علمت "الصباح نيوز" من مصادر مطلعة أن حاتم بوجمعة، مستشار الشؤون الخارجية والقائم بالأعمال في سفارة الجمهورية التونسية ب"أوتاوا" بكندا قد تقدم منذ ايام بدعوى قضائية للمحكمة الإدارية ضد وزير الخارجية الحالي عثمان الجرندي. وتعود تفاصيل الدعوى القضائية إلى تراجع السلط التونسية المعنيّة (رئاسة الجمهورية- وزارة الخارجية) عن قرار تسمية حاتم بوجمعة على الرّغم من استيفاء جميع الإجراءات الدبلوماسية ذات العلاقة بما فيها موافقة السلط التركية على التسمية المذكورة. هذا وقد أكّدت لل"الصباح نيوز" مصادر من وزارة الخارجية التونسية صحة المعلومة المتعلقة بعدم تواجد سفير لتونس في تركيا على رأس البعثة منذ أواخر جانفي 2013، ممّا يطرح تساؤلات جدّية حول الدّوافع التي تقف وراء قرار التراجع عن تسمية السفير المذكور وما ترتّب عنه من اضطراب في إدارة ملف علاقاتنا الثنائية مع تركيا، على مدى الستة اشهر الماضية.
وأرسل لل"الصباح نيوز" حاتم بوجمعة، توضيحا حول ما حصل له جاء فيه ما يلي: " خلال السنة الفارطة 2012، استأثرت المسألة المتعلّقة بسير العمل ببعثاتنا الدبلوماسية بالخارج باهتمام خاص من قبل الرّأي العام التونسي، لا سيّما في جانبه المتعلّق بمقاومة الفساد وبالتعيينات المرتقبة لسفراء على رأس تلك البعثات. فالكلّ يذكر بالتّأكيد ما تداولته وسائل الإعلام بإطناب حول ضرورة النّأي بمؤسسة وزارة الخارجية عن التجاذبات الحزبية والمحاصصات والحسابات الضيقة، درءا لمخاطر انزلاقها عن مسارها السليم كرافد لدبلوماسية متألّقة تتماشى ومتطلّبات المرحلة والانتظارات الدولية من بلد عربي سجّل أوّل موطئ قدم جدّي في المحافل الديموقراطية الدولية. وحيث أنّي كنت معيّنا، في خضمّ هذا المخاض الجديد، على رأس بعثتنا بكندا بصفة"قائم بأعمال السفارة" طيلة زهاء السنة (مارس 2012-جانفي 2013)، تسنّى لي استشعار حساسية المرحلة الانتقالية وثقل المسؤولية الملقاة على عاتق رؤساء البعثات الدبلوماسية التونسية بالخارج للترفّع عن الخوض في لعبة المحاصصات الحزبية الضيقة والنأي ببعثاتنا الموكول لنا أمانة إدارتها عن توظيفها كأداة أو ذراع لطرف أو جهة ما، مهما علا شأنه.ولمّا كان الشعار المرفوع على مستوى نقابة وزارة الخارجية والدّاعي إلى الإلتزام بمبدأي "المهنية" و"الحياد" متناغما مع قناعاتي الشّخصية، آليت على نفسي أن أتحلّى بالإنضباط المطلوب وألا أخضع لأيّة ضغوطات متوقّعة من أيّ جهة كانت مساهمة منّي، انطلاقا من موقع مسؤوليتي بكندا، في تحقيق المبتغى. وحيث أنّي كنت أدير أحد أهمّ بعثاتنا الدبلوماسية وأكثرها ثقلا في معادلة "المحاصصات الحزبية" (أمريكا الشمالية)، لم يكن البتّة مفاجئا لي أن أجد نفسي في قلب دائرة الإستهداف حيث حاولت أطراف سياسية معيّنة توظيف البعثة وتطويعها لتمرير أجندات حزبية ضيّقة و القيام بحملات انتخابية "استباقية".. وأمام إصراري الشديد على عدم الإنسياق في هذه اللعبة القذرة، وصدور قرار رئاسي في الأثناء بتسميتي كسفير لتونس بتركيا (جانفي 2013)، تحسّست تلك الأطراف أنّ الوقت قد حان كي أدفع ضريبة التمسّك بمواقفي ومبادئي، ثمّ شرعت بالفعل في تنفيذ خطة كيدية انتقامية في الغرض لضرب قرار التسمية المذكور.. وفي مسعى منها لاحتواء التداعيات المحتملة لهذه الخطوة الخطيرة واللامسبوقة، باعتبار صدور الموافقة التركية على التسمية، شرعت تلك الأطراف المحسوبة على النظام البائد صلب الوزارة ، بالتنسيق مع طرف رئيسي نافذ صلب مؤسسة رئاسة الجمهورية سيأتي بيان هويّته وسجلّ تجاوزاته في التوقيت المناسب، في تهيئة الأرضية الملائمة لتنفيذ هذه الخطوة من خلال القيام بحملة تشويهية "ممنهجة" لشخصي قامت على نشر المزاعم والذرائع التالية: -إشاعة أنّي "سلفي" في بيتي وبأنّ زوجتي ترتدي "النّقاب"، وهما افتراءان مردود عليهما مثلما سيأتي بيانه: فنعتي بالسلفي لم يكن في الحقيقة مفاجئا لي حيث أنّي عانيت في ظلّ النظام البائد على مدى عشرين سنة ويلات نفس الممارسات الإقصائية البغيضة لتعطيل تدرّجي الطبيعي في مسيرتي المهنية، من خلال الإيحاء بأنّي "نهضاوي" لمخالفتي الصريحة لنواميس دبلوماسية "التغيير" بمحافظتي على شعيرة "الصلاة" والتّجرّأ على "الجهر" بذلك دون حرج. ويبدو أنّ التاريخ يعيد نفسه اليوم من خلال التجاء نفس الأطراف النافذة صلب الوزارة والرئاسة المحسوبين على النظام البائد إلى نفس الأساليب الدنيئة بعد إضفاء عنصري "الرسكلة " و"التّحيين" على مصطلح "نهضاوي" لتتحوّل إلى "سلفي" تماشيا مع متطلّبات المرحلة باعتبار أنّ توصيفي في خانة "النّهضة" قد يجلب لي " المنافع" بدلا عن الإقصاء ويحقّق نتائج عكسية لا تحبّذها هذه الأطراف. وإنّي لا أملك هنا إلا أن أعبّر عن قلقي العميق إزاء تعاطي مؤسسة الرئاسة " ما بعد الثورة" مع هذه الأكاذيب بمثل هذه السطحية والسّذاجة الغير متوقّعة. أمّا عن مزاعم ارتداء زوجتي للنقاب، فيكفي بأن أشير بأنّ زوجتي مرسّمة منذ سنوات بشعبة "علم النفس" بالجامعة الكندية بمقاطعة "كيبيك" وهي مقاطعة كندية محظور بها بقوّة القانون ارتداء النقاب بالأماكن العامّة فضلا عن الجامعات، وهذا أمر يعلمه كلّ مثقّف متابع لقدر ولو بسيط من الشّأن الدّولي. وهنا أشير إلى أني قد تقلّدت طوال سنة 2012 منصب "قائم بأعمال" سفارة تونس بكندا، ولكم أن تتخيّلوا تمثيلي لتونس في جميع المحافل والأنشطة التي دعيت لها بكندا صحبة قرينتي ب"اللحية الكثيفة" و"النقاب" مثلما روّج لهذه المهزلة أصحاب النفوس المريضة. -في تمشّ مواز ومسعى محموم لطرح "البديل" في صورة فشل الخطة الرئيسية، روّجت الأطراف الضالعة في المؤامرة "أكذوبة" تدخّل صهر لي، ملحق بديوان السيد الوزير، بصفة مباشرة في عملية تسميتي في منصب سفير. هنا أجد نفسي مجبرا، على مضض واستحياء شديدين، أن أستعرض نبذة عن سجلّي الشّخصي الذي أحسبه يغنيني عن "إلزامية" اللجوء إلى "المحسوبية والوساطات" ويضع "صاحب القرار" الخاص بتسميتي، مهما كانت مرجعيّته الفكرية والعقائدية والحزبية، في مأمن من سهام المؤاخذات أو الاتّهامات بالمحسوبية التي قد تطاله : -تألّقي المستمرّ بدون انقطاع على المستوى الأكاديمي حيث استأثرت بدون انقطاع بالمركز الأوّل على مدى كافة مراحل دراستي الابتدائية والثانوية والجامعية. - اجتيازي للمناظرة الوطنية "للخبراء المحاسبين" لسنة 1992 برتبة "الأوّل في الدّفعة" من بين قائمة ضمّت "09" ناجحين فحسب من مجموع "372 "مترشّح على المستوى الوطني، علما بأنّي اجتزت المناظرة المذكورة خلال فترة تربّصي الدّبلوماسي "بالمدرسة الوطنية للإدارة" عقب التحاقي بوزارة الخارجية في نفس سنة 1992. - حصولي على دبلوم الدراسات العليا في "العلاقات الدولية" من يد جلالة الملك خوان كارلوس ملك اسبانيا سنة 1996 بعد حصولي على المرتبة "الأولى" في دفعة ضمّت ممثّلين دبلوماسيين عن "103 " بلد. وهو دبلوم توّج سنة كاملة من الدراسات العليا (باللغة الإسبانية فقط) في العلاقات الدولية والقانون الدولي. - اجتيازي للمناظرة الكتابية للترقية لرتبة "مستشار الشؤون الخارجية" سنة 1997 برتبة "الأوّل في الدّفعة" حسب الجدارة من بين قائمة ضمّت "28 "ناجح" من مجموع "100" مترشّح. - إتقاني التّامّ ل(4) لغات أجنبية إضافة إلى اللغة العربية الأمّ (فرنسية- أنجليزية - إسبانية- إيطالية)، علما بأنّ: - "الإيطالية" كانت اختياري في "اختبار الترجمة" في مناظرة انتدابي للوزارة سنة 1992، وأنّ "الإسبانية" كانت اختياري في "اختبار الترجمة" في مناظرة الترقية لرتبة "مستشار" بالوزارة سنة 1997. وعليه، كان من الأجدى لتلك الأطراف الحاقدة توسيع رقعة الشبهة المحيطة بعملية تسميتي كسفير باتّجاه الكشف عن "وسطاء" آخرين مهّدوا لتألّقي السابق ذكره. -وفي مسعى أخير لإيجاد مخرج قانوني "مشرّف" لهذه الخطوة، روّج أصحاب القرار الجائر ما مفاده أنّ قرار التراجع عن تسميتي مردّه "إلزامية" التحاقي للمباشرة بالإدارة المركزية بعد انتهاء مدّة تعييني بكندا (5 سنوات) وهذا ادّعاء مردود عليه لسببين جليّين: -جواز الإلتحاق بصفة مباشرة بمركز العمل الجديد دون العودة للمباشرة بالإدارة المركزية ودون احتساب فترة التعيين المقضّاة بالمركز السابق إذا كانت خطة التعيين الجديدة هي خطّة "سفير". -عدم تطبيق السلط المعنية لهذه القاعدة المسلّطة عليّ جورا في تعاطيها مع وضعيات أشدّ حساسية، على غرار سفيرنا الحالي بواشنطن الذي تمّت تسميته في هذه الخطّة (مارس 2013) والحال أنّه كان مباشرا آنذاك كسفير بدولة "أثيوبيا" ولم يكن يفصله عن انتهاء مهامّه هناك إلا 3 شهور لبلوغه السنّ القانوني للتقاعد" يجدر التوضيح ان "الصباح نيوز" حاولت الاستفسار ان أسباب التراجع عن تعيين سفير لتونس بتركيا، واتصلنا بكل من وزارة الخارجية ولم تتحصل على رد حول الموضوع ونفس الأمر بالنسبة لرئاسة الجمهورية حيث حاولنا مرارا الاتصال بالهادي بن عباس المستشار الديبلوماسي لرئيس الجمهورية ولم نتحصل على رد.