لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ماذا يحدث؟..    مترشحة للرئاسة تطرح استفتاء للشعب حول تعدد الزوجات في تونس..#خبر_عاجل    عاجل/ تحذير من بيض رخيص قد يحمل فيروس أنفلونزا الطيور..    عاجل/ مقتل 10 اشخاص في تصادم طائرتين هليكوبتر تابعتين للبحرية الماليزية في الجو    خلال يوم واحد: تسجيل أكثر من 200 زلزال وهزة ارتدادية في تايوان    بطولة ايطاليا : إنتر ميلان يتوج باللقب للمرة العشرين في تاريخه    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    التوقعات الجوية لهذا الطقس..    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    عاجل/ تقلبات جوية منتظرة وأمطار غزيرة بهذه الولايات..طقس شتوي بامتياز..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    رغم منعه من السفر : مبروك كرشيد يغادر تونس!    مدنين: حجز 4700 حبة دواء مخدر وسط الكثبان الرملية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    مهرجان هوليوود للفيلم العربي: الفيلم التونسي 'إلى ابني' لظافر العابدين يتوج بجائزتين    الأمم المتحدة: آسيا أكثر مناطق العالم تضرراً من كوارث المناخ ب2023    اتحاد الشغل بجبنيانة والعامرة يهدد بالإضراب العام    نقل مغني فرنسي شهير إلى المستشفى بعد إصابته بطلق ناري    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    أراوخو يكشف عن آخر تطورات أزمته مع غوندوغان    البطولة الأفريقية للأندية الحائزة على الكأس في كرة اليد.. الترجي يفوز على شبيبة الأبيار الجزائري    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    البنك التونسي السعودي ... الترفيع في رأس المال ب100 مليون دينار    في اختتام المهرجان الدولي «إيتيكات» بسوسة.. شعراء وفنانون عرب بصوت واحد: «صامدون حتى النصر»    هذه أبرز مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا    بيان أشغال الاجتماع التشاوري الأوّل بين تونس والجزائر وليبيا    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    المنستير.. الاحتفاظ بمدير مدرسة إعدادية وفتح بحث ضده بشبهة التحرش الجنسي    بنزرت: غلق حركة المرور بالجسر المتحرك في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء    الحشاني يشرف على جلسة عمل وزارية بخصوص مشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين    بوعرقوب.. عصابة سرقة الاسلاك النحاسية في قبضة الحرس الوطني    الإعلان عن تأسيس المجمع المهني للصناعة السينمائية لمنظمة الأعراف "كونكت"    بوعرقوب: القبض على 4 أشخاص كانوا بصدد سرقة أسلاك نحاسية خاصة بشركة عمومية    بداية من يوم غد: أمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة    مدنين: العثور على 4700 حبّة مخدّرة وسط الكثبان الرملية بالصحراء    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 %    وصول محمد الكوكي الى تونس فهل يكون المدرب الجديد للسي اس اس    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    حليب أطفال متّهم بتدمير صحة الأطفال في الدول الفقيرة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة لمرحلة التتويج    رئيس غرفة القصّابين عن أسعار علّوش العيد: ''600 دينار تجيب دندونة مش علّوش''    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    حريق بمحل لبيع البنزين المهرب بقفصة..وهذه التفاصيل..    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    في سابقة غريبة: رصد حالة إصابة بكورونا استمرت 613 يوماً..!    أولا وأخيرا..الكل ضد الكل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترويكا والقضاة: مقال عدنان منصر مسخ لهويّة وسيرورة ثورة قامت لاعادة سيادة القانون
نشر في الصباح نيوز يوم 23 - 05 - 2012

"حتى لا تحفر الحكومة قبرها وقبر الثورة" عنوان مقال رأي نشره عدنان منصر الناطق باسم رئاسة الجمهورية على موقع واب " نواة " بتاريخ 21 ماي الجاري.
وفي ما يلي نصّ المقال كاملا:
" "هل من أخبار جيدة؟" ذلك ما يهمس به أنصار في بداية كل يوم، وعلى قدر غموض السؤال يأتي غالبا الجواب: ليس بما يكفي للاطمئنان.
في أوساط أنصار الترويكا ليس أكثر غموضا من معنى “الاطمئنان” : اطمئنان على أن الحكومة قوية بما يكفي للبقاء في السلطة، آم اطمئنان على أن الاقتصاد يتعافى أم اطمئنان على أن وتيرة الاحتجاجات قد خفت أم، أخيرا، اطمئنان على “تحقيق أهداف الثورة” ؟ هذا يلخص كل شيء إذ أنه لا أحد تقريبا متفق على المهمة التي يفترض بهذه الحكومة أن تنجزها ولا على ترتيب دقيق للأولويات.
في خضم ذلك كله تأتي الأخبار السيئة: إطلاق سراح بعض كبار مجرمي العهد السابق الذين نجحوا، دون أية مفاجآت، في النجاة حتى من تهم الحق العام التي وجهت إليهم! في البلدان المستقرة التي يأتيها رزقها رغدا لا يثير ذلك أية إشكالات. وهذا هو الفارق: لسنا في وضع مستقر، ولو تعارض ذلك مع رغبتنا في الاطمئنان.
المصيبة هو أن بعض من في الحكم اليوم يعتبرون أن في مثل تلك النهايات لمثل هذا النوع من القضايا المتعلقة بمجرمي العهد السابق دليلا على استقلال القضاء وقرينة على عدم تدخلهم فيه.
ليس أكثر حمقا من تلك النظرة لأنها تلخص وضعا معقدا في عملية تقنية لا تسمن عدلا ولا تغني عدالة.
هذه النظرة التقنية لاستقلال القضاء التي تستند إلى اعتبار أن التحدي الوحيد لاستقلال القضاء هو سيطرة السلطة السياسية عليه نظرة قاصرة لأنها تلغي كل الاعتبارات الأخرى، وأولها انه يفترض أن ثورة قامت في البلاد، وان نجاح الثورة مرتبط ارتباطا وثيقا بإزاحة كاملة لمجرمي العهد السابق من الحياة العامة ولو أدى ذلك إلى بعض الظلم. للثورة أولوية على العدالة ولو قامت الثورة أصلا من اجل العدالة، وان للحرية الحقيقية أنيابا يجب أن تبرز عندما يتطلب الأمر.
المشكل أن البعض يعتقد أن المدى الأقصى للثورة قد تحقق بنقلهم من المعارضة إلى الحكم، ولكن ذلك البعض ينسى أن أولئك الذين خرجوا لانتخابهم يوم 23 أكتوبر كانوا يرغبون أساسا في القطع مع النظام القديم.
شيئا فشيئا، وتحت عباءة “الانتقال الديمقراطي” يتسلل النظام القديم إلى حياتنا مجددا، فرحا مسرورا لديمقراطية الحكومة التي تبجل عدالة آلة القضاء المعطلة على العدل الذي يبتغيه الناس جميعا.
إذا كانت القوانين المطبقة جعلت أصلا لحماية الفاسدين والمجرمين، وإذا كان كل الهيكل القضائي مبنيا لنفس الغاية، وإذا ما اعتقدت الحكومة الحالية أن كل دورها يتمثل في “ضمان تطبيق القانون” ..... فليس بالإمكان أحسن مما كان، في أدنى الحالات !
في الثورات التي تحترم نفسها، وفي الحكومات التي تحترم ثورات شعوبها لا يكون ترتيب الأولويات بهذه الطريقة. استنادا إلى نفس المنطق المريض الذي يبدو متغلبا على البعض هذه الأيام لم يكن هناك من داع إذا لحرمان “المناشدين” من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي. كان ذلك ضد “الديمقراطية” بل ضد “العدالة” أصلا، ولكنه تم وهو ما سمح بتعليق كل الآمال على المجلس وحكومته العتيدة.
آلة القضاء مريضة، وقد بلغ منها الداء مبلغا عظيما فلم يعد بالإمكان أن ينتظر منها احد، سوى مجرمو العهد السابق، عدلا أو عدالة. في قطاع مثل هذا القطاع حيث صيغت كل القوانين لحماية المجرمين الحقيقيين وحيث يرتبط الجميع تقريبا بشبكات الفساد والرشوة والحنين إلى العهد البائد، ينبغي أن يكون الموقف أكثر ذكاء بل أكثر واقعية.
غير أن الواقعية التي لا تعني بالنسبة للبعض سوى القبول بقوانين اللعبة السائدة إنما تعني في نظرنا الارتباط بالواقع الذي يفترض أن الثورة قد أنتجته.
في خضم ذلك يصاب عدد من أبناء الثورة بإحباط تلو آخر، معتقدين انه يمكن حل هذه المشكلات بدموع الخيبة.
ليس من خيبة سوى خيبة اليأس البائس أما الحريصون على ثورتهم فإنهم لا ييأسون قبل الأوان. هل حان زمن اليأس؟ قطعا لا، ولن يحين أبدا.
في حديث لي مع احد اكبر الوزراء نفوذا في الحكومة بدا لي الرجل متخوفا من أية خطوة لطرد مسئولين فاسدين قد يجهضها القضاء .أعرف أن الرجل كان صادقا. استقلال القضاء لا يكون عن الحكومة فقط بل عن المصالح أيضاً وبالذات.
أما الحكومة التي يفترض أنها نتجت عن الثورة فينبغي أن تعطي للثورة الأولوية حتى على استقلالية القضاء إذا ما تعارض الأمران .... لو كانت الأولوية للقانون لما قام الناس بثورة ولما انتخب الناس هذه الأحزاب لتشكيل الحكومة . ولكن يبدو من سوء الحظ أن كل الناس يعرفون ذلك، إلا الحكومة !!
إن إحدى مشاكل هذه الحكومة الكبرى هو أنها تعتقد إن نتائج الانتخابات قد خولتها بناء الدولة في حين أن الدولة مبنية وأن مهمتها الأولى تتمثل في حفظ الثورة.
حفظ الثورة من أعدائها ولكن حفظها أيضاً من الدولة، إلى أن تصل مداها الذي لا يزال بعيدا جداً.
شيئا فشيئا يغرق الجميع تقريبا في منطق الدولة وتستغرقهم تفاصيل اليوم ودقائق الملفات، معتقدين أن كل المشاكل لا تحتاج إلا حلولا تقنية: مصنع هناك، ضيعة هنا، وإدارة بينهما! في موقف شديد التغابي يغفلون أن كل ما يرون ويواجهون من مشاكل إنما هو شبكة مترابطة من المصالح لا يمكن تدميرها إلا بكسر نواتها، ونواتها الصلبة هم مجرمو العهد السابق الذين يطلق القضاة النزهاء جداً سراحهم زرافات ووحدانا !
بورقيبة ، الذي يفكر الناس ألف مرة قبل أن يخلعوا عليه صفة الثائر، كان يسعى، هو الأخر ، لبناء دولة ، ولكنه كان يعرف أن أعداء الدولة التي أراد بناءها وأعداء الثورة هم أنفسهم. بل بالرغم من انه كان هو أيضاً محاميا، أي شديد المعرفة بإشكاليات استقلالية السلطة القضائية، فقد اختار السبيل الذي سمح له في نهاية الأمر بإنجاح الثورة وتشكيل الدولة الجديدة، فكانت محاكمات رؤوس العهد السابق.
لم تكن محاكمات قضائية بات معنى الكلمة بل محاكمات سياسية وجهت للمتهمين فيها تهمة أساسية وحيدة، وهي معاداة الثورة. لم يشنق احد ولم تسل الدماء انهارا، ولكن كل الطبقة الفاسدة القديمة أزيحت وحلت محلها طبقة جديدة مؤمنة بالثورة وبالدولة.
كانت الدولة هي من واصل الثورة وكان ذلك كافيا للثقة فيها رغم فشلها في الكثير من الملفات.
الناس يعرفون دائماً ما يريدون، وحدهم الحكام السيئون يخطئون تقدير ما يريده الناس. تفقد العدالة شرعيتها عندما لا تراعي العدل، والعدل في زمن الثورات ليس مجرد قضاة وقوانين وحقوق دفاع وحيثيات أحكام.
تتوقف العدالة عن الارتباط بالعدل عندما تفضل “النزاهة” على مصلحة الوطن، وان كثيرا من مصالح الوطن لا يمت للعدالة بصلة لو يعلمون !".
مواقف وأراء
ولمتابعة ردود الأفعال حول هذا المقال الذي وصف بالناري اتصلت "الصباح نيوز" بكلّ من عدنان منصر لمعرفة دواعي كتابة المقال ونقابة القضاة التونسيين لإبداء موقفها ممّا جاء على لسان عدنان منصر حول القضاء في تونس وبممثلين عن الترويكا الحاكمة بوصفها المستهدفة الأولى لمعرفة رأيها فيما نشره منصر.
الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية علق لل"الصباح نيوز " حول ما كتبه أنّه نابع عن موقف ورأي شخصي وليس له أي علاقة بمنصبه.
نقابة القضاة: منصر لا يفقه شيئا
وقد اعتبرت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين في اتصالنا بها أنّ هذا المقال لا يرتقي إلى مستوى التحليل السليم، مضيفة "مقال شعبوي بدرجة كبيرة فيه استمالة للرأي العام بطرق غير سليمة.
وأكّدت العبيدي أنّ وصف منصر للقضاء بأنّه "آلة مريضة" وتعميم ذلك يبيّن "التوجّه نحو ضرب المؤسسة القضائية" مبيّنة أنّ أوّل من طالب بإصلاح المنظومة القضائية هم القضاة.
كما أشارت العبيدي إلى أنّ كاتب المقال كان عليه أن يبدي رأيه في مسألة إصلاح القضاء بما فيها فتح ملفات الفساد على غرار كلّ مؤسسات الدولة.
كما أبرزت رئيسة نقابة القضاة أنّ عدنان منصر لا يفرّق بين السلطة التشريعية والقضائية والذي يبرز في قوله" في قطاع مثل هذا القطاع حيث صيغت كل القوانين لحماية المجرمين الحقيقيين".
وفي هذا السياق، قالت روضة العبيدي متوجّهة بالخطاب لمنصر أنّ "السلطة القضائية غير مختصة في صياغة القوانين بل أنّ السلطة التشريعية هي من تتولى ذلك".
وأضافت العبيدي قائلة: "لو سئل منصر كاتب هذا المقال عن أبسط مقومات استقلال السلطة القضائية لتبيّن أنّه لا يفقه منها شيئا".
وحول ما قاله منصر بأنّ " الحكومة التي يفترض أنها نتجت عن الثورة فينبغي أن تعطي للثورة الأولوية حتى على استقلالية القضاء"، توجّهت العبيدي بالقول لمنصر بأنّه " لا يمكن لأي ثورة أن تنجح دون قضاء مستقل يكون الضامن الأساسي للانتقال الديمقراطي".
وردّا على قول الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية في مقاله " لو كانت الأولوية للقانون لما قام الناس بثورة" أشارت العبيدي أنّ "المواطنين قاموا بالثورة لردّ الاعتبار لسيادة القانون" كما أضافت أنّ الثورة لا تعني الهمجية أو الفوضى.
وأكّدت العبيدي أنّ هذا المقال يدخل في إطار السمسرة بملف الفساد على غرار ما يشهده من عديد الأطراف وعلى مستوى عديد الهياكل والمؤسسات.
ومن جهة أخرى، أبرزت العبيدي أنّ لا أحد من القضاة ينفي تورّط نسبة قليلة من القضاة في منظومة الفساد مبينة أنّ القضاة وعلى رأسهم نقابة القضاة التونسيين متمسكة بوجوب محاسبة كل قاض تورط في الفساد ولكن هذا لا يعطي الحقّ لأي كان للمزايدة ولتوظيف ملف الفساد لأغراض شخصية أو سياسية.
النهضة لا تشاطره الرأي
من جهته اعتبر سيد الفرجاني عضو المكتب السياسي بحركة النهضة أنّ المقال الذي نشره عماد منصر جيد في العموم ولكن عبّر الفرجاني عن "اختلافه الجذري مع منصر إذا كان يرى مثل ما عبّر عنه في مقاله أنّه بعقلية الثورة يجب أن نتغاضى عن التمسّك بالقوانين والمبادئ مثل استقلالية القضاء وذلك تحت غطاء أنّه يجب أن تتمّ حماية الثورة من الفاسدين أو النظام السابق.
كما بيّن الفرجاني أنّ ما جاء على لسان منصر "يذكره بالثورات الحمراء مثل الثورة البلشيفية والفرنسية أيضا والتي لم تراع فيها حقوق الإنسان والتعامل بالقانون مع المخالفين أو رجال النظام السابق" مضيفا بالقول: " رغم القيمة العالية لموضوع المقال فإني أعتبره خطير لأنّه يشرّع إلى سلوك تحت مبرّر حاجة الثورة يمكن أن يخرج عن القانون من أجل تحقيق أهداف الشعب والثورة".
واعتبر الفرجاني كلّ هذا "مسخا لهويّة وطبيعة وسيرورة الثورة التونسية" مضيفا أنّ "الثورة من خاصياتها أنّها لا تهادن الفساد وتعمل على تحقيق أهداف الثورة كاملة عبر أسلوب حضاري يتّسم بالقانونية وفي نفس الوقت يتمسّك بقانونية سلوك الدولة تجاه أيّ كان وهي تعمل على تأسيس دولة ديمقراطية جديدة مع ضمان استقلالية كاملة للقضاء".
وأكّد الفرجاني أنّ العدل يحقق للمظلوم ولكن يحقق أيضا للظالم وغير مسموح أن "نعمل على عقاب الناس خارج إطار القانون أو بما لا يسمح به القانون أو طبيعة استقلالية القضاء".
ومن جهة أخرى، أشار السيد الفرجاني أنّ "تدخّل السلطة السياسية من أجل النيل من أي شخص حتى ولو كان من عائلة المخلوع فهو أمر مرفوض لأنّه يذكّر بأسلوب بن علي ولا يتناسب مع استقلالية القضاء والعدل".
وأضاف الفرجاني بالقول:"لن نحيد أبدا قيد أنملة عن تحقيق أهداف ثورتنا كاملة غير منقوصة مع التعامل بعدل مع كلّ أفراد النظام السابق أو عائلته لأنّ هذا محدّد أساسي لطبيعة الدولة التونسية التي ينحتها الشعب التونسي".
وحذّر الفرجاني من التعامل بظلم أو بأساليب لا يقرّها القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان واستقلالية القضاء حتّى ولو كان ضدّ المجرمين من النظام السابق".
المؤتمر يشاطر ويتحفظ
أمّا سمير بن عمر عضو بالمكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أعلن مشاطرة حزبه جزئيا لبعض ما ورد في هذا المقال.
كما تطرّق بن عمر إلى البيان الذي أصدره المؤتمر مؤخرا والذي "عبّروا من خلاله عن انشغالهم بسير القضايا المتعلّقة بأزلام النظام السابق وطالبوا فيه بالعمل بأكثر جدية على تفكيك منظومة الفساد ووضع الآليات الضرورية لذلك ومحاسبة من أذنبوا بحق الشعب التونسي".
وقال بن عمر أنّ ما جاء في بيانهم يشاركهم فيه بقية مكونات الائتلاف الحاكم.
وحول اجتماع قيادات الترويكا الحاكمة يوم الأحد الفارط، أبرز سمير بن عمر أنّه تم إثره إقرار تفعيل برنامج أحزاب الترويكا المتعلّق بالمحاسبة ومقاومة الفساد.
كما أكّد بن عمر أنّ هذا الملف سيحتلّ الأولوية المطلقة في برنامج الحكومة في الفترة القادمة.
ومن جهة أخرى، عبّر بن عمر عن شعوره بالخيبة من بطئ الإجراءات.
لكن بن عمر أبرز أنّ هناك تحاليل لعدنان منصر لا يشاطره فيها المؤتمر الرأي مبيّنا أنّ استقلالية القضاء هي مكسب من مكاسب الثورة ولا مجال للرجوع بها إلى الوراء.
وحول محاسبة رموز النظام السابق، قال بن عمر أنّه كان بالإمكان اتخاذ إجراءات عاجلة للحيلولة دون تفصّي بعض رموز الفساد من المحاسبة والعقاب في كنف الاحترام المطلق لاستقلالية القضاء.
وأعلن بن عمر أنّ حزب المؤتمر لا يشكك مطلقا في الإرادة الصادقة للحكومة في التعاطي مع ملف الفساد بكلّ جدية ومسؤولية.
وفيما يتعلّق بعودة التجمعيين إلى الساحة السياسية ، فقد أكّد بن عمر أنّ هذه العودة تعتبر استفزازا لمشاعر كل التونسيين مضيفا أنّ المؤتمر حريص على التصدي لهذه الظاهرة.
وفي نفس السياق، قال بن عمر أنّه تمّ التقدّم بمشروع للمجلس الوطني التأسيسي يقضي بمنع أعضاء حكومات الرئيس السابق ومسؤولي التجمّع المنحل من الانخراط في الأحزاب السياسية.
التكتل يوافق منصر
أمّا محمد بنور الناطق الرسمي باسم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات فقد دعا التجمعيين المتواجدين في السجون أن يقرّوا بدورهم السلبي وسلبهم لحقوق المواطنين طيلة 23 سنة مبينا ضرورة نهوض المجتمع المدني والسياسيين والتونسيين جميعا حتى لا يعود التجمعيين من جديد.
وأكّد بنور أنّه يوافق ما جاء على لسان منصر بخصوص عودة أزلام النظام القديم الذين "يتسللون رويدا رويدا على الساحة السياسية" من خلال ظهورهم في وسائل الإعلام التي فتحت لهم مجال واسع للدفاع عن أنفسهم.
وفي هذا الإطار، تحدّث بنور عن حضور فوزي اللومي التجمعي في برنامج تلفزي على الوطنية والذي قال أنّه "تحدّث وكأنّ التجمّع بريء ممّا وقع طيلة عهد المخلوع وألقى المسؤولية كاملة على البوليس السياسي والقضاء الذي حكم بالظلم" وهو ماعتبره بنور مغالطة فادحة في الإعلام التونسي.
وحول ظهور التجمعيين في وسائل الاعلام عبّر بنور عن استغرابه من ظهورهم مرفوعي الرأس وكأنّ شيئا لم يقع بعد أن كانوا في فترة بن علي يلبسون البنفسجي.
وتعقيبا على ما جاء في مقال عدنان منصر حول القضاء، قال بنور أنّه يعتقد أنّ "المنظومة القضائية تستطيع أن تصلح أخطاءها دون إملاءات فوقية (الحكومة)".
وأضاف محمد بنور أنّ هناك أخطار على الثورة تعمل من أجل عدم إنجاح مسارها.
وقال بنور أنّه من الضروري بناء دولة ديمقراطية ونظام ديمقراطي وإلاّ "ستعود حليمة لعادتها القديمة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.