لئن علق البعض على الحوار الذي اجراه سي الباجي في قناة الحوار بان سي االباجي لم يكن واضحا ولا صريحا مع التونسيين وانه قد ادخلهم من الباب واخرجهم من الخوخة دون بيان ولا تبيين الا انني ارى عكس ذلك تماما بل اراه كان واضحا في كلامه وفي مواقفه التي تدل على ذكائه وفطنته وواسع خبرته السياسية وقوة نباهته التي حصدها طوال ما عاشه من السنين فالرجل تكلم في الوقت المناسب بعد ان فهم كل المعطيات السياسية الحالية في الحاصل وفي الغالب فقد بين للتونسيين موقفه من ابنه حافظ وعلاقته بالنداء وهو الموقف الذي تساءل عنه طويلا جميع السياسيين فسي الباجي قال انه لا يتدخل في نشاط ابنه في صلب حزب النداء وليس مستعدا ان ينصحه بشيء من الأشياء وليس من الصعب على المتابعين ان يعرفوا ان موقف سي الباجي من ابنه كان نابعا من يقينه من ان ابنه لم يعد له مركز ذو بال وذو شان في النداء بعد ان انسلخ وانفض عنه كثير من الاتباع ومن الأصدقاء الذين كان يعدهم ويدخرهم لمساندته ضد من ناصبوه الخلاف ومن جاهروه بالعداء كما ان سي االباجي قد تاكد بلا شك ولا جدال ان كفة يوسف الشاهد السياسية قد رجحت على كفة اعدائه الذين خططوا لتنحيته ومسحه من الخارطة السياسية التونسية ولذلك قال سي الباجي في سي الشاهد كلاما جميلا طويلا يدل دلالة واضحة انه لا يمانع في بقاءه على راس الحكومة ومواصلة قيادتها وهذا ما لم يكن يتوقعه ولا يتمناه اعداء الشاهد الذين بدا يثبت لهم يوما بعد يوم ان الرجل قوي وصلب ومعاند وليس كما ظنوه واعتبروه حريبشة للبلعان بتسرع لا يليق بالسياسيين الذين يدعون احاطتهم بهذا المجال وتبحرهم في هذا الميدان كما رد و اكد سي الباجي للذين قد يلومنه على هذه المواقف المفاجئة وعلى هذا الكلام بان علم بل فن السياسة ليس فيه مواقف ثابتة ولا راسخة على الدوام بل هو عالم متقلب تحكمه المصالح وعلى السياسي المحنك ان يتقلب معها ولو ادى به الأمر الى معاداة الصديق الصالح ومصادقة الخبيث الطالح كما اعترف سي الباجي للتونسيين بان علاقته بالنهضة قد انقطعت في هذا الحين ولا شك ان غرضه من ذلك ارضاء من عاتبه من الندائيين الذين تفرقوا في بقية الأحزاب غاضبين منه وكانوا على سياسته وعلاقاته وارائه من المحتجين كما بين سي الباجي انه لا مانع لديه من دخول الانتخابات القادمة ما دام قادرا على نفع وافادة التونسيين الذين اعتبرهم جميعا ابناءه مهما كانوا مختلفين ومهما كانوا متنافسين وخلاصة القول وقصارى وزبدة الكلام ان سي الباجي قد فكر في انقاذ نفسه ومنصبه بفكره الثاقب وبلسانه الفصيح وهو يرى حزب النداء الذي كونه بيديه يسقط امامه ويطيح وفكر مليا فراى ان الحل الوحيد الذي لديه يكمن في انقاذ ما يمكن انقاذه عملا بذلك المثل(خسارة بعض المكاسب افضل بلاشك من خسارة الكل) ولا شك ان هذا الحل حل حكيم وعلى خصومه ومنتقديه والحكم من السياسيين ان يتعلموا منه فن السياسة ان اردوا مجابهته وان يكونوا عليه من الفائزين ولكنني اراهم في هذا الوقت ضعفاء قاصرين لا يملكون ما يملكه سي الباجي من الفطنة ومن الذكاء اذ يبدو انه قد تعلم هذا الفن من استاذه وشيخه بورقيبة وكان من انجب من انجبهم بورقيبة من النجباء وما الحكم اولا واخيرا الا لله يعز من يشاء ويذل من يشاء مهما خطط البشر ومهما نصبوا لبعضهم بعضا الفخاخ في قيلولة النهار وفي الليلة الحالكة الظلماء