بعد اعلان رفضه تجميد الأجور والتصدي لسياسة التقشف التي أقرها مشروع ميزانية الدولة لسنة 2017 يبدو ان الاتحاد العام التونسي للشغل اختار المواجهة مع حكومة يوسف الشاهد رغم تأكيد قياداته على مدى الأيام الماضية ان أياديها ممدودة للحوار ومنفتحة على كل المقترحات والحلول الممكنة بشرط ما اعتبروه "تقاسم الأعباء". دعوة المركزية النقابية في الأيام القليلة الماضية إلى "التعبئة" للدفاع عن "حقوق العمال" اعتبرها أغلب المتابعين بمثابة بداية "التجييش" ضد الحكومة في محاولة للضغط عليها و"حصرها في الزاوية" لاجبارها في نهاية المطاف على "رمي المنديل" ومراجعة قرارها بشأن تجميد الأجور رغم تداعياته المحتملة وفق بعض خبراء الاقتصاد بما قد يعمق الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد. وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد أعرب عن رفضه المطلق لكلّ الإجراءات التي سبق أن حذّر من اتخاذها باعتبار أن الإجراءات التي تضمنها مشروع ميزانية الدولة للعام القادم جاءت في مجملها مثقلة لكاهل الأجراء وعموم الشّعب معمّقة للحيف المسلط عليهم. وذهبت المركزية النقابية الى أبعد من ذلك لما حملت الحكومة وكلّ الأطراف المشكّلة لها مسؤولية زعزعة الاستقرار الاجتماعي في البلاد ودعت كلّ الهياكل النقابية إلى التعبئة والاستعداد للنضال من أجل حقوق العمّال بكلّ الطرق المشروعة . وبعد التحذير "شديد اللهجة" والرسائل "مضمونة الوصول" التي وجهتها قيادات الاتحاد الى حكومة يوسف الشاهد عبر تصريحاتها المتتالية في المنابر الاعلامية والتجمعات العمالية وتلويحها بتصعيد تحركاتها في الأيام القادمة كان من البديهي ان تكثف من اجتماعاتها النقابية قبل مرورها الى خطوة الوقفات الاحتجاجية والاضرابات القطاعية ،وبعد اضراب اعوان المساحات التجارية الكبرى الذي تواصل يومي 28 و29 أكتوبر دعا الاتحاد الى تجمع عام نقابي لأعوان الوظيفة العمومية وكل الهياكل النقابية ببنزرت غدا السبت 30 أكتوبر ضد سياسة التقشف وقرار تجميد الزيادات في الأجور لانه لا يمكن "تحميل الأجراء تبعات الأزمة الاقتصادية وفشل السياسات " وفق المركزية النقابية التي تتمسك بضرورة الالتزام بوثيقة قرطاج وإيفاء الحكومة بتعهداتها تجاه العاملين. والتزاما بمقررات المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد المتضمنة في بيانه الصادر بتاريخ 17 اكتوبر 2016 دعا اتحاد الشغل كافة العاملات والعمال لحضور تجمعات عمالية نقابية يوم 3 نوفمبر المقبل بالمنستير تحت شعار "لن نتنازل" و6 نوفمبر المقبل بجندوبة . وتأتي هذه التحركات بعد اجتماعات حاشدة بسوسة وتوزر وولايات أخرى ، وفي وقت قررت فيه النقابة العامة للتعليم الثانوي تنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 1 نوفمبر المقبل بكافة المعاهد والمؤسسات التربوية ،قبل نزول المركزية النقابية بثقلها في خطوات يبدو انها مدروسة للضغط على حكومة يوسف الشاهد. وفي ظل المعطيات والمؤشرات الحالية يبدو ان اتحاد الشغل يعد هياكله ل"المواجهة" في الاسابيع القادمة في ظل تلويحه بتصعيد تحركاته اذا تواصل لي الذراع بينه وبين الحكومة لاسيما اذا رفضت مراجعة قراراتها وتعديل بعض ما تضمنه قانون المالية خاصة ان الامين العام للاتحاد حسين العباسي جدد اليوم بمدنين تأكيده على أن الاتحاد لا يقبل التأجيل للزيادات لانه ضرب للتفاوض ويعتبر تنكرا للاتفاقات بعد ان نبه الاتحاد وقال "إن الأموال موجودة في تونس و على الحكومة العمل على جلبها" لكن ذلك لن يكون دون التوجه نحو الحلول الجريئة على حد تعبيره. وبعيدا عن لي الذراع والتصريحات والتلويح بتصعيد التحركات يعلق أغلب التونسيين على الاجتماع الحاسم الذي سيجمع الأسبوع المقبل اعضاء الحكومة بالمكتب التنفيذي لاتحاد الشغل لعله يفضي الى حلول توافقية تريحنا من سيناريوهات مجهولة العواقب لاسيما ان بلادنا تمر بوضع دقيق لا يحتمل المزيد من المواجهات والهزات .