تجنّد عدد كبير من المحامين للدفاع عن زميلهم الذي أطلق فجر اليوم النار من بندقيّة صيد (تابعة له ومرخص فيها) على منحرف اقتحم ومجموعة من المنحرفين منزله بغاية السّرقة. وأثارت الحادثة تعاطفا كبيرا مع المحامي خاصة من قبل المحامين بمختلف ولايات الجمهورية. ولكن ما هو رأي المختصين في القانون؟ أوضح لنا فريد بن جحا الدّكتور في القانون أن القانون التّونسي يعتبر الدّفاع الشّرعي من أسباب الإباحة ونظّمه صلب الفصلين 39و40 من المجلّة الجزائيّة وكل فصل يتعرّض الى صورة معيّنة من الدّفاع الشرعي فالفصل 39 من المجلة الجزائية يتعرّض الى وضعية من يصدّ اعتداء أو هجوما جدّيا هدّد حياته أو عرّض حياة أحد أقاربه إلى الخطر وقد فرض المشرّع التونسي شروطا للإفلات من التتبعات الجزائية اعتمادا على الدّفاع الشرعي أولها أن يكون الهجوم حالا وغير محتمل وثانيهما أن يكون هناك تناسب بين فعل الاعتداء وفعل الهجوم فلا يمكن أن نتحدّث عن دفاع شرعي لمن يهاجم شخصا بسلاح وكان المعتدي غير حامل لأي سلاح كما اعتبر الفصل 39 من نفس المجلة أنه اذا توفّرت للشخص المتعرّض للهجوم أي فرصة للفرار أو طلب النجدة فلا مجال للحديث عن دفاع شرعي. بصورة أوضح اذا ثبت من الفحوصات الطبّية وبعد تقرير الطّبيب الشّرعي أن الهالك أو المعتدي قد تعرّض إلى إصابات على مستوى الظهر فذلك دليل قاطع أنه لا وجود لدفاع شرعي طالما أن المعتدي حاول الفرار ولاحقه المتعرض للهجوم وسدد له طعنات من الخلف. اما بالنسبة لاحكام الفصل 40 من المجلة الجزائية فلم يتعرض للشروط سابقة الذكر وتم الاقرار صراحة بأنه لا جريمة بالنسبة لمن يعتدي بالعنف أو يقتل شخصا حاول سرقة منزله ليلا باستعمال التسور أو الخلع أو حاول سرقته باستعمال القوة سواء كان ذلك في الليل أو النهار وهي الوضعية التي تعرض لها فجر اليوم المحامي المذكور والذي يمكن أن يتمتع بحالة الدفاع الشرعي المنصوص عليها بالفصل 40 رغم أن النيابة العموميّة ممثّلة في الوكالة العامّة لدى محكمة الاستئناف بسوسة قد فتحت تحقيقا ضدّه من أجل جريمة القتل العمد لان النيابة العمومية لا يمكنها أن تستنتج وجود حالة دفاع شرعي من عدمه وإنما ذلك ستثبته الأبحاث الاستقرائيّة التّي سوف يقوم بها حاكم التحقيق. وأضاف أنه سواء تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضد المحامي أو وقع إطلاق سراحه فإن الأمر لا زال مبكّرا للنطق من الناحية القانونية ببراءته من جريمة القتل. فهو يتمتع بقرينة البراءة الى حين إتمام البحث أو تعهّد الدّائرة الجنائيّة بالموضوع فمتى ثبت أن المحامي المتهم قد استعمل السلاح وأطلق النار من بندقيته تجاه الهالك في محاولة للدفاع عن عائلته أو مسكنه ضد المجموعة التي تسوّرت منزله ليلا لإتمام مخطّطها الاجرامي المتمثّل في السّرقة أو غير ذلك من الجرائم يمكن عندها الحديث عن توفّر شروط الفصل 40 والنطق ببراءة المحامي من الجريمة المنسوبة اليه. وأشار أن فقه القضاء التونسي قد تشدّد في تمتيع المتّهمين بالدّفاع الشّرعي بما لذلك من انعكاسات على الافعال المجرمة اذ هناك خيط رفيع بين الحكم بالاعدام لاجل جريمة القتل العمد والحكم بالبراءة لوجود سبب من أسباب الاباحة بما في ذلك الدّفاع الشّرعي علما وأن القانون التونسي أقرّ صورتين يمكن فيهما تمتيع المتّهم بالاعفاء من التّتبّعات وبنزع الصّفة الاجرامية للفعل رغم ارتكاب الجريمة وهما الدفاع الشرعي وأمر القانون أو اذن السلطة من ذلك مثلا أنه لا يمكن حبس أي شخص أو تفتيش أي مسكن دون إذن قانوني. فمتى توفّر هذا الإذن فإنه لا يمكن مؤاخذة عون الأمن عن دخول مسكن أحد الأشخاص أو الاحتفاظ بأحد المظنون فيهم.