تحدّث رئيس الحكومة يوسف الشاهد اليوم الجمعة في كلمة أمام نواب الشعب، حول الرؤية لدور الدولة. وقال الشاهد: "لا يجب أن ننسى أن الدولة الوطنية في تونس شُيّدت على فكرة مهمة، هي ان مدرسة الجمهورية يلزم تكون مصعد اجتماعي في منظومتنا، ولكن للأسف الناس الكل تعرف انه في العقود الأخير الوضع تدهور، والمصعد الاجتماعي الذي نتحدث عنه فعلا معطل." كما أضاف: "قناعتنا ان الزعيم بورقيبة، والأشخاص التي بنت الدولة الوطنية كانوا على حق، لأن المعرفة والفكر هما المناجم الحقيقية للبلاد وهما السبيل الوحيد للنهوض بتونس. لهذا التعليم بالنسبة لنا هو أولوية"، مُوضحا: "اليوم، الناس الكل تعرف الإشكاليات الكبيرة اللي تعاني منها مدرسة الجمهورية على كلّ المستويات ...المؤسسات التعليمية متاعنا 50% منها عمرها تجاوز 50 سنة . هذا، بالاضافة لغياب الصيانة اللازمة طيلة عقود، يعطي تدهور كامل للبنية الأساسية متاع المؤسسات. مدرستنا تعاني أيضا من نقص كبير على مستوى الإطار التربوي ونقص آخر في القيمين والعملة. والنقص في منظومة التكوين الأساسي والمستمر. ومشكلة في الزمن المدرسي والمقاربات البيداغوجية ومنظومة التقييم. مشاكل عديدة.. والمشاكل هذه بتراكمها انطلقت ظواهر جديدة في المدارس والمعاهد مثل تفشي ظاهرة العنف واستهلاك المخدرات وتنامي ظاهرة الانتحار لدى الأطفال من التلاميذ... 170 محاولة إنتحار في 2017 وأكثر من 17000 حالة عنف في 2017". واعتبر الشاهد انّ كلّ هذه المشاكل "أثّرت بشكل كبير على النتائج المدرسية وعلى نجاعة المنظومة التربوية من حيث الجودة والاستمرارية، وقدمت نتائج كارثية لم نعد نقبل بها ، مقدما بذلك 3 مؤشرات: الأولى ترتيب تونس في آخر المراتب في بيزا الدولي (المرتبة 66 من 74)، الثانية أنّه تم تسجيل أكثر من 7 آلاف صفر في مادة الفرنسية في الباكالوريا وثالثا وربما أهم رقم مفزع قرابة 100 ألف منقطع عن الدراسة سنويا، أي ما يعادل 300 منقطع يوميا". وفي نفس السياق، قال الشاهد انه أمام هذه الوضعية التي لا يجب أن تتواصل، قامت الحكومة بوضع رؤية واستراتيجية للنهوض بقطاع التعليم حول 7 محاور أساسية ، وهي على النحو التالي: 1 - بخصوص الوضعية الصعبة لمئات المدارس ، قررنا بالإضافة إلى برامج وزارة التربية للصيانة تخصيص حوالي 500 مليون دينار لتمويل صندوق لدعم صيانة المؤسسات التربوية واعادة تجهيز المؤسسات التعليمية. ما سي يمكن من صيانة تقريب أغلب المدارس الإبتدائية في تونس وتوفير التجهيزات وتحسين المطاعم والمركبات المدرسية. والتمويل هذا تمت صادقنا عليه في آخر مجلس للوزراء. 2 - مراجعة خارطة المدارس الابتدائية، الذي سيمكننا من الاستغناء على نظام الفرق في المدارس الابتدائية بشكل نهائي في غضون السنتين القادمتين واللي هي أكبر إخلال إجتماعي في تونس. 3 - وضع تصور لمنظومة خاصّة للتكوين الأساسي للمدرسين في الإبتدائي والأساسي والثانوي من خلال إجازات تطبيقية وإختصاصات علوم التربية لتكوين المعلمين والأساتذة. 4 - اعتماد خطّة خاصّة بالمنقطعين عن الدراسة من خلال مدرسة الفرصة الثانية Ecole de la 2ème chanceلإنقاذ وإدماج المنقطعين في الدورة الاقتصادية والإجتماعية. 5 - الانطلاق في دراسة مراجعة الزمن المدرسي ودراسة نظام الحصّة الواحدة الشيء الذي يمكن ان يوفر للتلميذ وقت كافي للنشاط الثقافي والرياضي، وسيتم في الاطار هذا التنسيق بين وزارة التربية مع وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة والأطراف الاجتماعية طبعا. 6 - وضع نظام تصرف جديد يخول للمدارس الإبتدائية التصرف في مواردهم المالية بكل إستقلالية. 7 - تحسين جودة الأكلة المدرسية من خلال مضاعفة مساهمة الدولة في كلفة الوجبة المدرسية. وكذلك تحسين منظومة النقل المدرسي. وواصل الشاهد بالقول: "وعندما نتحدث عن التربية ، يجب الاعتراف بالجميل لنساء ورجال التعليم في بلادنا، الذي يقومون برسالة مهمة نبيلة، في تكوين الأجيال القادمة... ونساء ورجال التعليم، منذ الاستقلال كان لهم دور محوري في بناء الدولة الوطنية، وطيلة عقود وهم يقومون بالمهمة هذه في ظروف صعبة، ونحن أكثر الناس معرفة بها.. ولا أحد يستطيع أن ينازع في مطالبة المربين بحقوقهم المادية والادبية. ونحن دائما ساعين للتفاعل معها بايجابية، في اطار ما هو ممكن حسب الامكانيات المالية للدولة، لانه مثلما يقول المثل "اذا اردت أن تطاع فاطلب المستطاع".. ولكن أيضا من غير المقبول مطلقا انه في اطار هذه المطلبية ، ناخذوا مستقبل أبناءنا، ونجاح السنة الدراسية كرهائن في اطار مفاوضات شغلية. هذا أمر غير مقبول، وغير صحي. لهذا طلبنا من السيد وزير التربية أخذ كل الاجراءات القانونية والادارية لعودة الأمور الى وضعها العادي. الشيء الذي وحده سيمكن من عودة الحوار، والبحث عن حلول عقلانية." كما أضاف: "مادام نحكيو على التعليم بما هو مصعد اجتماعي، نحن نشوفوا انه حان الوقت باش يتم تفعيل التمييز الايجابي، اللي جاء بيه دستور الجمهورية الثانية... بالتفاوت الموجود في المنظومة التعليمية في بلادنا، لنقول بكل وضوح ، حظوظ أبناء الجهات الداخلية أقل بكثير من أبناء باقي الجهات في الدخول الى المؤسسات الجامعية الكبرى، وهذا أمر واقع، تثبته كل الأرقام، ولا أحد يكذبه.. واصلاح المنظومة التعليمية طبيعي انه ياخذ وقت ليصلح في التفاوت الموجود اليوم، ودور الدولة ان لا تنتظر ولهذا ، في إطار تطبيق مبدأ التمييز الايجابي، سنقوم بدراسة تخصيص نسبة من المقاعد في المؤسسات الجامعية الكبيرى les grandes ecoles عند التوجيه الجامعي بداية من السنة المقبلة، للناجحين المتفوقين في الباكالوريا من أبناء الجهات الداخلية، وهذا تطبيقا لمبدأ التمييز الإيجابي الذي جاء به الدستور. هذه خطتنا للنهوض بالتعليم وضمان مستقبل أولادنا". يتبع...