حدّدت الحكومة نسبة النمو المرجو نهاية سنة 2013 ب3 بالمائة إلاّ أنها وخلال الثلاثي الثالث من سنة 2013لم تحقق نسبة النمو سوى 2.4%، وفق ما أورده المعهد الوطني للإحصاء . أمّا نسبة التضخم فاستقرت خلال شهر نوفمبر الماضي وللشهر الثالث على التوالي في حدود 5.8%، حسب نفس المصدر. كما تواصلت البلاد عمليات تهريب عبر الحدود الجزائرية والليبية لعدد من المواد وكذلك الأموال والأسلحة. وقد أشار فتحي النوري الخبير الاقتصادي في تصريح لل"الصباح نيوز" إلى وجود اختلال في التوازنات بأكملها مبينا الضغوطات الكبيرة التي يعيشها الاقتصاد التونسي. وقال النوري ان اختلال التوازنات يمكن الحدّ منها بانتهاء هذه المرحلة الانتقالية ولكن الأمر المخيف في هذه المفترة هو بروز السوق الموازية في مختلف القطاعات بما خلق اقتصادا موازيا جراء تهريب الأموال والتصرف فيها بطريقة غير قانونية من خلال أكشاك الصرف المتواجدة في المناطق الحدودية كمثال لذلك. وقال النوري ان هناك عصابات كبيرة برزت في شكل مافيا تمكنت من مختلف مفاصل الاقتصاد التونسي من مؤسسات وقطاع مالي وأسلاك توزيع وغيرها، مضيفا : "كلّ هذا يتسبب في انعكاسات كبيرة على الاقتصاد..بما يتطلب حزمة من الإجراءات الأمنية الصارمة وحكومة مستقرة لا تكون وقتية بالإضافة إلى إعادة بناء الإدارة التي تم اختراقها...فبالأمس انحصرت ظاهرة التهريب في عائلة واحدة أمّا اليوم فتضم عائلات وعصابات خارجية قدمت من الجزائر وليبيا بالتحديد". واعتبر النوري أنه لمن المعجزة أن يصمد الاقتصاد التونسي إلى حدّ هذه الساعة، وقال : "اليوم الساسة والشارع التونسي يعلمون أن هناك أزمة اقتصادية لكن لا يعرفون مدى عمقها...وأنا أقول لهم انها تهدد اقتصاد البلاد". ومن جهة أخرى، أشار فتحي النوري الخبير الاقتصادي إلى أنّ منافذ الأموال المهربة كبيرة جدا وخاصة من الجانب الليبي وأنّ هناك جهات في الحدود التونسي مصدر قوتها التهريب ولكن هذا التهريب يمكن اعتباره عاديا ولكن هناك تهريب قيمته تتجاوز المئات من المليارات وهو ما يمكن أن يؤثر على الكتلة النقدية والإنتاج المحلي ويؤدي إلى التضخم المالي. وأرجع النوري عمليات التهريب إلى غياب الدولة رغم المجهودات التي تقوم بها من أجل التصدي إليه، مبينا وجود أطراف تترصّد الاقتصاد التونسي، وأوضح : "هذه الأطراف فقدت مصالحها وتغيبت لفترة تجاوزت السنتين ولكن اليوم عادت من جديد واستغلت فرصة غياب الدولة...كما أنّ الفساد استشرى في البلاد...وسياسة الحكومة اليوم مستهدفة وكذلك الاقتصاد" و تحدّث النوري عن فقدان تونس لميزاتها التفاضلية التي كانت تتميز بها قبل الثورة ومنها الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي، داعيا الأطراف التي ستتولى إدارة البلاد في المرحلة القادمة إلى إعادة هذه الميزات التفاضلية لتونس مع ضرورة إعادة الثقة للمستثمرين والمستهلكين وغيرهم. وقال انّ الاقتصاد التونسي يمكن أن ينهار في صورة عدم تعجيل الساسة في إيجاد حل لإنهاء هذه المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنّ الشعب التونسي مستعد للخروج إلى الشارع في أيّ وقت وهو ما تأكّد من خلال ما شهدته عدد من المناطق من مسيرات احتجاجية في الفترة الأخيرة. أمّا في ما يهمّ مفاوضات الحوار الوطني، قال النوري : "تعثّر مفاوضات الرباعي وكذلك الترويكا تقدم صورة مصغّرة للانتخابات القادمة والتي ستفرز فسيفساء من الأحزاب...والمنظومة السياسية ستكون مبنية على مصالح ضيقة وهو ما سيؤثر على الاقتصاد التونسي".