نعود مجددا لملف بيع السجائر خاصة المحلية الصنع بعد ان تفاقمت ظاهرة خروج القطاع عن سيطرة مؤسسات الدولة أكثر مما كان .ولنفهم الوضع علينا ان نعود لفترة قبل 2011 حيث كان الفارق بين سعر السجائر عند "القمرق"وهو المحل المخول له قانونا بيع هذه السلعة وسعرها عند"الحماص" مائة مليم لا أكثر وعلى هذا الأساس كانت جميع الأطراف راضية بهذه الاتفاقية الضمنية أي الموزع والقمرق والحماص وكذلك المستهلك. الأمر الآخر أن الحماصة كانت أمامهم وسيلة واحدة للحصول على البضاعة التي سيبيعونها وهي القمرق . بالنسبة للقباضات التي يخول لها القانون لوحدها البيع بالجملة فإنها كانت تحصل فيها بعض التجاوزات اي خروج سلعة أكثر من اللازم لأطراف ما لكنها كانت كميات بنسب قليلة بالتالي لم يكن هذا يؤثر على توازن السوق ولا على الأسعار. منذ 2011 بدأ الوضع يتغير شيئا فشيئا ليصل بعد سنوات الى أزمة كبيرة يعيشها قطاع السجائر المتضرر الوحيد منها المواطن أي المستهلك. اليوم سنأخذ قطاع السجائر لأنه مجال حيوي و مورد هام لميزانية الدولة وأيضا لان مئات الآلاف من التونسيين مرتبطين به. لنأخذ فكرة واضحة حول هذا الأمر علينا أن نشير كون الاستهلاك في تونس للسجائر وهذا يتعلق بالمحلية يصل كمعدل الى 40 مليون علبة في الشهر الواحد هذا الكم الكبير من البضاعة المستهلكة يعكس رقم تعامل بالمليارات سنويا وبما ان نصيب خزينة الدولة هو نصيب الأسد حيث ان نسبة الاداء تصل الى 77بالمائة فان هناك طرافا وجدت طرقا لتحصل هي الأخرى على نصيبها من الارباح هذه الطريقة تتمثل في خطوتين الاولى احتكار السلعة وبالتالي السيطرة على مسالك التوزيع والثانية تخزين السلعة وتوزيعها في السوق قطرة قطرة ما يجعله دائما يشهد نقصا وهو ما يمكنهم من رفع الأسعار. الأسعار التي تباع بها علب السجاير اليوم لا علاقة لها مطلقا بالأسعار الرسمية التي أقرتها الدولة عبر وزارة المالية . هذا الامر نشهده بوضوح في اسعار مارس خفيف "ليجار" والذي وصل سعره الى ما فوق 4 دينارات في حين أنه من المفروض ان يباع ب2850مليما للعلبة الواحدة. اي ان الفارق وصل في العلبة الواحدة الى وصل الى 1600مليما. السؤال المهم هنا هو :الى جيب من يذهب هذا الفارق؟ هءا السؤالة طرحناه على بعض باعة السجائر ان كان اثحاب قمرق او حماصة. الجواب الاول نجده عند "الحماصة"حيث يؤكدون انهم لا يجدون حاجتهم من السلعة عند القمرق كما في السابق وحتى ان تمكنوا من توفير كمية تعتبر ضئيلة فإنها تباع لهم بسعر لا علاقة له بالثمن الرسمي فمثلا يترواح سعر المارس خفيف عند القمرق بين 3600 و3800 مليما بالتالي هو يكون مجبرا على ان يبيع بأكثر من هذا والربح هنا لا بمكن ان ينزل عن 300مليما للعلبة الواحدة. الجواب الثاني عند الحماصة ايضا حيث انهم قد لا يجدون صعوبة كبيرة في توفير السلعة لكن الاشكال في السعر الذي يفرض عليهم فيكونون مضطرين لرفع سعر البيع وفي النهاية فان المواطن يحتج عليه هو ويغضب عليه متصورا ان الحماص هو من يرفع سعر البيع في حين ان هذا غير صحيح لان تحديد السعر خارج عن نطاقه وفق قوله. بالتالي فان المطلوب البحث في مستوى آخر للوصول الى السبب الحقيقي وراء ما يحصل اي تضاعف سعر السجائر المحلية . بالنسبة لبعض اصحاب محلات "القمرق" فانهم يقصدون القباضات لكنهم لا يتحصلون الا على كمية قليلة من السلعة المحلية فالمارس خفيف مثلا صعب الحصول عليه وان تمكنوا من ذلك فانهم يعطون ربع ما كانوا يحصلون عليه سابقا . لكن في مقابل ذلك فان هناك من يقدمون بسيارات مجهولة فيحصلون على نصيب الاسد من السلعة ويخرجون وهؤلاء هم سبب الداء ومن يسهل لهم ذلك.