يوم بعد آخر تستفحل الأزمة السياسية ، التي تلقي بظلالها على البلاد ل"تلد" أزمات جديدة وانفلاتات وحتى "انفجارات" ، في مشهد مازال يراوح بين الخطابات الممجوجة والشعارات الجوفاء ، في غياب معالجة فعلية للملفات الحارقة ، لتزداد الأوضاع استفحالا بعد كارثة الفيضانات التي ضربت الوطن القبلي. وفي وقت دقت نواقيس الخطر منذ اشهر ، للتحذير من التداعيات الكارثية والمدمرة لهذه الأزمة ، منذ تصاعد اولى خيوط "دخانها" ، تواصل "العزف المنفرد" على "نوتة" المصالح والحسابات والأجندات ، فلا رئاسة الجمهورية "تنبأت" واستبقت ، ولا رئاسة الحكومة اهتمت وتفاعلت ، ولا مجلس نواب الشعب استفاق من "غيبوبته" ، وتحمل مسؤوليته ، ولا الأحزاب الحاكمة عقُلت وعدلت بوصلتها ، بل ان كل المؤشرات "الحمراء" والأرقام الصادمة أثبتت ان تونس اليوم على حافة الهاوية. لا ننسى ان المواطن التونسي الذي تردت مقدرته الشرائية ، و"أفرغت" جيوبه ، ولا تزال تتعمق معاناته يوم بعد اخر ، لم تعد تهمه لا وثيقة قرطاج 2 ولا " 5" ، ولا يشغل باله ما اذا كان الحوار تحت قبة البرلمان او حتى "قبة الفلك" ، لأن كل ما يهمه اليوم ويمثل له أولوية عاجلة ، هو تحقيق الاستقرار والأمن ، في ظل وضع طغى عليه التوتر والاحتقان وارتفاع منسوب العنف وازدياد معدل الجريمة. ان التونسيين الذين يحاصرهم الاحباط اليوم أينما ولوا وجوههم ، لن يهنأ لهم بال ، ولن يشعروا بالاطمئنان مادام "القصف" المتبادل خبزهم اليومي ، في ظل حالة الضبابية وتواصل الحرب الكلامية المستعرة ، بشكل لا تمر معه ساعات فقط دون نيران "مشتعلة" في مختلف الاتجاهات ، الى حد صار المشهد القاتم بطبعه أكثر قتامة و"سوادا". لقاءات ، مشاورات ، مفاوضات ، ترتيبات ، توافقات ، وشعارات يعيش على وقعها التونسي ، لن تطفئ الأسعار التي ألهبته ، لن تحل أزمة الحليب التي "أرهقته" ، لن توفر المواد المدعمة "المتبخرة" التي "دوخته" ، لن تعالج أزمة البطالة التي حيرته ، لن تعيد الروح لاقتصاده المنهار والمتهاوي ، لن تجلي الغيوم وتصنع الحلول. وفي ظل هذا الواقع "الممزق" ، تبدو الحاجة اليوم مؤكدة أكثر من أي وقت مضى الى جلوس كل الأطراف على طاولة الحوار ، بعيدا عن المغالبة والمكابرة ولي الاذرع ، باعتبار ان البلاد تحتاج في هذا الظرف الدقيق والحساس إلى حوار جدي مسؤول ، من أولوية أولوياته مصلحة الوطن ، بعيدا عن منطق المكاسب و"الغنائم" والحسابات والاجندات. الحقيقة ان الوضع المتردي الذي بلغته تونس "الجريحة" و"النازفة" اليوم لم يعد معه قدرة على تحمل مزيد من الهزات..تونس "المغدورة" تحتاج الى جهود أبنائها المخلصين لا الى "ألاعيب" الذين تحركهم المصالح والمكابرين والمغامرين .. ارحموا وطن يئن "أغرقته" الأزمات والتطاحن والهزات...كفاكم خلافات وتناحر وضرب "تحت الحزام" ..كفاكم صراعات و تجاذبات ومناكفات. ..كفاكم مهاترات وانفلاتات و"تكتيكات" ..كفاكم اصطفافات و"مخاتلات" ومناورات ...قف انتهى "اللعب".