أشرف كاتب الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية أنور بن خليفة صباح اليوم بالضاحية الشمالية بالعاصمة على افتتاح ملتقى "تعزيز أثر الإصلاح الإداري على التنمية" الذي تنظمه المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع كتابة الدولة للحوكمة والوظيفة العمومية من 28 إلى 30 أفريل الجاري بمشاركة تسع دول عربية وبحضور نخبة من المختصين في الإصلاح والتطوير الإداري بالعالم العربي . وألقى كاتب الدولة كلمة بالمناسبة نوّه في مستهلها بالدور الكبير الذي تقوم به المنظمة العربية للتنمية الإدارية في سبيل الارتقاء بأداء الإدارة العمومية وتطوير كفاءات الإطارات الإدارية العليا بالدول العربية في المجالات والميادين ذات الصلة بالتنمية الإدارية وتنمية الفكر الاستراتيجي لديهم وتعزيز معارفهم، مؤكدا أن الدور الاستراتيجي الموكول إلى الإدارة في مجال تهيئة المناخ الملائم للتنمية يقتضي تصوّر مقاربة شاملة تستند إلى برامج أكثر نجاعة وتتضمّن أهدافا إستراتيجية تستجيب لتطلّعات المتعاملين مع الإدارة من مواطنين ومؤسّسات اقتصادية، وفق ما أفادت به رئاسة الحكومة. وأبرز أنور بن خليفة أنّ التطورات والتحوّلات الراهنة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية بالخصوص تطرح على الإدارة تحدّيات جديدة وتجعلها مطالبة اليوم بتطوير أدائها وتعزيز قدرات مواردها البشرية لدفع عجلة التنمية وكسب رهان تحسين الإنتاجية التي تظل مسؤولية مشتركة بين كافة الأطراف قائلا إن وضعيّة الإدارة تحتم إعادة النظر بصفة جوهريّة في مناهج عملها ونوعية علاقتها مع المتعامل معها باعتبار أنّها ستكون مطالبة بأن تثبت قدرتها على إسداء خدمات عمومية ذات جودة تستجيب لحاجيات مستعمليها، وعلى اقتراح تشريعات وسن تراتيب كفيلة بتحسين مناخ الأعمال والمساعدة على حفز المبادرة الاقتصاديّة، وعلى حسن استعمالها للموارد البشرية والمادية المتاحة. كما بيّن كاتب الدولة المكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية أنّ عملية صياغة أي برنامج إصلاح إداري في المرحلة القادمة يجب أن تجعل من المتعامل مع الإدارة المحور الرئيسي لكلّ عمليّة تحديث للإدارة العموميّة وتأخذ بعين الاعتبار في المقام الأوّل حاجياته وتطلّعاته ومقترحاته من خلال تعزيز قنوات الاتصال واستخدام جميع الآليات المتاحة للتفاعل مع المتعاملين مع الإدارة على غرار دراسات سبر الآراء وعمليّات التقييم التشاركي للخدمات العموميّة والاستشارات المباشرة وحلقات النقاش ومواقع الواب العمومية والمختصّة وشبكات التواصل الاجتماعي. وأوضح أنور بن خليفة في هذا السياق أن الإدارة التونسية قد قامت خلال السنوات الأخيرة وفي ظل التحولات التي شهدها المجتمع بالعمل على تصوّر وتفعيل جملة من المشاريع على المدى القريب التي لها أثرا ملموسا على المتعاملين مع الإدارة من مواطنين ومؤسّسات اقتصادية والتي تستجيب لحاجياتهم وتطلعاتهم بالتوازي مع العمل على تهيئة المناخ الملائم للقيام بإصلاحات جوهرية على المدى المتوسّط والبعيد مشيرا في هذا الإطار إلى العمل في مرحلة أولى على تقريب الخدمات الإدارية من المتعاملين معها من خلال إحداث دور للخدمات الإدارية وتعميمها على الجهات الداخلية التي تشكو ضعف التغطية الجغرافيّة للهياكل الإدارية. ويهدف هذا المشروع إلى تجنيب المتعاملين مع الإدارة أعباء التنقّل بين مختلف الهياكل الإدارية وتقليص الفوارق الجهويّة بالإضافة إلى تكريس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام المرفق العام، من خلال تقريب المصالح الإدارية الأساسيّة من متساكني المناطق الداخلية. كما تم العمل على تكريس مقاربة تشاركية بين الإدارة العموميّة والقطاع الخاص لضبط برامج الإصلاح الإداري وأولوياته الهادفة إلى تحسين المناخ الإداري للأعمال. وتطرق كاتب الدولة إلى إرساء مشروع تبسيط الإجراءات الإدارية المنظّمة لممارسة الأنشطة الاقتصادية والذي يهدف إلى وضع مقاربة خصوصيّة تمكّن من تشريك القطاع الخاص في تصوّر وصياغة مقترحات الإصلاح بما يساهم في تخفيف الالتزامات المحمولة على كاهل المؤسّسات الاقتصادية في تعاملها مع الإدارة وتيسير ممارسة الأنشطة الاقتصادية ومن ثمّة دفع الاستثمار والتشغيل وإلى إعداد مشروع قانون أساسي يتعلق بحق النفاذ إلى المعلومة الذي ينصّ على إقرار حق المتعامل مع الإدارة في طلب المعلومة وعلى إجراءات ومراحل مسار النفاذ إلى المعلومة العمومية، كما ينصّ على إحداث هيئة عمومية للنفاذ إلى المعلومة العمومية تكلّف بالسهر على حسن تطبيق القواعد المتعلّقة بحق النفاذ. وجدّد كاتب الدول المكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية في ختام كلمته أهمية هذا الملتقى العربي حول تعزيز أثر الإصلاح الإداري على التنمية ودوره في تشخيص مختلف التحديات التي تواجه الإدارة العمومية بالدول العربية وتبرز دور الإصلاح الإداري في تعزيز جهود التنمية وتثري الحوار في هذا المجال قصد تغذية أفكار التحديث والتطوير في إطار إرساء البرامج والأهداف الوطنية واستكشاف المناهج والإجراءات العمليّة تعزيزا للإصلاح الإداري وعرض مختلف التجارب والمبادرات الناجحة في المجال سواء الدولية أو العربية بهدف الاستفادة منها.