أشرف محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب صباح اليوم الاثنين ، على افتتاح ملتقى حول "إصلاح الضمان الاجتماعي في تونس : التحديات والحلول"، الذي تنظّمه الجمعية للجمعية التونسية للقانون الإجتماعي والعلاقات المهنية يومي 27 و 28 مارس الجاري، بالشراكة مع المعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية والمؤسسة الألمانية "فردريشايبريت" وبالتعاون مع الأكاديمية البرلمانية بمجلس نواب الشعب. وأكّد رئيس مجلس نواب في كلمته الافتتاحية أهمية موضوع هذه الندوة الذي يهم الحاضر والمستقبل ،مبينا انه لا يمكن الخوض في هذه القضية المجتمعية إلاّ وفق نظرة تشاركية تسعى إلى إرساء توافق بين كل القوى المجتمعية السياسية والمدنية حول النمط الذي نريده ، ومؤكّدا أن مساعي إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي لا يمكن أن تنجح إلاّ إذا انطلقت في إطار عقد اجتماعي جديد بين كل الشرائح والأصناف الاجتماعية. وبيّن محمد الناصر أن سياسات الضمان الاجتماعي تشكّل عاملا أساسيا في بناء التضامن بين الأجيال والأصناف الاجتماعية وفي تحقيق التوازن بينها. واضاف ان التحولات الإستراتيجية العالمية التي كرست منذ نهاية القرن العشرين انتصارا شبه مطلق لاقتصاد السوق وللنظام الديمقراطي الليبرالي لم تُلغِ دور الدولة ودور المجتمعات وهو ما سيبقى للدولة دورا تعديليا في المجال الاجتماعي لتجاوز الإفرازات السلبية للاقتصاديات التنافسية، كما ستبقى الدولة العامل الرئيسي في تحقيق الانسجام والاستقرار الاجتماعي في المجتمعات. واكّد محمد الناصر أنّ تناول تحديات إصلاح النظام الاجتماعي في تونس يستوجب التشخيص الجرئ للوضع الراهن، مشيرا في هذا الصدد إلى الأزمة التي تواجهها منظومة الضمان الاجتماعي بسبب العجز المتراكم في توازناتها المالية، والى حرمان نسبة هامة من المواطنين من التغطية الاجتماعية رغم اتساعها بمقتضى القانون لتغطية مختلف العاملين في القطاع الصناعي والفلاحي وفي قطاع الخدمات، إضافة إلى ضعف جرايات التقاعد بالنسبة لبعض أصناف العملة وعدم قدرتها على تسديد أدنى الحاجيات الإنسانية للمواطن. وبيّن أن التحدي المركزي الذي تواجهه أنظمة الضمان الاجتماعي يكمن في التعجيل بٍإرساء إصلاح دائم وعادل ومتوازن يشكّل مسؤولية وطنية ويرمي إلى تحقيق هدفين رئيسيين أولهما عاجل وثانيهما على مدى متوسط وبعيد. وبيّن أن الهدف الأول يخص تحقيق التوازنات المالية لصناديق الضمان وتحسين مردوديتها، مبرزا ما يتطلبه ذلك من تبصّر وإبداع في ابتكار مصادر جديدة لتمويل الصناديق.، مبرزا أربعة جوانب يجب اعتمادها في التفكير في هذا الباب ويتعلّق اوّلها بأهمية تشخيص الصعوبات والرهانات الاقتصادية، وثانيها باعتماد مقاربة إصلاحية متمحورة على حزمة من الإجراءات والمبادرات المتناسقة والمتلائمة اجتماعيا وتشريعيا، أما الجانب الثالث فيهم قابلية تنفيذ المقترحات على أساس وفاق وطني يقوم على حوار اجتماعي واسع ، في حين يتصل الجانب الرابع بأن تكون تلك المقترحات قاعدة لبناء نظام للتغطية الاجتماعية الشاملة أكثر تطورا وعدلا وديمومة حتى ينتفع به كل أفراد المجتمع ويكون تعبيرا عن روح تضامنية وطنية. وتعرض رئيس مجلس نواب الشعب إلى الهدف الثاني البعيد المدى والمتمثل في بناء نظام لتغطية اجتماعية شاملة ومستدامة يوفّر حدا أدنى من الدخل والتغطية الصحية الشاملة في إطار ما يسمى بالأرضية العامة للحماية الاجتماعية التي أصبحت مرجعا للدول في منظمة العمل الدولية. وبين رئيس مجلس نواب الشعب أن هذه التحديات تستوجب توحيد الصف الوطني وتحقيق التوافق الواسع عبر الحوار، مشيرا إلى أن مسؤولية تحقيق النجاح موكولة إلى كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية من ناحية والى كل قوى المجتمع المدني وكافة المنظمات من ناحية أخرى. وبيّن أن مجلس نواب الشعب باعتباره ممثلا لطموحات الشعب التونسي ومشاغله هو الإطار المحرّك لتحديد ملامح وأهداف وآليات عملية التأسيس لمنظومة ضمان اجتماعي تونسي جديد ناجع وعادل وعصري. وقد حضر الجلسة الافتتاحية بالخصوص وزير الشؤون الاجتماعية ورئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وممثلين عن كل من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، ومدير المعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية والممثل المقيم لمؤسسة فردريشايبرت، ومدير مكتب منظمة العمل الدولية لدول المغرب العربي – الجزائر، إلى جانب عدد هام من أعضاء مجلس نواب الشعب.