الباجي لاعب رئيسي.. الغنوشي يناوره أحيانا ..والعذاري وزير بالإسعاف.. -اللامركزية كلمة حقّ يريدون بها باطلا وتفكيك الدولة -التوزير اليوم، نقمة وليس نعمة أمام الوضع الاقتصادي وفي ظلّ الأزمة والانحطاط الأخلاقي لبعض السياسيين -أوّل باب لعودة الاستبداد هو الانحطاط الأخلاقي -رسالتي لمنتقدي تركيبة الحكومة الجديدة: دعونا أولا نسترجع مؤشرات وأرقام 2010 ثم تفضلوا بتعيين نوابغكم وكفاءاتكم أكّد النائب عن الكتلة الوطنية وليد جلاد في حوار ل"الصباح الأسبوعي" أنّ الحاكم الحقيقي في تونس هو الرئيس الباجي قائد السبسي، وقال إنّ هذا الأخير توّجه بالعديد من الرسائل في مقدمتها فشل النظام السياسي الحالي في انقاذ الاقتصاد. وأضاف جلاد أنه لابدّ من تأجيل الانتخابات البلدية ولا يمكن تركيز اللامركزية وفق النظام السياسي الحالي، وأوضح بخصوص الحكومة الجديدة أنّ السياسيين جميعا يقدرون أنه لا تهمّ الانتماءات بقدر ما تهمّ الكفاءات. وفي ما يلي نصّ الحوار: -كيف تُقيّم وضع البلاد الحالي؟ الوضع الحالي فيه الإيجابي وفيه السلبي، ففي ما يخصّ الملف الأمني حققنا العديد من النجاحات وأيضا هناك تقدّم جريء في الحرب على الفساد.. -ألا تعتبر الحرب على الفساد حربا انتقائية كما وصفها البعض؟ هذا غير صحيح، نحن اليوم في نظام ديمقراطي تحكمه مؤسسات عجزت في السابق عن مقاومة الفساد إلى درجة أنه استفحل وانتشر وحكومة يوسف الشاهد هي الوحيدة التي تمكنت من فكّ العقبة باللجوء إلى اجراءات استثنائية وهي قانون الطوارئ. في السابق كانوا في مجلس النواب وغيره يتحدون رئيس الحكومة ويتحدثون عن عدم قدرته على إيقاف حتى مهرّب واحد لكنه اليوم تمكن من إيقاف رموز الفساد. وفي نفس الوقت تقدّم إلى المجلس بمشاريع قوانين لمواجهة الحرب على الفساد مثل حماية المبلغين والقانون الاساسي لهيئة مقاومة الفساد والحوكمة الرشيدة ومشروع قانون الاثراء غير المشروع. إلى جانب ذلك أعطى قضاة القطب القضائي جميع الصلاحيات كما قام بانتدابات استثنائية في القضاء مع تمكينهم من امتيازات وزيادات في الأجور وبالتالي تعزيز الامكانيات اللوجستية والبشرية للسلطة القضائية، بالإضافة إلى التوقيع على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالشراكة مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. -هل أن التركيبة الجديدة للحكومة وفق الأسماء المدرجة بها ستدعم تمشي يوسف الشاهد في حربه على الفساد؟ في اعتقادي تقييم هذه التركيبة يكون وفق الملفات والتحديات المطروحة اليوم كالملف الأمني ومقاومة الارهاب إضافة إلى الحملة على الفساد، وبعودة بسيطة إلى الوراء نلاحظ أن العمليات الاستباقية التي جنبت تونس كوارث كان من الممكن أن تحدث في هذه الصائفة قامت بها مؤسسة الحرس الوطني، فلطفي ابراهم هو ابن هذه المؤسسة وما تغيير وزير الداخلية إلا دليل على هذا النجاح. ولكن النجاح أو الفشل لا يتحمّله وزير لوحده وإنما مؤسسة كاملة فالهادي مجدوب قام بواجبه ودوره وفي نفس الوقت لا يمكن التشكيك في وطنية الوزير الجديد ولا في نجاحاته. ونفس الشيء بالنسبة لوزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي. -فكيف تُقييم إذن هذه التركيبة التي اعتبرها البعض تركيبة سياسية وحزبية بامتياز؟ صحيح.. ولكنهم كفاءات وطنية، رغم أن بعض الأسماء هي من رموز النظام القديم ولكن في نفس الوقت نتساءل ما الهدف الذي نريد تحقيقه اليوم في الاقتصاد هو العودة إلى أرقام ونسبة الاستثمار والتداين لسنة 2010. فرسالتي لمنتقدي هذه التركيبة هي دعونا نسترجع أولا هذه المؤشرات ثمّ تفضلوا بتعيين نوابغكم وكفاءاتكم فنحن رأينا التعيينات في الحكومات السابقة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وفي عهد "الترويكا" فشلت في دعم النمو وتحريك الاقتصاد. فالثورة حققت الحريات ولكن لم نحقق لا السلم الاجتماعي ولا الاقتصادي. -إذا لا احتراز لديك على التركيبة الجديدة؟ لا، لدي احتراز من حيث الشكل في ما يخصّ تمثيلية النساء فهي رسالة غير مرضية رغم وجود العديد من الكفاءات النسوية لكن من ناحية المضمون لا اعتراض لي. والسياسيون جميعا يقدرون أنه لا تهمّ الانتماءات بقدر ما تهمّ الكفاءات. فنداء تونس إذا رشّح كفاءات هل نقوم بمعاقبته فجلّ من تمّ تعيينهم لم ينشطوا في الحزب ولم يكونوا من مؤسسيه بل تبناهم مثل رضا شلغوم وحاتم بن سالم. وأنا في تقييمي لحركة النهضة فقد خسرت مقاعد مثل التجارة والصناعة والتشغيل ولا دور لوزارة التنمية والتعاون الدولي بعد المصادقة على مخطط التنمية حتى سنة 2020. وكنت أتمنى أن لا يكون الوزير زياد العذاري في الحكومة الجديدة لأنه فشل في ملف التجارة والصناعة والدليل على ذلك تراجع الميزان التجاري واعتبره نجح في هذه الحكومة الجديدة "بالإسعاف".. أسعفه يوسف الشاهد وهذا لإرضاء حركة النهضة. في المطلق التوزير اليوم هو نقمة وليس نعمة أمام الوضع الاقتصادي الذي توجد فيه المالية العمومية وفي ظلّ الأزمة والانحطاط الأخلاقي لبعض السياسيين وقلة الأدب واستغلال منبر مجلس نواب الشعب لتقليل أدبهم إزاء السادة الوزراء.. -تقصد النائبة سامية عبو؟ أقصد سامية عبو وغيرها وشخصيا لن أسمح من هنا فصاعدا بهذا التصرف وكلّ شخص يقلّل من أدبه في مجلس النواب سأواجهه بالمثل. وأوّل باب لعودة الاستبداد وقمع الحريات هو الانحطاط الأخلاقي. -قال الرئيس الباجي قائد السبسي إنّه أخطأ التقييم في ما يهمّ التوافق مع حركة النهضة؟ ما تعليقك على ما جاء على لسانه؟ دائما خطابات الرئيس عبارة عن رسائل وفي كلّ مرّة ومناسبة يؤكد أنّه الفاعل الرئيسي ورقم واحد في السياسة، فبكلمة واحدة يقلب الرأي العام التونسي والخارجي. وهذا يسعدني شخصيا. وردّا على الذين يتساءلون من احتوى من؟ أنا أقول إن الباجي في تونس احتوى كامل الطبقة السياسية واحتوى حركة النهضة التي كنا نتوقع منها ردود أفعال كبيرة منها ولكنها لم تفعل. وأؤكد أنه يعلم جيّدا كيف "يُلاعب" النهضة. -لكن من تداعيات هذا الاحتواء تفكك حزب نداء تونس وتراجع تمثيليته النيابية في مجلس نواب الشعب؟ "يكذب عليك" اليوم لا وجود لا لنداء تونس ولا لحركة النهضة، وحسب ما يظهر اليوم من ضعف للمشهد السياسي يجرّني إلى الحديث عن نظام الحكم فضعف الأحزاب وهشاشتها جعلت من الباجي قائد السبسي الفاعل الرئيسي. وقد يناوره بعض الشيء راشد الغنوشي. لأن النظام السياسي اليوم جعلنا في هذه الوضعية، وهذه أكبر عملية تحيّل سياسي حدثت في تونس في عهد الترويكا التي تغير معها نظام الحكم والقانون الانتخابي إلى جانب الباب السابع من الدستور وتفكيك الدولة باللامركزية وهي كلمة حقّ يريدون بها باطلا أمام ضعف الدولة المركزية. -هل لابدّ من تغيير النظام السياسي لتحقيق اللامركزية؟ بالضبط، بالنظام السياسي الحالي والقانون الانتخابي الحالي أيضا سيقع تفكيك الدولة بمسألة اللامركزية. فالمشهد السياسي بمجلس نواب الشعب سيُفرز 350 مشهدا مثله في البلديات. فالحاكم الرئيسي للبلاد هو الباجي قائد السبسي، اليوم هو موجود، وغدا هل سيكون معنا؟ -أنت مع تأجيل الانتخابات البلدية وفق تحليلك؟ أكيد يجب تأجيلها لعدة أسباب فالصراع "الفايسبوكي" في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أفقدها هيبتها وصورتها وأيضا مسألة الشغور، ثمّ هل يُعقل التصويت لرئيس بلدية لا نعلم ماهو دوره. اليوم لابدّ من حوار سياسي شامل لان فشلنا الاقتصادي سببه الفشل السياسي ونحتاج إلى تقييم سواء بالنسبة للدستور أو النظام الانتخابي. -برأيك ما هي الرسائل التي بعث بها الباجي قائد السبسي من خلال حواره؟ العديد من الرسائل المهمّة خاصة المتعلقة بالنظام السياسي، فأنا مع رئيس الجمهورية في أنّ سبب الاخفاق الاقتصادي هو الفشل السياسي فلا يمكن انجاح مسار الانتقال الديمقراطي دون تحقيق نجاح اقتصادي واجتماعي. نجحنا أمنيا ولكن اقتصاديا مازلنا بعيدين عن أهدافنا. -هل ترى أن دور الاتحاد العام التونسي للشغل قد تغيّر مع مكتبه الجديد يعني انه أصبح أكثر ليونة مع الحكومة؟ أقول قيادات المنظمة الشغيلة وعلى رأسهم نور الدين الطبوبي، ففي هذا التحوير كان لهم دور وطني بامتياز، وما أدعو إليه هو أن يكون كلّ النقابيين في مستوى القيادات العامة للاتحاد العام التونسي للشغل. وكلّ النقابات الأساسية والقيادات الجهوية والنقابات القطاعية تكون في نفس مستوى القيادات المركزية لتجنيب البلاد المطالب اللامعقولة. اليوم تونس في حاجة إلى كل المنظمات الوطنية لإنجاح هذه الحكومة لأن فشلها يُساوي الفوضى الاجتماعية وانهيار الدولة والاقتصاد وهذا ينسحب أيضا على قيادات المعارضة التي بإمكانها أن تورث الحكم في المستقبل. -ماهو دور مجلس النواب في هذا المسار ككلّ؟ وهل يجب الاستمرار بسياسة التوافق في سنّ التشريعات والسياسات؟ من المفروض أن يلعب مجلس النواب دوره ولكن بالنظام السياسي الحالي لن يتمكن من ذلك وسياسة التوافق كان فيها الايجابي والسلبي ولكن يجب اليوم أن نتوافق على تونس ولكن لا يجب ان نتوافق على كل السياسات فلكلّ رؤيته. وإذ لا نعلم اليوم أي الأحزاب يحكم ويسيّر البلاد لا يمكن المحاسبة أو التقييم. فالذين صوتوا للنداء وجدوا النهضة والعكس بالعكس فمن ستحاسب اليوم؟ -هل كان على النداء فور الفوز في الانتخابات التشريعية تعيين حكومته؟ أنا أتصور أن الحكومة الحالية إذا كانت هي حكومة سنة 2014 لما كان الوضع على ما عليه اليوم، فمشكلة سياسة التوافق أهدرنا بها الكثير من الوقت وخسرت تونس الكثير. وكان من الأفضل تكوين حكومة وحدة وطنية منذ البداية. -وأنت سياسيا أين تتموقع؟ سياسيا مازلت متمسكا بالخطاب التأسيسي لحزب نداء تونس، ماعدا ذلك "هربت من القطرة جيت تحت الميزاب" في مشروع حركة تونس لذلك غادرته، ولكنني راض على وضعيتي الحالية كمستقل ولم أندم على الخروج من النداء ولم أندم أكثر على الخروج من مشروع تونس. حاورته: إيمان عبد اللطيف الصباح الاسبوعي بتاريخ 11 سبتمبر 2017