قالت سعاد عبد الرحيم القيادية في حركة النهضة ومرشحتها للانتخابات البلدية إن ترشيحها على رأس أكبر بلدية في البلاد هو "نجاح" للمرأة بغض النظر عمن سيفوز بهذا المنصب. كما قللت من أهمية التصريحات التي يطلقها بعض السياسيين للتخويف من "المشروع الإسلامي" لحركة النهضة، مشيرة إلى أن الحركة هي حزب كبير مشارك في الحكم ومن الطبيعي أن يتزايد "الحراك السياسي" قبل أي استحقاق انتخابي. من جهة أخرى، اعتبرت أن الدعوة إلى تغيير الحكومة التونسية "سابقة لأوانها" وخاصة أنها تأتي قبل شهر ونيّف من استحقاق انتخابي كبير جداً سيرسخ للحكم المحلي الذي يقتضي تقسيم السلطة في البلاد (سلطة تنفيذية وحكم محلي)، وهو ما يقتضي وجود استقرار سياسي يتطلب استمرار حكومة يوسف الشاهد في مهامها حين إجراء الانتخابات البلدية، لكنها أشارت إلى أن هذا الأمر لا يعني "مصادرة رأي" من يرى ضرورة تغيير الحكومة في الوقت الحالي. وقالت سعاد عبد الرحيم في حوار خاص مع "القدس العربي": "«ترشيحي كان تحدّياً من قبل قواعد حركة النهضة، فالمكاتب المحلية هي التي أعطت الثقة في شخصي ورشحتني، ولذلك أنا أؤكد أنني مرشحة القواعد وليس القيادات في حركة النهضة، وأعتقد أن هذا (الترشح لأكبر بلدية في تونس) هو نجاح للمرأة التونسية، بقطع النظر عن الفوز في الانتخابات أو غيره، فأن تُرشح امرأة تونسية لأول مرة في تاريخ البلاد لأكبر بلدية فيها فهذا يعتبر مكسباً لنا جميعا". وفي ما يتعلق بترشيح حركة ذات طابع إسلامي لشخصية غير إسلامية في منصب هام، قالت عبد الرحيم "الانتخابات البلدية هي جهاز تنفيذي أي مرتبط بقانون أساسي ينظم البلديات، ولا علاقة لها بالصراع الإيديولوجي أو الصراع حول الهوية كي نفرّق على أساس الانتماءات والتفكير، وبالتالي منح الثقة لأي مرشح يتم بعد تقييم عمله بشكل مباشر وإمكانية التواصل مع المواطن، وهذا ما حصل لي مع قواعد النهضة". وأضافت "القانون والدستور التونسي لا يمنعان ترشيح شخصيات نسائية لمناصب عليا في الدولة، حيث تم تقديم ترشّحات نسائية عدة في الانتخابات الرئاسية السابقة، وعموما فالمرأة التونسية حصلت على المراتب الأولى في جميع المجالات، رغم أن العقلية الذكورية ما زالت سائدة لدينا، وقد تكون العائق الأساسي أمام وجود المرأة بنسبة مرتفعة تضاهي نسبة وجود الرجال في مفاصل الدولة ومواقع القرار، ولكن الحركات النسائية ما زالت تناضل كي تكون هناك مساواة في هذا المجال". وأشارت، في السياق، إلى أن حركة النهضة من بين الأحزاب القليلة التي التزمت بمبدأ التناصف الأفقي والعمودي (المساواة بين الرجل والمرأة) في القوائم المشاركة في الانتخابات البلدية و"يعتبر هذا تحدياً جديداً كي تفرض المرأة وجودها، ولدي ثقة كبيرة في المرأة والشباب التونسي، فالقانون أعطى فرصة لصناعة نجوم سياسية جديدة (نسائية أو شبابية)"». وكانت قيادات عدة في حزب "نداء تونس" حذرت التونسيين من انتخاب حركة "النهضة" على اعتبار أن ذلك سيؤدي إلى وضع البلاد تحت حكم إسلامي لمئة عام مقبلة، فيما اتهم محسن مرزوق رئيس حركة "مشروع تونس" الإسلاميين بمحاولة تقسيم البلاد. وعلُقت عبد الرحيم على ذلك بقولها: "حركة النهضة هي حزب كبير وحاكم في تونس اليوم، المرحلة التي تسبق الانتخابات يكون فيها دوماً حراك سياسي يُضاعف الصراعات، وهذه التصريحات لا تُقلقني لأننا دوماً قبل الانتخابات نعيش توترات سياسية (كما أسلفت) وهذا ليس أمراً جديداً، وربما هذه التصريحات مردّها أن بعض الأحزاب السياسية لم تتمكن من تأمين قوائم انتخابية في جميع الدوائر البلدية، وقد يكون هناك تخوف من أن تصبح نتيجة الانتخابات البلدية ليست مرآة عاكسة للانتخابات البرلمانية، كما أن هناك من يتخوف عن «حسن نية» من الانتخابات البلدية التي يرى أنها ستؤدي لتقسيم السلطة وهذا ما يُضعفها، عموما هذه تجربة جديدة في تونس، يعني التخوف مشروع ولكن الاتهامات ليست كذلك». وكانت أغلب الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج عبّرت عن رغبتها بتغيير حكومة يوسف الشاهد، فيما أكدت حركة «النهضة» تمسّكها بالحكومة، مؤكدة أنها لم تفشل في عملها. وقالت عبد الرحيم «أعتقد أن أمامنا مرحلة انتخابية مهمة جداً، فلأول مرة سيتم انتقال السلطة من المركزية إلى المحلية أو سيقع تقسيم السلطة بين الجانبين، وهذا تفعيل للباب السابع من الدستور وهو تحدٍ واستحقاق كبير جداً بالنسبة لتونس، وأن يكون هناك تغيير وزاري أو إسقاط للحكومة الآن، فأعتقد أن هذا سابق لأوانه لأنه لا بد من تركيز كل الجهود نحو الانتخابات البلدية المقبلة، وإذا كان ثمة من يرى أن هذه الحكومة لم تحقق الأهداف المطلوبة منها ويرى ضرورة تغييرها فيحق له ذلك، ولكن الوضع لا يحتمل في كل مرة أن نُغير الفريق الحكومي، فهذا فيه عدم استقرار للحكومة، وعموما الانتخابات البرلمانية قريبة (في)2019 والصندوق سيحدد مصير الأحزاب السياسية». (القدس العربي)