقد الدولي باعتبار ان الصندوق يعتبر ان تونس غير قادرة على تحمل كتلة اجور تفوق 15 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي والاقتصاد التونسي لا يحتمل كتلة بهذا المستوى. اقتراض مدمر وأوضح حسن ان ما يزيد الأمر خطورة ان بقية المؤسسات المالية العالمية ستحذو حذو صندوق النقد الدولي ولن تقوم بصرف القروض المبرمجة أي البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، وفي هذه الحالة ستلتجئ تونس الى الاسواق المالية العالمية للاقتراض لكن الاقتراض سيكون بنسب قد تصل الى 14 بالمائة نظرا لارتفاع المخاطر عوضا عن نسبة فائدة ب 2 بالمائة حسب قوله. وحول تأثير الاقتراض بنسب مرتفعة على الاقتصاد التونسي وما اذا كان مدمرا على البلاد، اعتبر حسن أن ذلك من شأنه الترفيع في التداين وفي خدمة الدين وهو النهج لذي انتهجته اليونان وهو ما يثير المتتبعين للشأن الاقتصادي وفق تقديره. التضحية المتساوية وبخصوص المطلوب من مختلف الاطراف في الوضع الراهن قال حسن ثقتي كبيرة في المنظمة النقابية ومنظمة الاعراف بقبول مبدأ التضحية المتساوية والمشتركة وأوجه دعوة إلى قيادات الاتحاد لمراعاة الوضع الوطني ولكن في نفس الوقت على الحكومة العمل بجدية لإيجاد موارد مالية أخرى من خلال محاربة التهرب الجبائي وإعلان حرب حقيقية على التهريب واستعمال الإمكانيات المتاحة الاخرى لتخفيف الضغط على ميزانية الدولة مثل استعمال قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل بعض المشاريع أو اصدار صكوك اسلامية أو التفويت في بعض المساهمات الهامشية وأيضا تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية لتجديد الوديعة القطرية وجمع بعض الهبات من بعض اصدقاء تونس ولم لا سن قانون خارج قانون المالية للعفو عن جرائم الصرف لإدخال موارد المالية لخزينة الدولة بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق وعقلنته فيما يتعلق بالأجور والمنح والامتيازات وكل ما هو غير ضروري. وأكد وزير التجارة السابق ان المأزق المالي الثاني يتمثل في تنامي حجم الدين العمومي والالتزام بسداد 5500 مليار سنة 2017وهو ما يمثل نقطة مخيفة في ظل الازمة الخانقة التي تواجهها البلاد على جميع المستويات. عجز مخيف وفي سياق متصل أفاد حسن ان المأزق المالي الثالث يتمثل في الاوضاع الصعبة للمؤسسات العمومية ناهيك وان العجز فاق 4500 مليار أي ان هذه المؤسسات بعد ان كانت تساهم في ميزانية الدولة اصبحت عبئا على الدولة على تعبيره. مستطردا لا ننسى عجز الصناديق الاجتماع وخاصة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية الذي تجاوز عجزه ألف مليار، ولعل ما يزيد من المخاوف ان العجز في ميزانية الدولة في نهاية 2016 سيكون في حدود 6 بالمائة وهو عجز مخيف يعمق من حدة المشاكل المالية في البلاد. وبعيدا عن الازمة المالية أشار محدثنا الى ان تونس تواجه مشاكل اقتصادية عميقة لاسيما ان نسبة النمو 1,5 بالمائة تحقق من الخدمات غير المسوقة أي الزيادات في الأجور ولم يأت من محركات النمو التقليدية كالاستثمار والتصدير والاستهلاك ، وهذه الوضعية الاقتصادية الهشة تؤدي الى مزيد من البطالة وتردي المقدرة الشرائية. التقليل من المخاطر وفيما يتعلق بالحلول الممكنة للخروج من هذه الأزمة المدمرة أفاد محسن حسن انه على المستوى السياسي لابد من تدعيم حكومة الوحدة الوطنية بما يمكنها على الاقل من التقليل من المخاطر، كما انه يتحتم على المنظمات الوطنية ان تضع يدها في العجين لتساهم في إيجاد مخارج ولا يجب ان تبقى على الربوة على حد تعبيره. وإذا كان للديبلوماسية أهمية في المساعدة على الخروج من الازمة المالية والاقتصادية فان الجانب الامني يظل هاما لان أي عملية ارهابية ستمثل ضربة قاضية للبلاد وهو ما يتطلب الحذر واليقظة من جميع الاطراف. وفي ظل الوضع الراهن انتقد حسن قانون المالية لسنة 2017 باعتبار انه يجب ان يكون مبنيا على اهداف وفرضيات واقعية وليس نسبة نمو غير معقولة، كما يجب أن يتضمن اجراءات جدية لمحاربة التهرب الجبائي لدى شرائح معروفة، ولم لا الترفيع في الأداء على المرابيح في القطاعات المربحة بالإضافة إلى مراجعة نسب الاداء على القيمة المضافة والتقليص من النظام التقديري. تقشف لكن... وأوضح حسن أن الأزمة الخانقة تتطلب تفويت الدولة في بعض المساهمات الهامشية في بعض المؤسسات مثل البنوك المشتركة اضافة الى ضرورة الانطلاق في تأهيل المؤسسات العمومية ولو بإجراءات مؤلمة، كما أن المؤسسات المصادرة التي تعرف اليوم عديد الصعوبات يمكن أن تساهم بمبالغ معتبرة. وحول سياسة التقشف التي تسعى حكومة الشاهد الى اتباعها شدد حسن على ان التقشف لا يجب ان يشمل الاستثمارات العمومية باعتبار ان المشاكل الاقتصادية يجب ان لا تمنعنا من اصلاح الاقتصاد وتطوير مناخ الاعمال والتشريعات والقضاء على الفساد لتهيئة الارضية لعودة الاستثمار في القطاع الخاص الذي يعتبر المحرك الاساسي للنمو. الانصهار مطروح.. وبخصوص امكانية انصهار كتلة الوطني الحر ضمن كتلة نداء تونس قال حسن اليوم المشهد السياسي يتصف بالتشرذم بما يدفع كل الاحزاب الى التفكير في الدخول في جبهات وموضوع الانصهار مع نداء تونس ليس جديدا فقد سبق ان طرح منذ اشهر لكن انطلقنا في مفاوضات جديدة ، ونحن الآن نبحث عن آلية للتقارب بين الحزبين وقد يكون انصهار أو تحالف انتخابي. وأوضح حسن أن النداء و الوطني الحر لم يتوصلا بعد الى توافق على شكل التقارب بين الحزبين، مضيفا اعتقد انه ثمة تشابه بين الحزبين لكن مسألة الانصهار سابقة لأوانها لأنها تتطلب مزيد من التشاور.