أحالت الحكومة مؤخرا مشروعي قانونين يتعلقان بملف تصدير الغاز الطبيعي الجزائري عبر الأراضي التونسية. ويتمثل القانون الأول في تنقيح القانون عدد 102 لسنة 2005 المؤرخ في 8 نوفمبر 2005 والمتعلق بنقل الغاز الطبيعي الجزائري عبر البلاد التونسية وبضبط الإتاوة الراجعة إلى الدولة التونسية والموظفة على الكميات المنقولة، ويتعلق الثاني بالموافقة على الاتفاق الخاص بالتصرف في أنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية وملحقاته. ويمثل الأنبوبان الناقلان للغاز جزءا من منظومة نقل عبر الأنابيب لتصدير الغاز الجزائري نحو ايطاليا تمتد 2500 كلم منها 370 كلم في التراب التونسي. وتقدر سعة الأنبوبين ب27.5 مليار متر مكعب سنويا، تم الترفيع فيهما بين سنتي 2006 و2008، بتدعيم محطات الضخ الثلاث وتركيز محطتين جديدتين لتصبح سعة النقل الجملية حوالي 34 مليار متر مكعب سنويا. ووفقا لوثائق شرح الأسباب المرافقة للمشروعين، ناهزت الكمية الجملة المنقولة منذ بداية استغلال الأنبوبين قبل حوالي 35 سنة إلى موفى 2018 قرابة 658 مليار متر مكعب منها 5.9 بالمائة موجهة للاستهلاك الوطني (حوالي 38.7 مليار متر مكعب) وتوظف عينا أو نقدا لفائدة الدولة التونسية على الغاز المنقول إتاوة محددة حسب 5.25 من الكمية الأساسية و6 بالمائة من الكمية الإضافية، و6.75 بالمائة من الكميات الزائدة على الكمية الأساسية والكمية الإضافية. وبلغت الإتاوة الجملية للفترة المذكورة حوالي 32.7 مليار متر مكعب أي بنسبة 5.28 من الكمية الجملية المنقولة منها حوالي 18 مليار متر مكعب عينا استغلت من قبل الشركة التونسية للكهرباء والغاز، والبقية تم تسديدها نقدا وتقدير بحوالي 2631 مليون دينار. وتضمن مشروع الاتفاقية المبرمة بين تونس والجانب الايطالي، أحكاما جديدة تتمثل في تطبيق نسبة 5.25 بالمائة إتاوة أفضت إلى جني عائدات جملية لحزينة الدولة قدرت ب524 مليون دينار سنة 2018، فضلا عن الاتفاق على دفع معلوم إضافي سنوي يتم تسديده شهريا للدولة التونسية مقابل استغلال شركة "إيني" لسعة نقل الأنبوب يقدر ب143 مليون دولار طيلة العشر سنوات مما وفر مبلغا إضافيا بحوالي 4.6 مليون دولار. كما تم الاتفاق على أن تتحمل شركة "إيني" كامل ميزانية الشركة التونسية لأنبوب الغاز(SOTUGAT) وشركة الخدمات(SERGAZ) واللتان توفران 160 موطن شغل فضلا عن 300 موطن شغل لشركة الحراسة والخدمات. كما تتعهد الشركة الايطالية بصيانة وتطوير وتأهيل التجهيزات والمعدات بكلفة تناهز 160 مليون دولار خلال فترة الاتفاقية لضمان الحالة الجيدة للأنبوب وتامين تواصل وانتظام نقل الغاز، رغم أن ملكية الأنبوب ترجع إلى الشركة التونسية لأنبوب الغاز(SOTUGAT) . ويأتي مشروع القانون الأول في إطار التلاؤم مع نتائج المفاوضات المتعلقة بمستقبل أنبوب الغاز العابر للتراب التونسي ما بعد سنة 2019 بين الدولة التونسية والجانب الايطالي ( مجمع آني للمحروقات)، إذ تم الاتفاق خلال المفاوضات على أن تكون الإتاوة الموظفة على كميات الغاز المنقولة في حدود 5.25 بالمائة وبالتالي تم التخلي عن النسب المعتمدة سابقا، ويقتضي الاتفاق تنقيح الفصل 2 من القانون قصد اعتماد نفس نسبة الإتاوة بالنسبة للشركات الراغبة في نقل الغاز عبر أنبوب الغاز العابر للتراب التونسي. كما يهدف تنقيح قانون 2005 إلى تبسيط الإجراءات من خلال التنصيص على أن يتم نقل الغاز الطبيعي الجزائري في إطار اتفاقية تبرم بين الشركة التونسية للأنبوب العابر للبلاد التونسية ومالك الكميات المنقولة طبقا لاتفاقية نموذجية يصادق عليها بأمر عوضا عن إبرام الاتفاقية بين الوزير المكلف بالطاقة ومالك الكميات. وتم بالتالي إلغاء أحكام الفصلين الأول والثاني من قانون 2005، وتعويضهما بأحكام جديدة تتمثل في التنصيص على أن نقل الغاز الجزائري يتم في إطار اتفاقية تبرم بين الشركة التونسية للأنبوب العابر للبلاد التونسية، ومالك الكميات المنقولة، وتحديد نسبة الإتاوة ب5.25 بالمائة لفائدة الدولة التونسية من كميات الغاز المنقول، على أن تدخل أحكام القانون الجديد بداية من غرة أكتوبر 2019. يذكر أن مداخيل نقل الغاز الجزائري قدرت سنة 2017 بنحو 440 مليون دينار لترتفع إلى 528 مليون دينار سنة 2018. ويحتل الغاز الجزائري أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد التونسي، إذ يوفر 48 في المائة من استهلاك تونس من الغاز، ويستغل في إنتاج الكهرباء على وجه الخصوص. وأتاح أنبوب نقل الغاز الجزائري الذي يمتد على مسافة 370 كيلومترا داخل الأراضي التونسية من الحدود التونسية الجزائرية إلى سواحل الهوارية شمالاً (أقرب نقطة إلى إيطاليا)، 12 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الجزائري حتى سنة 2015. وكانت المفاوضات بين تونسوايطاليا قد انطلقت بداية من سنة 2018 باعتبارها صاحبة المشروع، وممثلة بشركة «إيني» البترولية، حول تجديد عقود نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر الأراضي التونسية، علما أن عقود استغلال الأنبوبين الحالية ينتهي مفعولها قبل سبتمبر 2019. رفيق بن عبد الله الصباح بتاريخ 22 جوان 2019