بعد أن هجر البرامج السياسية وملّ صراخ السياسيين وأكاذيبهم وألاعيبهم،حول المشاهد التونسي وجهته نحو البرامج الرياضية علّه يجد فيها بعضا من المتعة وما ينسيه قرف السياسة وصعوبة المعيشة،ولكن يبدو أن حال أغلب بلاتوات الرياضية لا يختلف كثيرا عن المنابر السياسية،حيث انخرط أصحابها في لعبة "البوز" وهو ما جعل الحديث يكثر عن عمليات تصفية حسابات وتبيض لشخصيات أو هياكل أو تدمير لأخرى مع اتهامات كبيرة بغياب الحيادية عن جل البرامج الرياضية."الصباح نيوز" فتحت هذا الملف وتحدث مع بعض المتدخلين في هذا المجال وخرجت بالورقة التالية: عادل بوهلال (مقدم برنامج بالمكشوف) "ليست لدينا حسابات لنصفيها" يرى عادل بوهلال مقدم برنامج بالمكشوف بأنه والفريق العامل معه في الحصة حريصون على تقديم مادة رياضية دسمة بعيدا عن الإثارة وقوامها الحياد والمسؤولية والأمانة الصحفية مشيرا إلى برنامج "بالمكشوف" ليست له حسابات ليصفيها وهو يتعامل مع الأحداث الرياضية بكل موضوعية بعيدا عن "العياط" والتراشق بالتهم. وأضاف محدثنا بأن حال الكرة في تونس لا يصر ولكن الأخطر من كل هذا هو السكوت المريب من سلطة الإشراف على التصريحات النارية والاتهامات الخطيرة التي يطلقها المسؤولون واللاعبون وبعض الحكام وكأن الرياضة لم تعد تعني القائمين على الشأن الرياضي في البلاد.داعيا الجميع إلى التحلي بروح المسؤولية والابتعاد عن إثارة الفتنة والنعرات الجهوية التي بدأت في التفشي بما يشكل تهديدا حقيقيا للسلم الاجتماعي. خليفة الجبالي (صحفي بالإذاعة الوطنية) "أغلب برامجنا الرياضية تخدم دهانة" خليفة الجبالي المعلق الرياضي الشهير يرى أن الغث طغى على السمين فيما يتعلق بالبرامج الرياضية التي باتت تحكمها لعبة تصفية الحسابات بل وأكثر من ذلك فتبيض أشخاص والرفع من أسهمهم وتدمير البعض الأخر وتشويهم بات الشغل الشاغل لبعض الصحفيين والمحليين قائلا في هذا المجال "جل البلاتوات ولات تخدم دهانة".وأكد الجبالي بأن غياب المادة الرياضية عن هذه البرامج وتركيزها المفرط على الإثارة وخدمة أجندات معينة جعله يهجرها تماما كما هجر منابر السياسة والسياسيين.ودعا الجبالي القائمين على هذه البرامج إلى أن يكونوا أكثر حيادية وموضوعية في نقل الأحداث والتعليق عنها وأن يكون نقدهم بناء لا من أجل الهدم والتشفي وهذا لا يكون طبعا إلا في حال تجنب استضافة بعض الوجوه المعروفة "بالتلحيس". وليد قرفالة (مقدم برنامج الزيتونة سبور) "لعبة تصفية الحسابات أفسدت القطاع" رغم قلة الإمكانيات وعدم امتلاك الموارد لاقتناء حقوق النفاذ إلى الملاعب،فقد نجحت مصلحة الرياضة بقناة الزيتونة في تقديم برنامج ثري ومتكامل وبعيد عن الإثارة،أثثه بامتياز الزميل وليد قرفالة الذي أكد لنا بأن ما يحدث في جل البرامج الرياضية تجاوز كل الحدود وبات الأمر مقرفا للغاية،حيث بات المتفرج غير راغب في متابعة برامجنا الرياضية وغير وجهته نحو البرامج العربية. وأشار قرفالة إلى أنه من غير المقبول أن يتحول برنامج الأحد الرياضي من برنامج لنقل ملخصات المباريات إلى برنامج حواري يخصص أكثر من خمس حلقات لتناول الإشكال القائم بين الزميل رازي القنزوعي ورئيس الجامعة وهو ما أشعر الجميع بوجود رغبة جدية في تصفية حسابات بين الطرفين.مضيفا بأن هذا النهج لا يخص فقط برنامج الأحد الرياضي بل يتجاوزه إلى جل البرامج الأخرى والتي تركت "الكرة" وتفرغت لسرد المشاكل و البحث عن "البوز" والإثارة.ولئن شدد قرفالة على حرية الصحفيين في نقد الظواهر الرياضية على الساحة فإنه يرى أنه من الضروري تخصيص برامج حوارية للغرض حتى لا تفسد لعبة المصالح الشخصية هذا القطاع الذي يجب مراجعته سريعا حتى يقع تنظيفه من كل الشوائب التي أضرت به. نادر داود (محلل رياضي) "الاعلام لا يتحمل المسؤولية" يرى نادر داود بأن بعض البرامج الرياضية قد التحقت بركب البرامج السياسية والثقافية التي يميزها "العياط وتطييح القدر" وتحكمها لعبة البوز والإثارة،لكنه في المقابل يرى انه من الإجحاف تحميل المسؤولية للإعلام لأن تصرفات المسؤولين والمدربين فرضت على القائمين على هذه البرامج تخصيص حيز هام لها في ظل ضعف المستوى الفني المقدم في البطولة،مشيرا إلى أنه نقد هذه الظواهر ظاهرة صحية إن لم تكن تحركها أهواء شخصية ورغبة خفية في تصفية حسابات ضيقة أو تلميع صورة هذا وتشويه صورة الآخر.وأضاف محدثنا بأن الجماهير الرياضية تطالب بالتركيز على الملعب وكشف إيجابيات وعيوب نواديها لا التركيز على المشاكل وردود الفعل المتشنجة التي بات ملحا مميزا لجل هذه المنابر. وختم محدثنا كلامه بالتأكيد على أن التلفزة الوطنية وبرنامج الأحد الرياضي تحديدا وجد نفسه مجبرا على التفاعل مع هذه الأحداث وذلك حتى لا تتجاوزه الأحداث وحتى لا يتهم بالتمييز في المعاملة ولكنه شدد في المقابل على أن هذه الحصة لا تغذيها حرب الحسابات وإنما تسعى لتكون حيادية إلى أبعد الحدود مطالبا الجميع بالتركيز على النقد العميق والبناء والابتعاد عن توجيه الاتهامات جزافا ودون أدلة قاطعة. وبين واجب متابعة وتغطية الأحداث الرياضية وضرورة التحلي بالحيادية والمصداقية،تبقى البرامج الرياضية في حاجة إلى مراجعات كثيرة حتى لا يطالها غضب المشاهدين الذين اختار جزء كبير منهم التركيز على البطولات الأوروبية للهروب من جحيم الملاعب التونسية.