وسط تطورات ميدانية ودبلوماسية متصاعدة في ليبيا، تحتضن العاصمة الألمانية برلين هذا الأحد مؤتمراً دولياً من أجل السلام في ليبيا ضمن عملية أطلقتها منظمة الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى مخرج سياسي يضمن السيادة للدولة الليبية ولدعم جهود المصالحة داخل البلاد، كما أكدت حكومة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هذا الأسبوع؛ وذلك خاصة في ظل تزايد مخاطر أن يتحول الميدان الليبي إلى حلبة لصراع القوى العالمية. سيضم المؤتمر الذي يعقد برعاية الأممالمتحدة عشر دول على الأقل الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي مع ألمانيا وإيطاليا ومصر والإمارات وتركيا وروسيا. هاتان الأخيرتان تصدرتا المشهد الميداني والدبلوماسي لليبيا في الأسابيع الأخيرة، على حساب روماوباريس. وتقول الحكومة الألمانية والأممالمتحدة إن الهدف من مؤتمر برلين، الذي يأتي في سياق جيوسياسي دقيق بالنسبة ليبيا، يتمثل في منع التدخلات الخارجية خاصة العسكرية منها؛ وعليه فقد صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس هذا الأسبوع بأن من المتوقع أن يتم طرح مسألة حظر تقديم الأسلحة على الدول المشاركة في المؤتمر؛ وذلك في ظل تزايد مخاطر تحول ليبيا إلى ساحة للتجاذبات الخارجية، مع الدخول التركي إلى ميدانها استجابة لطلب الدعم من حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من الأممالمتحدة في مواجهة الهجوم الذي يشنه عليها الرجل القوي في الشرق الليبي المشير خليفة حفتر، والذي يحظى بدوره بدعم مصري إماراتي سعودي، يضاف إليه الاشتباه بوجود مرتزقة روس يدعمون قواته. علاوة على ذلك فإن انتشار المسلحين والجهاديين ومهربي السلاح، يزيد من مخاوف الأممالمتحدة من أن تتسع دائرة النزاع الليبي إلى ما هو أخطر. تدويل النزاع رئيس الدبلوماسية الأوروبية أعرب عن أمله في أن يفضي مؤتمر برلين اليوم الأحد إلى إيجاد حل للنزاع الليبي، محذّراً من تحوّل ليبيا إلى سوريا أخرى؛ في حين لفتت مصادر في قصر الإليزيه إلى أنه من أجل تعزيز التوافق الدولي لتسهيل استئناف الحوار الداخلي الليبي الذي يسعى إليه مؤتمر دولي، يجب أن تأخذ في الحسبان الوقائع على الأرض، خاصة حقيقة أن قوات المشير خليفة حفتر تسيطر "على جزء كبير من ليبيا، وأن لرجل شرق ليبيا القوي بالتالي دوراً سياسياً ليلعبه" وهذا ما يؤكد وفق مراقبين موقف باريس الداعم لحفتر، وإن كانت مصادر الإليزيه شدد في الوقت نفسه على أن فرنسا ليست لا مع حفتر ولا مع السراج، وأنها تدعم جهود الأممالمتحدة ممثلة في مبعوثها إلى ليبيا غسان سلامة. وتخشى الدول الأوروبية من تدويل النزاع الليبي وتفاقمه، وبالتالي تحول ليبيا إلى "سوريا ثانية" خصوصاً مع وصول عسكريين أتراك إلى البلاد. فقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قبل ثلاثة أيام أن بلاده بدأت فعلًا في إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة فائز السّراج، مؤكدا أن بلاده ستستمر في استخدام كل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية لضمان الاستقرار إلى الجنوب من أراضيها بما في ذلك ليبيا. يضاف إلى ذلك، الاشتباه بوجود مرتزقة روس فيها، إلى جانب العديد من المجموعات المسلحة، وخصوصاً الجهادية منها، مع مهربين للأسلحة والمهاجرين. فقد باتت روسيا تفرض نفسها كلاعب حاسم في الملف الليبي عبر الوساطة الجارية بين طرفي النزاع. كما يريد الأوروبيون خفض ضغط تدفق المهاجرين على حدودها لأنها استقبلت في السنوات الأخيرة مئات الآلاف من الفارين من النزاعات في العالم العربي. وبين هذا وذاك؛ يرى مراقبون أنه أمام الواقع الميداني والدبلوماسي الجديد في ليبيا، تبدو أمام الأوروبيين فرصة ضئيلة تتمثل في المؤتمر الدولي حول ليبيا اليوم. ويبدو أن الأوروبيين الذين أشعلوا فتيل الحرب الليبية خرجوا من "اللعبة الكبرى" كما تقول صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، في تقرير لها نشرته هذا الأسبوع (وكالات )