قال اليوم الخميس الخبير الاقتصادي محسن حسن ان الوضع الاقتصادي في البلاد "دقيق ومعقد" وأرجع في تصريح لل"الصباح نيوز" صعوبة الظرف الاقتصادي إلى نسبة النمو التي تحققت سنة 2013 والبالغة 2.6 بالمائة وكذلك النسبة المتوقعة للسنة الجارية والتي تقدّر ب2.8 بالمائة، معتبرا ان هذه النسبة غير كافية لخلق مواطن شغل ولا من حيث التحكم في التوازنات المالية للدولة. كما أشار إلى تواصل العجز الجاري والذي قدّر ب1.5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خلال الشهريْن الأولين لهذه السنة مقابل 1.2 بالمائة خلال نفس الفترة من السنة الماضية، إضافة إلى الاختلال في الميزان الجاري والذي يعود إلى ارتفاع العجز في الميزان التجاري خاصة في قطاعي الطاقة والمواد الغذائية. هذا وبيّن حسن أنّ الموجودات الحالية من العملة الصعبة في البلاد في حدود 103 يوم بينما بلغ التضخم 5.5 بالمائة مع نسبة بطالة مرتفعة فاقت ال15 بالمائة ومن بينهم 248 ألف معطل عن العمل من حاملي الشهائد العليا. التحديات ومن جهة أخرى، قال محسن حسن ان البلاد اليوم لديها 3 تحديات تتمثل في ضرورة الحد من اختلال التوازنات المالية للدولة وتحسين مناخ الأعمال والانطلاق في إصلاحات هيكلية. وأوضح محسن حسن ان للحد من اختلال التوازنات المالية يجب النظر أولا في ميزانية الدولة للسنة الجارية والتي ستكون في حدود 28 ألف مليون دينار مع عجز يقدر ب11.5 ألف مليون دينار مما سيجعل الحكومة مضطرة للتداين للحصول على ذلك المبلغ وذلك عن طريق التداين الداخلي بما يساوي 3.5 ألف مليون دينار من بين ذلك المبلغ ألف مليون دينار سيكون في شكل اكتتاب وطني والبقية 2.5 ألف مليون دينار ستكون في شكل رقاع خزينة قابلة للتنظير ويقع تداولها في السوق المالية التونسية أمّا المبلغ المتبقي والمقدر ب8.5 ألف مليون دينار فسيقع توفيرها عن طريق التداين الخارجي. وفي هذا السياق، اعتبر محسن حسن ان التخوف الكبير اليوم يتمثل في كون الظرف الاقتصادي الوطني لا يسمح بتوفير الموارد الجبائية وغير الجبائية المتوقعة إضافة إلى صعوبة توفير موارد الاقتراض الداخلي والخارجي وهو ما جعل البعض، على حدّ قول حسن، يعتقد أن الحكومة لن تتمكن من الإيفاء بتعهداتها الداخلية في ما يهم خلاص الأجور، مضيفا : "هذا أمر مستبعد بمعنى أنه هناك إجراءات بإمكان الدولة اتخاذها حتى تبتعد عن ذلك الخطر". الحلول والإجراءات وبيّن أن الإجراءات التي بإمكان الدولة اتخاذها تتمثل أولا في اعتماد ميزانية تكميلية تقوم على ترشيد الإنفاق من خلال الحدّ من دعم المحروقات خاصة والترفيع في أسعارها وذلك يعتبر تضحية ضرورية، أمّا الإجراء الثاني فيهم تجميد الأجور، وثالثا اعتماد سياسة التقشف على مستوى الإدارات العمومية، رابعا يجب اتخاذ إجراءات جبائية سريعة تتلخص في الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة والقيام بعملية مصالحة أو عفو تشريعي جبائي وجمركي يمكن من تصفية الملفات الجبائية العالقة وييسّر دخول العاملين في القطاعات الموازية والتهريب إلى القطاع المنظم بالإضافة إلى ضرورة التصرف المحكم في المؤسسات المصادرة والتفويت فيها حسب قيمتها في السوق، كما انه من بين الإجراءات الجبائية اتخاذ إجراءات تحدّ من التهرب الجبائي والتقليل من اعتماد النظام التقديري لبعض القطاعات كالمحامات والطب. وفي ما يخص موارد الدولة غير الجبائية، دعا الخبير الاقتصادي محسن حسن إلى معالجة وضعية المؤسسات العمومية بسرعة والعمل على أن يعود مستوى إنتاج الفسفاط إلى ما كان عليه سنة 2010. وفي ما يهم موارد التداين، اعتبر حسن ان المطلوب اليوم تنويع مصادر تمويل ميزانية الدولة خاصة في ما يخص الاكتتاب الوطني الذي يجب أن ينجح من خلال تحديد نسبة فائدة هامة والقيام بحملة تسويقية. كما رأى حسن انه من الضروري ان تقوم الحكومة بالمصالحة مع رجال الأعمال الممنوعين من السفر وذلك من خلال دعوتهم للمساهمة في الكتتاب الوطني والمساهمة في توفير موارد لميزانية الدولة. كما اعتبر ان مناخ الاعمال في تونس تراجع، وهو ما أكّدته مجموعة التأمين الفرنسية للتجارة الخارجية "كوفاس" من خلال تخفيضها في درجة مؤشر مناخ الاعمال في تونس من " أ 4 " الى " ب"، مضيفا : "اليوم لا يمكن ان نتحدث عن تنشيط الاقتصاد وتطوير الاستثمار في ظل مناخ أعمال متردّي يقتضي الإسراع بإصلاح القطاع البنكي الذي يعاني مشاكل كبرى على مستوى السيولة وضعف رأسملته". وطالب حسن أيضا بضرورة القيام بإصلاحات في المنظومة الجبائية، على ان تنطلق الحكومة في هذا البرنامج في أقرب وقت وأن تؤهل المنظومة التشريعية وتعتمد بسرعة مجلة الاستثمارات الجديدة وتقلص من العراقيل أمام المستثمرين، حسب قوله. وبالنسبة للوضع الاجتماعي الذي تعيشه البلاد، دعا إلى ضرورة إعلان هدنة اجتماعية باعتبار انه من غير المعقول ان تتواصل الإضرابات، وان تدعم الإنتاجية وتخلق الثروات.