رسمت دراسة مولتها جزئيا وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" صورة قاتمة عن مستقبل الحضارة الصناعية المعاصرة، حيث تنبأت بانهيار الحضارة في شكلها الحالي في العقود المقبلة، وذلك لأسباب عدة، منها: الاستغلال غير المستدام للموارد، وعدم المساواة في توزيع الثروة على نحو متزايد. وجاء في الدراسة أن "حضارتنا الإنسانية محكوم عليها بنهاية قريبة"، وأن مستوى المعيشة العالي والرخاء الاقتصادي والبيئي لا يمكن الحفاظ عليه بهذا الشكل إذا تكالبت عليه "عاصفة مثالية" من الأزمات. وترأس فريق البحث عالم الرياضيات صاف موتيشاري الذي عمل في مركز غودارد لرحلات الفضاء الممولة من وكالة ناسا، حيث طور "نموذجا رياضيا مزدوجا لنظام الأرض"، من أجل تحليل بعض سمات الحضارة المعاصرة وعلى رأسها استقرار وازدهار الكثير من الشعوب، بالإضافة إلى التغيرات المناخية وتأثيرها على المواد. وحاول الباحث الإجابة في دراسته عن سؤال جوهري هو: ما العوامل التي يمكن أن تطيح بالحضارات الإنسانية العظيمة؟ وللوصول إلى الإجابة، حلل العالم عدة عوامل مثل النمو السكاني وتغير المناخ والكوارث الطبيعية والوصول إلى المياه والزراعة والطاقة. ووجد الباحثون -وهم فريق من علماء العلوم الاجتماعية والطبيعية- أن هذه العوامل بإمكانها أن تسبب ضررا كبيرا، خاصة عندما تجتمع في وقت واحد، وكانت النتائج الواضحة التي جاءت بها الدراسة وفقا لهذا النموذج المبسط أن الحضارة الصناعية في طريقها إلى الانهيار. يذكر أن هذه الدراسة -التي نشر قصتها أول مرة في صحيفة "الغارديان" البريطانية الكاتب نفيز أحمد في 14 مارس - أثارت اهتمام وسائل الإعلام، ودفعت ناسا إلى إصدار بيان قبل يومين قالت فيه إنها لم تطلب إجراء تلك الدراسة كما أنها لم تُدرها أو تراجعها. وعلقت صحيفة "الغارديان" على ذلك بأن الدراسة تشير بشكل واضح إلى أن الوكالة الأمريكية مولت الدراسة جزئيا، وأنه من الطبيعي جدا أن تمول وكالات أو هيئات خارجية الأبحاث الخاصة دون أن تتفق بالضرورة مع نتائج تلك الأبحاث. لكن كاتب المقال الأصلي في صحيفة "الغارديان"، أقرّ بأن العديد من تقارير وسائل الإعلام التي تناولت الموضوع عقب مقاله تسببت في نوع من التضليل عندما تحولت عبارة مثل "دراسة ممولة من ناسا" إلى "دراسة لناسا"، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى إنكار صلتها بتلك الدراسة. وقال أيضا إنه تم تصوير النموذج الرياضي الذي طوره الباحث في الدراسة، والذي سعى إلى استكشاف مجموعة واسعة من السيناريوهات الافتراضية لمستقبل الحضارة الإنسانية، بأنه توصل بشكل لا لبس فيه إلى أن "المجتمع هالك"، و"النهاية قريبة"، و"الحضارة الغربية تتجه نحو الانهيار"، على الرغم من أن ذلك يظل مجرد سيناريوهات غير مؤكدة. (وكالات)