كشف عشيّة أمس المدرب نبيل معلول عن القائمة الموسعة للمنتخب الوطني والتي سيتم منها اختيار 23 لاعبا لتمثيل تونس في مونديال روسيا،ولئن نجح نبيل معلول في تفادي مواجهة مباشرة مع الصحفيين وخاصة غير الطيعين منهم بعد أن اكتفى بنشر القائمة على الموقع الرسمي للجامعة،فإنه لم يوفق في تفادي موج جارف من الانتقادات المتعلّقة باختياراته الفنية،حيث أثار غياب بعض الأسماء المتألقة وحضور البعض الآخر جملة من نقاط الاستفهام التي ستبقى دون إجابات بما أن تبريرات الناخب الوطني وحديثه عن فلسفة كروية يتماشى معها بعض العناصر ويتوه فيها البعض الآخر لا يمكن أن تقنع السواد الأعظم من جمهور الكرة. عبد النور والحرباوي يدفعان ضريبة العقليّة الاحترافية أكثر الانتقادات التي وجهت ل"الحاج" معلول كانت بخصوص تواصل تجاهله لمدافع اولمبيك مرسيليا وصاحب أفضل مشوار احترافي في تاريخ الكرة التونسية ونعني أيمن عبد النور وهداف البطولة البلجيكية حمدي الحرباوي الذي فعل كل شيء من أجل أن يكون في المونديال ولكنه فشل في إقناع المدرب الوطني الذي يرى فيه نفس مواصفات وهبي الخزري ولا يراه أفضل من أحمد العكايشي الذي نال شرف العودة إلى المنتخب بعد أن أطرد من التربص الخاص بمواجهة مصر في تصفيات "كان" 2019 لأسباب تأديبية.حيث فسّر "الحاج" عدم توجيه الدعوة لعبد النور بقلة ظهوره مع فريقه وفشله في التواجد ضمن التشكيلة الأساسية لأولمبيك مرسيليا ولكنه تناسى على ما يبدو بأنه احتاج لرحلة بحث طويلة لنفض الغبار عن بلال المحسني العاطل عن العمل منذ فترة طويلة ويوهان بن علوان الذي لم يقدر حتى على فرض نفسه في الفريق الرديف لليستر سيتي الأنقليزي. نبيل معلول بحث لدى من يصدقه عن تعلات لتبرير التخلي عن عبد النور والحرباوي ولكنه لم يجد الجرأة الكافية للكشف عن الأسباب الحقيقية لاستبعادهما والمتمثلة أساسا في عقليتهما الاحترافية وعلاقتهما الباردة مع منظومة الحكم في "فيستيار" المنتخب والتي ورغم خروج بعض أضلعها ضلت تتحكم في كل الأمور وتدير خيوط اللعبة باقتدار كبير،حيث نجحت في اقصاء كل من يعارضها وكل من بإمكانه أن يشكل منافسا لها في التشكيلة الأساسية للمنتخب،حيث خرج رامي الجريدي دون سبب مقنع رغم أن الأرقام تصنفه كأفضل الحراس على الساحة،قبل أن يأتي الدور على عبد النور والحرباوي ليتأكد بما لا يدعو مجالا للشك بأن هذه البلاد باتت تتلذّذ بمعاقبة الناجحين فيها،حيث لم يحظى عبد النور بمجرد فرصة لمنافسة بعض العناصر التي لا تمتلك عشر مستواه وتجربته،كما لم يجد الدعم والمساندة في فترات فراغه كما كان الحال مع محمد صلاح زمن فشله مع تشلسي ومهدي بن عطية زمن سقوطه المدوي مع جوفنتوس،ليتكرر الأمر مع الحرباوي الذي أسقط جميع منافسيه بالضربة القاضية لكنه ظل خارج حسابات هذه المنظومة التي لا تعترف بالتعب و"العرق" على أرضية الميدان،بقدر ما تعترف بمنسوب الولاء والطاعة والصداقات والمجاملات. رسالة سيئة للمجتهدين نبقى مع الانتقادات التي طالت القائمة الجديدة للمنتخب،لنشير إلى إجماع عدد كبير من الملاحظين والفنيين إلى أن بعض الاختيارات قد وجهت رسالة سيئة للمجتهدين والمتألقين وأكدت بأن "الفورمة" والجاهزية لا يعنيان التواجد بصفة آلية في قائمة المونديال ولعل ما حصل مع متوسط ميدان النادي الإفريقي غازي العيادي ومتوسط ميدان النادي الصفاقسي كريم العواضي وهدافي البطولة علاء المرزوقي وزياد العونلي ومتوسط ميدان النجم الساحلي حمزة لحمر خير دليل على ما نقول،حيث خيّر معلول دعوة غيلان الشعلالي البعيد عن نسق المباريات منذ أكثر من 4 أشهر ومحمّد وائل العربي الذي لم نسمع له انجازات كبيرة باستثناء خبر نزول فريقه تور إلى الدرجة الثالثة في فرنسا،وفخر الدين بن يوسف الذي لم يقو على ترسيم نفسه في تشكيلة الاتفاق السعودي،على دعوة العيادي والعواضي والمرزوقي الذين كانوا من بين أفضل العناصر الموجودة في البطولة وقد مكنهم المدرب الوطني من دعوات وقتية لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة إليه قبل أن يخرجهم من حساباته لأسباب لا يعلمها إلا هو ليقيم الدليل على أن بعض الأماكن في المنتخب محجوزة ولا يمكن أن تفتّك حتى وإن غير أصحابها الاختصاص. حتى لا نخسر ما تبقى من جماهير المنتخب لن نأتي بالجديد عندما نشير إلى أن المنتخب الوطني قد فقد جزءا كبيرا من قاعدته الجماهيرية في السنوات الأخيرة،وذلك بسبب سياسة المجاملات والحسابات الضيقة والسمسرة المعلنة والمخفيّة التي باتت تتحكم في المنتخب والسياسة غير العادلة في التعامل مع اللاعبين والتي أحدثت شرخا كبيرة وهوة عميقة بين المنتخب وجماهيره والتي لم تعد تلق بالا لأخبار المنتخب بقدر ما تعنيهم أخبار فرقهم ونواديهم.وضعية يجب التفكير فيها ماليا والعمل على إصلاح الوضعية قبل فوات الأوان حتى لا نخسر ما تبقى من جماهير النسور التي لا تطالب بأكثر من العدل والإنصاف ومنح أحقية تمثيل الراية الوطنية لكل من يستحقها.