ينصح المثل الروسي بعدم بيع جلد الدب قبل قتله ..غير أنه يبدو أن رئيس الحكومة مهدي جمعة شذّ عن القاعدة عندما خرج يوم الاحد المنقضي متباهيا بأنه أحبط عملية ارهابية كبرى كانت تستهدف منشآت صناعية وسياحية وشخصيات وطنية .. وشذوذه عن القاعدة ليس مرجعه اشرافه على الاجتماع الامني الذي عقده بثكنة العوينة فذاك من مشمولات عمله بوصفه رئيسا للحكومة بل بعدم تقديره الجيد للموقف والتعجيل بالظهور بوصفه أعلى هرم السلطة التنفيذية وتصريحه بانهم حققوا ضربة أمنية موجعة للارهاب في الوقت الذي يعي فيه جيدا ان اكثر من عشرين ارهابيا من المجموعة الارهابية هم احرار طلقاء في التراب التونسي وان قيادات منهم دخلوا تونس واخرون يخططون من ليبيا لمزيد توجيه ضربات أخرى لأمن واستقرار بلادنا . ان الاستفزاز المجاني لمن لم يتم احكام القبضة عليه يتيح له الفرصة لرد الفعل ..ربما فقط للتعبير انه لا كما صوّره رئيس الحكومة عاجزا بل قادرا على رد الفعل وعلى تحويل نجاحات الامن الى فشل وأنه لا يزال هنا يختار التوقيت والمكان ويضرب على هواه من يشاء كيفما يشاء. كان أحرى أن لا يظهر جمعة بتاتا وان لا يظهر فرحا مسرورا كما ظهر وان يتم الاكتفاء بإصدار وزارة الداخلية بيانا في الغرض تعلن فيه نجاحها عن اماطة اللثام عن مجموعة ارهابية وان البحث لا يزال جاريا ..اما أن يظهر ذاك النجاح في شكل استثمار سياسي فهو الخطأ الذي ربما قد يكون دُفع ثمنه غاليا ...فاستهداف منزل وزير الداخلية بالقصرين امس قد يكون رد فعل واضح ورسالة من الارهابين للجميع انه لا يزالون جاهزين وقادرين وفاعلين لا كما صوّرهم السياسيون ..رسالة كلفت بلادنا استشهاد اربعة امنيين وكان بالامكان ان تكون الحصيلة اثقل لو نجح الارهابيون في اقتحام المنزل او رميه بقاذفات او بقنابل يدوية لا قدر الله .. ان الحرب ضد الارهاب حرب طويلة وقاسية وتتطلب حنكة وصبرا ودهاء وهي قبل كل شيء حرب نفسية تقوم على فهم ميكانيزمات شخصية الارهابي وكيفية تفكيره ورد فعله مع تقدير جيّد للموقف وذاك أحداهم أسس كسب المعارك وليس الحرب ..لذلك نصيحتنا لجمعة لا تبع جلد الدب قبل قتله