اذا ما اردنا توصيف البيانات والبيانات المضادة الصادرة عن حركتي نداء تونس والنهضة اثر الفشل الذريع الذي وسم الانتخابات الجزئية بدائرة ألمانيا يجوز القول أنها لا تعدو ان تكون سوى زوبعة في فنجان . فنداء تونس الجريح بعد «موقعة ألمانيا» التي ضربته في مقتل ، وهو الذي يعدّ العدّة لخوض انتخابات بلدية يروّج انه سيكون الفائز الاول فيها،اعتبر ان شريكه في الحكم قد خذله فسارع المدير التنفيذي للحزب – وقد يكون بايعاز من اطراف معروفة- الى الاعلان في بيان رسمي ان حزبه سيقوم بالمراجعات الشجاعة والضرورية في علاقة ببعض الأطراف السياسية موكلا للهياكل اتخاذ القرارات المناسبة في اجتماع نهاية الاسبوع قبل ان يقرر أمس تأخير الاجتماع الى العام القادم . من جهته بادر المكتب التنفيذي لحركة النهضة بالرد وبسرعة على موقف النداء في بيان رسمي ربط فيه بين «منّة» المصادقة على قانون المصالحة الإدارية وبين محاولة بعض الأطراف التي اقترن اسمها بالاستبداد والفساد وتسميم الأجواء السياسية والتشويش على المسار وتكريس منطق الاحتقان والاستقطاب وتقسيم التونسيين.. وكأني به يقول إن الحزب أخطأ عندما منح صك البراءة لمن هم يناورون بتوظيفهم شريكه في الحكم لضربه. واثر صدور موقف صارم وآخر محذّر امتلأت البلاتوهات التلفزية والمنابر الاذاعية وصفحات الجرائد بمن انتشروا من قيادات الحزبين لتحليل الهزيمة الانتخابية والتبرير لها وتعليق جزء منها على شمّاعة المتربصين بالتوافق والساعين الى تدميره والى ايصال البلد الى نقطة اللاعودة مؤكدين تمسكهم بميثاق قرطاج وبحكومة الوحدة الوطنية وبالحفاظ على استقرار البلاد ومواصلة التنسيق تحت قبة البرلمان..ملطّفين بذلك الأجواء الساخنة من خلال تحليل ايجابي لأبعاد ومرامي البيانين . وخلاصة القول أن الحزبين على قناعة تامة بأن توافقهما ظرفي فرضته طبيعة المرحلة وواقع المنطقة والتغيرات الحاصلة دوليا وان ما يجمعهما لا يعدو أن يكون غير مصالح مشتركة ساهم رئيس الدولة بمعية رئيس حركة النهضة في وضع آليات التصرف فيها وظلا المحركين الأساسيين لخيوطها ..أما اليوم ورغم تعدد التوصيفات لمفهوم التوافق ،انطلاقا من مواقع الواصفين ، اذ يعتبره البعض مغشوشا ويراه البعض الأخر توافقا مع الدولة التونسية فان مصلحة الطرفين تحول دون فك الارتباط ذلك ان فك الارتباط قبل انتخابات 2019 يمثل السيناريو الأسوأ للطرفين.