قراءة موسيقية حديثة قائمة على البحث والتجديد في تفاصيل نوبات المالوف التونسي والجزائري قدمها كل من الفنان التونسي زياد غرسة الملقب بشيخ المالوف التونسي والفنان الجزائري عباس الريغي المعروف بأمير المالوف الجزائري في سهرة طربية أمنتها مساء أمس الخميس الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو محمد الاسود بالمسرح البلدي بالعاصمة. وبإطلالته الفنية الوفية للأصالة الموسيقية التونسية والمنفتحة على الحداثة في البحث والإنتاج الموسيقي، قدم زياد غرسة في «عرس الطبوع» وصلات من «نوبة الحسين» التي اشتغل عليها منذ فترة ليقدمها بذوق فني راق لأول مرة للجمهور الحاضر بكثافة مساء امس بالمسرح البلدي بالعاصمة والذي بدا متعطشا لحفلات المالوف والموسيقى التونسية التراثية. زياد غرسة لم يكن مستهلكا للمدونة التراثية الموسيقية بقالبها الثابت بل كشف في عدة مناسبات لجمهوره مهاراته في تطويع الطبوع والمقامات المتأصلة مع رؤيته المتجددة لطابع المالوف، وفي آدائه ل»نوبة الحسين» خاطب غرسة الجمهور بموسيقى متجددة محملة بعبق الماضي الجميل الذي فاح عطره بين الحاضرين في سهرة استثنائية غلبت عليها الهوية الوطنية واستعادت فيها الذوات خصوصياتها وذكرياتها. وبما أن المالوف تراث مشترك بين تونس والجزائر، فقد شارك الفنان عباس الريغي من مدرسة المالوف القسنطينية زياد غرسة في تصميم جزء من عرض «عرس الطبوع»، حيث قدم مقاطع من المالوف القسنطيني التي تلتقي مع المالوف التونسي في طابع الموشحات وتختلف في الطبوع والايقاعات، كما أدى الريغي وصلة من طابع «الرهاوي» الجزائري. «عرس الطبوع» عرض موسيقي جمع 50 عازفا و30 منشدا وتجول بين مقامات المالوف التونسي والجزائري وتضمن ايضا فقرة من المديح والتغني بسيد الخلق ليكون عرضا متكاملا يتواصل فيه البعد الطربي مع البعد الروحي وهو ما أضفى متعة وجمالية للاختيارات الفنية للعرض التي تناغمت مع عزف محترف ومؤثرات ضوئية وتقنية عالية الجودة.
