يبدو ان موضوع عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية ما زال مؤجلا الى حين.. فبعد ان غذت الشعوب العربية أملا في ان تكون تونس قاطرة أو جسرا لترميم العلاقات السورية وعودتها من جديد الى الحضن العربي، فإن هذا الحلم يتبدد من جديد ويغيب وسط خيبات الأمل التي تعيشها الامة العربية. فبعد أن أغدقت علينا الديبلوماسية التونسية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية بالوعود منذ أشهر وفي خطابات مختلفة ومناسبات متعددة بأن سوريا التي ظلمت امس ستنصف اليوم من خلال دعوتها الى القمة العربية بتونس لتكون عنوانا لمرحلة عودة سوريا الى الحضن العربي بعد سنوات من الحرب المنهكة التي دمرت الوطن السوري وشردت شعبه وانهكت جيشه، أعلنت رئاسة الجمهورية منذ اسابيع قليلة أن قمة الجامعة العربية التي ستستضيفها تونس ستبحث مسألة عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة و»ستتخذ قرارها» بهذا الشأن. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة التونسية سعيدة قراش في تصريح ل»الإذاعة الوطنية»، «إن تونس لا تكن العداوة لسوريا، معربة عن احترام تونس للشعب السوري وقراراته في اختيار قيادته وممثليه»، مشددة على ان هذا موقف ثابت للديبلوماسية التونسية منذ تولّي الرئيس الباجي قائد السبسي مقاليد الحكم. وكان الباحث والجامعي عفيف البوني اكد منذ يومين في تصريح ل»راديو ماد» بأن «القمة العربية التي ستنعقد في تونس هي قمة سياسية وإعلامية وسياحية، سيحضرها أكثر من 6 آلاف زائر وتونس ستستفيد من الدول العربية وخاصة السعودية على المستوى الاقتصادي» مشددا على ان هذه القمة «لن تكون مطبخا لاعداد الحلول للقضايا العربية»، ومؤكدا أن «سوريا لن تحضر وإن القمة ستكون فضاء للخطب العربية فقط». «الصباح» استطلعت آراء الاحزاب القومية التونسية، فكانت كالتالي: التيار الشعبي : القمة العربية والجامعة العربية انتهت منذ سنة 2003 الامين العام للتيار الشعبي زهير حمدي أكد أن مؤسسة القمة العربية والجامعة العربية انتهت منذ سنة 2003 مع سقوط العراق، والنظام الرسمي الرسمي العرب انتهى منذ 2011 عندما اصبح القرار الرسمي خارج دائرة الدول العربية المركزية التي حاولوا اسقاطها مثل سورياوالعراق ومصر، ليتحول القرار الرسمي العربي بيد الأنظمة الخليجية، معتبرا ان القمة العربية التي تعقد هذه الأيام في تونس سوف تكرس ما تريد فرضه الادارة الأمريكية على المنطقة العربية وما يخدم الكيان الصهيوني. وحسب أمين عام التيار الشعبي، فإن هذه الأنظمة أصبحت مهيمنة على القرار العربي وهي تقف وراء إسقاط الدول وتفتيتها وهي المسؤولة عن تنفيذ هذا المخطط بإرادة استعمارية وأدوات وأموال عربية، مؤكدا ان الهدف النهائي من وراء القمة والمسار برمته هو تمرير «صفقة القرن» التي تعهدت بها هذه الدول لأمريكا. كما شدد حمدي على ان القمة العربية سوف تكرس ما تريد فرضه الادارة الامريكية على المنطقة العربية من قرارات تخدم الكيان الصهيوني وسيكون على رأس جدول أعمالها محاولة تمرير «صفقة القرن» التي هي تتويج لمسار التخريب الذي لحق بالمنطقة، وبمقتضاه يتم تصفية حقوق الشعب الفلسطيني والاعتراف النهائي والرسمي بالكيان الصهيوني ككيان طبيعي في المنطقة وشطب حقوق الشعوب العربية في تقرير مصيرها وتحرير أراضيها. وفي تقدير الأمين العام للتيار الشعبي، فإن تصريح رئيس الولاياتالمتحدة دونالد ترامب الذي اعلن فيه اعتزام أمريكا الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على مرتفعات الجولان السورية المحتلة ليست صدفة أو بمعزل عن موعد انعقاد القمة العربية في تونس، لأن كل المسارات مترابطة مع بعضها والهدف النهائي منها حماية وتأمين الأمن الاسرائيلي. وفيما يتعلق بالملف السوري قال أمين عام التيار الشعبي زهير حمدي أن من دمر سوريا وتآمر عليها وشرد شعبها واستنزف جيشها هم أنفسهم الذين توافدوا على تونس لحضور القمة العربية، وهم لن يدعوها لأخذ مكانها الطبيعي لأن هذه الدول نفسها هي التي كانت وراء طرد سوريا من مقعدها في جامعة الدول العربية. وشدد حمدي على «ان تونس الثورة ليست منصّة لإطلاق مشاريع التآمر على الأمة العربية، داعيا القوى التقدمية إلى أن تحتج ضد «اللقاءات المشبوهة التي ستعقد تحت غطاء القمة العربية أو قمة الخزي، التوصيف الحقيقي الذي يجب ان يطلق عليها، لأن كل ما قامت به هذه الانظمة منذ أكثر من ثماني سنوات هو إنهاء الدولة السورية التي كانت ولا زالت الحصن الحقيقي للمقاومة ضد الكيان الصهيوني». واضاف حمدي «سوريا التي بدأت تتعافى لا تحتاج إلى هذا المقعد الذي لن يضيف لها شيئا غير الجلوس مع العملاء». وكانت اللجنة المركزية للتيار الشعبي المنعقدة يومي 23 و24 مارس 2019 قد حذرت «من أن يُحوّل الحكام العرب تونس الى منصة للتآمر على القضايا العربية والإنسانية والعدوان على الشعوب" داعية القوى الوطنية الى "تكثيف الاحتجاجات والفعاليات المناهضة للتطبيع وللسياسات العدوانية للأنظمة الرجعية طيلة أيام هذه القمة». وأشار الحزب في بيان صادر عنه أمس إلى ان القمة العربية التي ستعقد في تونس أيام 30-31 مارس 2019 "تأتي في ظروف بالغة التعقيد على المستويين العربي والدولي" وأن "الادارة الأمريكية والكيان الصهيوني وكل دوائر الهيمنة على الأنظمة الرجعية العربية تضغط من أجل تنفيذ صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية، إلى جانب إدامة استنزاف سوريا وليبيا واليمن وغيرها". كما أدان الحزب "قرار رئيس الادارة الأمريكية ترامب القاضي بالاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان العربي المحتل"، مؤكدا أن "الجولان عربي سوري وبقوة التحرير سيعود، لأن الحق الذي اغتصب يُحرّر، ولأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة". حركة الشعب: «قمة الخزي واللا حدث» الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي اعتبر بدوره ان الجامعة العربية «ماتت» عندما تخلت عن القضية الفلسطينية. أما عن قمة تونس فكانت «لنا أمنية أن يكون للمجتمعين في تونس بعد السنوات الاخيرة وبعد الدماء التي سالت والأوطان التي دمرت، موقف مصيري وحاسم يخدم الامة العربية دون التقيد بقرارات الادارة الامريكية الحامية للكيان الصهيوني». واضاف المغزاوي «فمنذ 1991 قلنا أن ضرب العراق سيفتح باب جهنم على الجميع، واليوم أبواب جهنم فتحت لنا جميعا.. فتقريبا الوضع نفسه في كل البلدان العربية». اما بالنسبة لدعوة سوريا من عدمها للقمة العربية «فقد كنا قد أكدنا أنه لن يتم دعوتها لأن هناك «فيتو» امريكي على حضورها، وهذه القمة بالسنبة إلينا ليست حدثا لأنها ستكون كسابقاتها، ولننتظر البيان الختامي لها والذي سيكون محلّ تهكم كل الشعوب العربية، التي تبقى الرهان الاول والاخير وليس الانظمة». ودعا المغزاوي في سياق حديثه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أن يتذكر أنه رئيس تونس الثورة ولا يخضع للابتزاز الأمريكي الاسرائيلي خاصة بعد إعلان ترامب السيادة الصهيونية على الجولان العربي. جهاد الكلبوسي