نفى مرشح الرئاسة مصطفى كمال النابلي ما أُشيع حول محاولته «تلميع» صورة نظام بن علي، كما أكد أن مؤسسة الرئاسة فقدت مصداقيتها في السنوات الأخيرة، ورحب بدعمه من مختلف الأطراف السياسية، دون أن يخفي رغبته في أن يصبح «كلينتون تونس» مستقبلا. وقال النابلي في حوار خاص مع صحيفة القدس العربي: «غادرت تونس في 1995 لأني لم أكن راضيا عن نظام زين العابدين بن علي، وبقيت 14 سنة في المنفى ولم تكن لي أي صلة بالنظام ولم أحاول أبدا تلميع صورته، كما أني لم أقم باتخاذ أي موقف تجاهه (لا ضد ولا مع) لأن مكانتي في البنك الدولي لم تسمح لي بالتدخل في الشأن السياسي في تونس او خارجها». كما فند المعلومات التي يروج لها البعض وتفيد بتهريب طن ونصف الطن من الذهب من البنك المركزي التونسي (الذي أصبح محافظا له بعد الثورة) بعد أيام من هروب بن علي، وأضاف «الموضوع لا أساس له من الصحة، منذ الأسابيع الأولى (لهروب بن علي) قمنا بتدقيق كامل في هذا الموضوع من طرف أخصائيين ومراقبي حسابات، ووقع الكشف الكلي على موجودات البنك المركزي من الذهب، والوثائق موجودة ولو تم تهريب غرام واحد من الذهب لكان الأمر أمام القضاء الآن». واكد النابلي أن الأمر في مجمله هو «عبارة عن هذيان بلا معنى»، مشيرا إلى أنه لا يمكن إخراج أي أموال من البنك المركزي التونسي إلا بطرق صحيحة وعبر وثائق نظامية، و»من لديه وثائق فليقدمها (للقضاء)». ويؤكد أنه يعوّل كثيرا على علاقاته الدولية في نجاحه بالانتخابات الرئاسية ومن ثم جلب الاستثمارات والدعم الاقتصادي لبلاده التي تعاني ترديا كبيرا في الاقتصاد. ويضيف «لا بد من إرجاع الثقة (ثقة المجتمع الدولي) في تونس وهذا مرتبط بالاستقرار الأمني والسياسي، لذلك أعتقد أن الأولوية في منصب رئاسة الجمهورية يجب أن تكون للوضع الأمني والسياسي، لأنه لا استثمار ولا اقتصاد ولا نمو بدون إرجاع الثقة بالدولة التونسية وفي استقرار مؤسساتها وفتح نافذة جديدة على المستقبل». ويتابع «بعد استقرار الوضع الأمني والسياسي يمكن أن تبدأ إعادة دفع عجلة الاستثمار الداخلي والخارجي عبر تسهيل عملية الاستثمار والتمويل، وهناك إصلاحات فيما يتعلق بالاستثمار والقطاع البنكي والمالي، وهذه المهمة يجب أن تتوزع بين مؤسستي الرئاسة والحكومة». ويذهب بعض المراقبين للمقارنة بين الوضع الاقتصادي التونسي الحالي والوضع الاقتصادي المتردي للولايات المتحدة عام 1992 إثر حرب الخليج، حيث كان الرئيس جورج بورش الأب يتمتع بشعبية عالية لكن منافسه الشاب بيل كلينتون قدم برنامجا اقتصاديا طموحا مكنه لاحقا من الفوز بالرئاسة، وهو ما يدفع البعض للمقارنة بين الرجلين (كلينتون والنابلي) على اختلاف حجم الدولتين سياسيا واقتصاديا. ويقول النابلي «ثمة أوجه للشبه بين الحالتين، رغم الاختلافات الكثيرة سياسيا وأمنيا، فنحن في منطقة تحوي مشاكل أمنية كثيرة ولدينا وضع اقتصادي صعب كما أننا في مرحلة انتقال ديمقراطي ووضع أسس دولة حديثة، لذلك هي وضعية أكثر تعقيدا وأكثر صعوبة من الولاياتالمتحدة 1992». ويضيف «نحتاج اليوم لشخصيات تستطيع معاونة تونس على تكريس النظام الديمقراطي الذي يعمل على استقرار الدولة والأمن وحل المشاكل الاقتصادية المطروحة اليوم والمتمثلة في التشغيل الذي كان من أسباب الثورة وفقدان الشباب (وخاصة أصحاب الشهادات العليا) الثقة في المستقبل، إضافة إلى موضوع والفقر وتدني القدرة الشرائية، لذلك لا بد أن تكون الشخصيات التي ستتولى الشأن العام في تونس لها دراية ومعرفة بهذه المشكلات ولها تجربة في الداخل والخارج، وأعتقد أنه لدي تجربة كبيرة تفيد تونس في المرحلة هذه». ويفسر دعمه الكبير من مختلف الأطراف السياسية بعدة أسباب تتعلق ب»تجربة الشخص (الداخلية والدولية) ومعرفته لكيفية تسيير شؤون الدولة، والإحساس بأنه شخص يستحق الثقة، فضلا عن الاستقلالية التي يرتاح لها كثير من التونسيين لأنهم يعتبرون أن الصراعات السياسية أنهكت تونس في المرحلة الأخيرة ولم تأخذ حتى الآن النسق الذي يخدم البلاد». لكن البعض يرى أن الرئيس المستقل قد لا يملك أي إرادة سياسية تمكنه من تنفيذ قراراته، يضاف إليها الصلاحيات المحدودة التي أقرتها الدستور التونسي لرئيس الجمهورية. لكن النابلي يرى أن ثمة هامشا كبيرا للتحرك في رئاسة الجمهورية «أوسع مما يتخيله البعض، فرئيس الدولة هو المسؤول عن وحدة الدولة واستمراريتها والدستور يعطيه صلاحيات مهمة للتدخل (في جميع المجالات وليس فقط الأني والدبلوماسي) عندما يرى أن وحدة واستقرار الدولة في خطر، كما أن لرئيس الجمهورية دور تحكيمي في الخلافات السياسية ويمكن له مخاطبة الحكومة والبرلمان في هذا الشأن، في حال رأى أن الوضع السياسي غير مستقر أو ثمة إمكانية لأزمة ما». ويضيف «كما أن له حق اقتراح قوانين جديدة في أي مجال، ويجب أن لا ننسى أن رئيس الجمهورية هو الشخص الوحيد المنتخب مباشرة من الشعب، بنسبة أكثر من 50 في المئة وهذا يمنحه شرعية كبيرة لا يتمتع بها أي شخص آخر في البلاد، وهذه الشرعية تعطيه هامشا واسعا للتدخل في جميع المجالات، كما أسلفنا». ويدعو النابلي ل»رد الاعتبار» لمؤسسة الرئاسة التونسية، مشيرا إلى أنها فقدت الكثير من مصداقيتها خلال عهدي بن علي ومنصف المرزوقي «نتيجة استغلالها لدعم مصالح حزبية وشخصية ضيقة والتدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى»، داعيا إلى إعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول العربية وخاصة سوريا. وكان الرئيس السابق للهيئة المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي الذي انضم مؤخرا لحملة النابلي الانتخابية، أكد مؤخرا أن «لوبيات» رجل الأعمال المعروف كمال لطيّف ستدعم النابلي في حملته الانتخابية. ويعلق النابلي على هذا الأمر بقوله « كمال لطيف اولا ليس «لوبي» (لا يمتلك لوبيات) ولا أشاطر الجندوبي ما قاله، كما أن لطيف ناشط سياسي أكثر من كونه لوبي اقتصادي، وهناك كثير من الناشطين السياسيين الذي يدعمون ترشيحي (بما فيهم لطيف)، أما فيما يخص الدعم المالي فليس هناك أي دعم من كمال لطيف، الدعم المالي لحملتي الانتخابية سيكون من عدد واسع من الممولين في من كل الأطياف وفي نطاق القانون». وينفي النابلي ما أشاعه البعض حول احتمال تخلي رئيس «نداء تونس» الباجي قائد السبسي عن الترشح للرئاسة مقابل تزكيته وحزبه للنابلي، مشيرا إلى أن هذا الأمر مجرد «إشاعات ليس له أساس من الصحة». كما يرفض مقترح «الرئيس التوافقي» الذي تقدمت به حركة النهضة مشيرا إلى أنه «يتنافى مع التماشي الديمقراطي في تونس»، لكنه يستدرك بقوله إنه كمرشح مستقل يستجيب نوعا ما لهذا الأمر، مشيرا إلى أنه يرحب بدعم جميع الأطراف السياسية، وإن كان الحكم في النهاية هو للشعب التونسي» (القدس العربي)