قال زبير الشهودي القيادي وعضو مجلس شورى حركة «النهضة» في حديث ل»القدس العربي» إن تشكيل هيئة للتنسيق بين الحركة وحزب «نداء تونس» يأتي في إطار تحسين أداء الحكومة ودعمها في حربها ضد الفساد، منتقداً في الوقت نفسه حالتي «الغموض والانتقائية» التي تمارسها الحكومة في حربها ضد الفساد، كما اعتبر أنها تتحمل جزءًا كبيراً من المسؤولية الأخلاقية والسياسية في عملية ذبح الشاب خليفة السلطاني من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» المتطرف. وانتقد، من جهة أخرى» التهم «الجائرة والمفتعلة» ضد قطر، والتي اعتبر أنها «نقطة مضيئة سياسياً وإعلامياً في العالم العربي»، داعياً السعودية إلى المساهمة في رأب الصدع وتجاوز الخطابات التي قال إنها تساهم في زيادة شق الصف العربي، كما انتقد الاتهامات الموجهة لحركة «حماس» الفلسطينية والمتعلقة بالإرهاب، مشيراً إلى أن جميع المواثيق الدولية تقر لها الحق بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي. وكانت كتلتا «النهضة» و»النداء» عقدتا مؤخراً اجتماعاً مشتركاً أفضى إلى جملة من القرارات، أبرزها «إرساء هيئة عليا دائمة للتنسيق بين الحزبين والكتلتين (...) من أجل دعم التنسيق بين كل الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج والمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية. وتجديد التزام الحزبين بدعم المجهودات المبذولة في الحرب على الفساد في إطار الدستور والقانون والعمل على التسريع في المصادقة على القوانين الضامنة لذلك. وحث الحكومة على دعم وتحفيز الاستثمار والتنمية بالجهات والتسريع في الوفاء بالوعود التي التزمت بها لفائدة المعطلين عن العمل». وقال الشهودي، في حوار خاص مع «القدس العربي»، إن الاجتماع الأخير يهدف إلى زيادة التنسيق بين «حزبين يعتبران أكبر داعمين للحكومة، من أجل تحسين أدائها فيما يتعلق بخياراتها السياسية وخاصة ملف مقاومة الفساد والإرهاب، وهذا يتطلب تعاوناً أكثر ليس بين الحزبين فقط بل بين جميع الأحزاب الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية، وخاصة أن الحكومة لها الآن أكثر من واجهة، وتحتاج إلى إسنادها في مقاومة الفساد وتطوير أدائها الميداني». وكان الاجتماع الأخير بين الحزبين أثار موجة من الانتقادات من أطراف عدة، حيث أكد المنسقون الجهويون ل»النداء» رفضهم للقرارات المنبثقة عن الاجتماع معتبرين أنها ابتعاد عن الخط الفكري للحزب واصطفاف خلف حركة «النهضة»، فيما اعتبر القيادي في حركة «مشروع تونس الصحبي بن فرج أن الاجتماع الأخير بين «النداء» و»النهضة» يهدف أساساً إلى «إنقاذ» الحزبين من التداعيات المحتملة للحرب على الإرهاب والتطورات الجديدة في الشرق الأوسط وخاصة الأزمة الأخيرة في الخليج. واعتبر الشهودي أن الانتقادات الموجهة للاتفاق الأخير للحزبين أمر طبيعي يدخل في إطار «التنافس»، مشيراً إلى وجود أطراف غاضبة من العلاقة بين حزبي «النداء» و»النهضة» والتي تتلخص ب»التعايش الوظيفي الذي يؤدي المهام الموكولة بين الحزبين». وحول تقييمه للحملة التي يقودها رئيس الحكومة يوسف الشاهد ضد رموز الفساد في البلاد، قال «نحن، كما أسلفت، ندعم الحملة ضد الفاسدين، ولكن النهضة نبهت في وقت سابق إلى أن هذا الأمر لا يجب أن يكون انتقائياً وليس ظرفياً، كما أن هناك بعض الغموض في السياسات والخيارات الحكومية حول هذا الملف، فنحن ندرك تماماً أن المفسدين في تونس متنوعون وعددهم أكثر بكثير من الذين تم القبض عليهم أو إيداعهم في الإقامة الجبرية، لذلك بالحكومة مطالبة بتوضيح الغموض حول سياستها في مقاومة الفساد ويجب أن يتم ذلك في إطار القانون ويجب ألا يكون استثنائيًا». واعتبر، في السياق، أن الحكومة تتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية والأمنية حول ذبح الشاب خليفة السلطاني من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» المتطرف، وأضاف «بلا شك، هي جريمة نكراء وتؤكد أن الإرهاب جبان يضرب في مناطق الضعف والأقل حظاً (على صعيد الحماية)، ولكن تتحمل الحكومة مسؤولية إهمالها لهذه المناطق وحماية هذه العائلة نفسها (عائلة السلطاني)، هذه حقيقة لا بد أن يكون الإنسان صريحاً فيها». وحول موقف حركة «النهضة» من الأزمة القائمة في الخليح العربي، قال الشهودي «كنا وما زلنا ندعو للوئام والتآخي العربي، ونتمنى من السعودية – باعتبارها الشقيقة الكبرى في الخليج – بالمساهمة في رأب الصدع وتجاوز هذه الخطابات التي تساهم في زيادة شق الصف العربي. وأود الإشارة إلى أن حجم التعاطف الشعبي في تونس مع قطر كبير جداً وخاصة من أنصار حركة النهضة، ولا بد من التذكير بأن قطر هي من أهم الدول التي ساندت الدولة التونسية وهي أهم من استثمر في تونس ما بعد الثورة في أكثر من محطة اقتصادية ومالية (سواء عبر الودائع أو القروض) وغيرها». وأضاف «لا يمكن لأي شخص (عاقل) أن يتهم قطر بالتطرف او الإرهاب لأنها أكثر دولة منفتحة إعلامياً وسياسياً، بل هي نقطة مضيئة من حيث بروز سياساتها وإسهامها الإعلامي والثقافي والسياسي، ولذلك نؤكد أن هذه الاتهامات هي افتراءات زائفة ومفتعلة وبلا دليل». كما انتقد الاتهامات الموجهة لحركة «حماس» الفلسطينية والمتعلقة بالإرهاب، مشيراً إلى أن جميع المواثيق الدولية تقر لها الحق بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي و»نحن نعتبر أنفسنا كقاعدة شعبية (النهضة) وراء حماس في مقاومتها للكيان الصهيوني ونعتبر أن المواقف التي تمس من رمزيتها (كحركة مقاومة) لا تخدم إلا الكيان الصهيوني».