عدد الأفارقة غير النظاميين بلغ حوالي 23ألف    شقيق رئيس الترجي الرياضي في ذمة الله    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 21 ماي 2024    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    بلعاتي يؤكّد في بالي أهمية تعزيز التعاون ونقل التكنولوجيا حول تداعيات تغيّر المناخ    تونس : 28 ميدالية ذهبية و المرتبة الأولى في المسابقة الإسكندنافية الدولية لزيت الزيتون    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    وليد كتيلة يتوج بذهبية سباق 100 متر    الرابطة الأولى: مواجهات صعبة لفرق أسفل الترتيب من مرحلة تفادي النزول    دورة رولان غاروس الفرنسية : عزيز دوغاز يواجه هذا اللاعب اليوم    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    القيروان تستعد للامتحانات الوطنية    مناظرة انتداب عرفاء بسلك الحماية المدنية    مفزع/ حوادث: 22 حالة وفاة و430 مصاب خلال 24 ساعة..    فظيع/ هلاك كهل بعد اصطدام سيارته بشجرة..    في الملتقى الجهوي للمدراس الابتدائية لفنون السينما ..فيلم «دون مقابل» يتوج بالمرتية الأولى    الكاف ..اختتام الملتقى الوطني للمسرح المدرسي بالمرحلة الإعدادية والثانوية    توزر ..تظاهرة إبداعات الكتاتيب «طفل الكتاب إشعاع المستقبل»    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    رئاسة الجمهورية السورية: إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    الحماية المدنية التونسية تشارك في عملية بيضاء لمجابهة حرائق الغابات مع نظيرتها الجزائرية بولايتي سوق أهراس وتبسة الجزائريتين    سامية عبو: 'شو هاك البلاد' ليست جريمة ولا يوجد نص قانوني يجرّمها    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    عاجل : سعيد يأمر بإدراج حكم جديد ضد من يعرقل المرفق العمومي    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    ميسي يقود تشكيلة الأرجنتين في مباراتين وديتين قبل كوبا أمريكا    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    رئيس منظمة إرشاد المستهلك يدعو رئيس الجمهورية الى التدخّل لتسريع تسقيف اسعار اللحوم الحمراء    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الاهلي المصري يعلن اصابة علي معلول بقطع جزئي في وتر اكيلس    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي/ المدرسة التونسيّة بين أطماع السياسيين وحمّى الانتخابات وفوضى القرارات
نشر في الصباح نيوز يوم 20 - 01 - 2018


بقلم:د. سلوى العباسي متفقدة عامة للتعليم الثانوي
تلقت «الصباح نيوز» مقال رأي من الدكتورة سلوى العباسي المتفقدة العامة بالتعليم الثانوي تناولت فيه موضوع الإصلاح التربوي الذي تعطل على مدى سنتين بفعل فواعل اجتمعت على الملف وأوقفت لجانه تلبية لمآرب شتّى لا تخفي حسابات شخصية وأجندات حزبية وإيديولوجية تريد إرجاء كلّ شيء إلى محطة 2019 على حساب مدرسة الشعب وأبناء الشعب، وفق تعبيرها.
وشددت العباسي على ان هناك حنينيّة مريبة تسود ما يطبخ في الخفاء بين أروقة وزارة التربية من رغبة في استعادة إصلاحات 2008 و2009 في ظل وجود تفكير جاد في تغيير هيكلة وزارة التربية مرة أخرى دون العودة إلى لجان الإصلاح .
وفي ما يلي نص المقال:
يعيش أهل التربية الميدانيون ككلّ التونسيات والتّونسيين على وقع ما خلّفه قانون المالية من احتجاج وتجاذب ولكنهم تخيروا أن يخوضوا معركة الحفاظ على الصرح الوطني الأخير لتونس وهو المدرسة تصديا لأنواع أبشع من التخريب والنهب والاستنزاف للثروات الوطنية، وهي معركة الإصلاح الميداني الدائم ومحاربة كلّ مسببات الفشل والهدر والضّياع التي تخيّم أكثر من السّابق على واقعنا التربويّ المتردّي إلى هاوية الإهمال والضياع .
وهذا في ظلّ إرادة سياسية لا تبدو - للأسف- جادّة في إصلاح التعليم الوطنيّ إصلاحا جذريا شاملا عاجلا ،من أبسط شروط نجاحه ترك كلّ شيء: الحقائب والمقاعد والفوز الانتخابي للأحزاب.
لقد تعطّل الإصلاح التربوي على مدى سنتين بفعل فواعل اجتمعت على الملف وأوقفت لجانه تلبية لمآرب شتّى لا تخفي حسابات شخصية وأجندات حزبية وإيديولوجية تريد إرجاء كلّ شيء إلى محطة 2019 على حساب مدرسة الشعب وأبناء الشعب.
إصلاحنا التربوي الوطني لا يزال يتأرجح ويخجل حتّى من التصريح بمكاسبه وعلى رأسها المنهاج الدراسي العامّ» الذي لم يكلّف السيد وزير التربية نفسه حتّى جهد قراءته ودرسه وطرحه على جميع الأطراف المحيطة به وعلى الميدان للتفاعل والنّقاش والإثراء .
سكوت وتجاهل غير مفهومين جعلا هذا المشروع الوطني التاريخي يلفه الغموض والأحكام المسبقة لتوجه إليه سهام الطعون من خصوم يعرف انتماؤهم ونواياهم فنعت المشروع بأبشع النعوت من «فساد علميّ « و»فساد ماليّ» وعرضت تصريحاتهم القنوات والإذاعات، في نفس الوقت الذي يقف فيه خبراء هذا المشروع الوطني عاجزين حتّى عن عرض المشروع وبسطه للتّفاعل مع الفاعلين التربويين والأحزاب والمنظمات.
ونفهم من ذلك أنّ مسؤولي وزارة التربية قد تركوا المنهاج بصفته مخطط إصلاح شموليّ جذري شامل يحمل رؤية وطنية موحدة وحلولا جذرية لمشاكل المنظومة ليستغلوا الوضع المنحلّ وتشتت الفرقاء في معاودة تجارب الإصلاح الجزئيّ التّرقيعيّ المتسرّع لمراحل سابقة ظننا أنها انتهت .
هناك حنينيّة مريبة تسود ما يطبخ في الخفاء بين أروقة وزارة التربية من رغبة في استعادة إصلاحات 2008 و2009 وذلك لأننا علمنا أن هناك تفكيرا جادا في تغيير هيكلة وزارة التربية مرة أخرى دون العودة إلى لجان الإصلاح ودون مشاورة الشركاء المعنيين بالأمر ودون الأخذ بآراء خبراء الميدان.
تزمع وزارة التربية الحالية محو الإدارة العامة للبرامج والتكوين المستمر ومعها محو كلّ أثر للبيداغوجيا وهندسة المناهج والمقاربات والكتب المدرسية لتجعل منها هيكلا صوريا يتبع إدارتي التعليم الثانوي والتعليم الابتدائي فتظلّ بذلك البيداغوجيا - شريان كلّ إصلاح ،العصب الأهمّ في المنظومة ، الشرط الأساسي لنجاح خيارات الزمن المدرسي ومنظومة العطل والامتحانات-أسيرة البيروقراطية الإدارية والعمليات الفنية المفرغة من جدواها وتبقى لعبة المصالح والنفوذ والأهواء والترضيات الحزبية وللأطراف أكثر تمثيلية في النقابات.
وتزمع وزارة التربية أيضا الشروع في تغيير البرامج المدرسة الحالية بمقاربة أثبتت فشلها في السابق وهي تلك التي تقوم على التّخفيف والتّنقيح، لتزيد المفتّت المتقطّع تفتيتا والمغلوط غلطا،وتكون العودة مرّة أخرى إلى النظام الثلاثي دون أن يعلم الأولياء وأصحاب الشأن لماذا تمّ اللّجوء إذن إلى النّظام السّداسيّ ،ولماذا تخليّنا عن الثلاثي، ولماذا يبدو النّظام الحالي غير متوازن كثير الثقوب والفراغات التعليمية الخطيرة على تراكم تحصيل الطفل،لمذا هو ممطّط مطوّل في فترته الأولى وضاربها واحد مقابل فترة ثانية قصيرة ضاربها إثنان.
والأسئلة الأهمّ التي من واجبنا طرحها لإنارة الرأي العامّ:
- لماذا نركّب عدّة أنظمة تنظيمية متضاربة على زمن دراسي واحد (سداسي+ أسابيع مفتوحة ومغلقة+ عطل كلّ خمسة أو ستة أسابيع)؟
- إلى متى سيظلّ أطفال تونس فئران تجارب لكلّ من يتولى حقيبة وزارة التربية بدل انتهاج إصلاح منهاجي منظومي شامل؟
لا شكّ أنّ الإصلاح المنهاجي الشامل الذي وضع أسسه الخبراء الوطنيون التونسيون لهو إصلاح علمي بيداغوجي منظوميّ مدروس، أفاد من كل ما يجري في الواقع من تخبّط وفوضى وقد تخطى مقاربة الترقيع لينطلق من حزمة مبادئ أبرزها:
1- أنّ المنظومة تشكّل كلّا لا يتجزأ ،تتعالق مكوناتها جميعا، وتتشابك بشكل نسقيّ لا يسمح بأخذ عنصر بمعزل عن بقيّة الأجزاء وللبيداغوجيا فيها المقدمة والمنتهى.
2- أنّ الزّمن المدرسي هو عبارة عن معادلة مرهفة مدروسة تراعي المحتويات المدرّسة وتوزيعيّة برمجتها على امتداد سنة دراسيّة كاملة مراعاتها التدرّج والتقييم التكويني ومفاصل التقييم الجزائي وحق الطّفل في إيقاع تعليمي رشيد يسمح له بترسيخ مكتسباته وتقويمها وتحسين مستواه ونتائجه على مدى سنة دراسية كاملة وفي علاقة بالمراحل التعليمية ومحطات الامتحانات الوطنية كما يسمح له بالاستمتاع بعطلته وتنمية مهاراته وممارسة هواياته.
3- أن المراجعة الجذرية المتأنية للمناهج الدراسية تلك التي تعيد النظر في هندسة الأهداف والكفايات وتوزيعية الحصص والدروس والمقاطع التعليمية ولحظات التقييم والتشخيص والجزاء والدعم والعلاجلتكون المدخل الرئيسي الذي يفضي إلى بقية المداخل وليس العكس.
وختاما نقول إنّ تحويل البيداغوجيا إلى شأن إداري والعودة الى مقاربة تخفيف البرامج دون توافق،إن أقدم عليهما السيد وزير التربية فسيكون مسهمنا في ارتكاب جريمة تربوية لن يغفرها التاريخ، لأنّ تعليمنا الوطني ليس مشروع أشخاص ولا أحزاب ولا لعبة أهواء تستغل فترة السبق نحو الانتخابات وموقعة الأحزاب ولكنه ملفّ مجتمعي تربوي من أخطر الملفات التي لا يمكن أن تمسك بها الأيادي المرتعشة أو الفاقدة للسيطرة على أزمّة الأمور أو المتفرغّة لمسائل أخرى غير تربوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.