لا حديث ولا كلام في اخر هذه الايام الا عن الاضراب العام الذي دعا اليه اتحاد الشغالين قطاع الموظفين وذلك كرد فعل سريع على رفض الحكومة الزيادة في اجورهم الرفض القاطع المبين والذين اعتبرهم سي الطبوبي فقراء وتعساء ومساكين ولئن كان سي الطبوبي حرا في ما يقول وفي ما يقرر فاننا ايضا مثله احرار في ما نفكر وفي ما نقول وفي ما نسال وفي ما نكتب وفي ما نحرر واول ما نسال عنه وما نقوله لسي الطبوبي هل انت واثق حقا تمام الوثوق وهل انت متاكد حقا تمام التاكيد ان دعوتك الموظفين الى الاضراب العام ستجد عندهم او عند اغلبهم الرضا والقبول والتاييد؟ الم يقل المعارضون للحكومة الحالية ومن بينهم النقابيون ان هذه الحكومة تحت سيطرة النهضة كليا وبالطول والعرض وبالعرض وبالطول؟ فهل ترى ان هؤلاء الموظفين والكوادرالنهضويين وغيرهم من المساندين لسياسة رئيس الحكومة يوسف الشاهد من التونسيين سينفذون لك هذا الاضراب ام سيرونه اضرابا سياسيا اكثر منه مطلبيا مجانبا للحكمة ومخالفا للصواب وقد عرفوا صراعك مع الشاهد منذ مدة ومنذ زمان؟ ثم ان احد اعضاء نقابتك المقربين صرح فقال مرحبا بالسجون اذا كانت في سبيل تحقيق مصلحة وحقوق التونسيين ونحن نساله فنقول وهل تتصور ان رئيس الحكومة الحالي سيعتمد سياسة بورقيبة الترهيبية السجنية وبعده ابن علي في صراعه مع النقابيين وهو يعلم جيدا ان هذه السياسة قد ولت وانقضت واكل عليها الدهر وشرب واصبحت من ارشيف وتاريخ و فواجع وكوارث وماسي الساسة التونسيين؟ انني ارى ان من يتحدث بهذا الاسلوب من النقابيين ليس له الا غاية واحدة ثابتة حقيقية وهي التاثير على مشاعر التونسيين وكسب عطفهم ومساندتهم دون حجج براهين ملموسة واقعية ثم انني اقول واسال سي الطبوبي ونقابته التي قررت ودعت وحرصت على اتمام وانجاح هذا الاضراب ضد رئيس الحكومة يوسف الشاهد وكيف تثقون وتتيقنون من تلبية رغبتكم وتنفيذ قراركم لدى هؤلاء الموظفين وقد اثبتت الاستطلاعات الميدانية اليرة ونتائج سبر الآراء لدى المتابعين لمدى رضا التونسيين عن شخصية يوسف الشاهد انه احسن وافضل شخصية سياسية لدى التونسيين وانه لو تقدم للانتخابات الرئاسية لكان من الفائزين الاولين افلا يعني هذا ان تنفيذ ونجاح هذا الاضراب اصبح محل شك على الاقل لدى فئة معتبرة وليست بالقليلة من الموظفين قد تبلغ نصفهم او اكثر من ذلك بكثير او قليل؟ وختاما ومهما يكن من امر ومهما يكن من حال فاني اردت ان اشهد شهادة حق قبل تنفيذ هذا الاضراب الذي ماكان يتمناه التونسيون الصادقون من الباب الى المحراب فالاضراب بلا شك ومهما كان عدد المضربين لن يضر بطبيعة الحال الا عامة التونسيين الذين ذهبوا ضحية كما يقال لهذا الصراع المبين بين اختيارات وتوجهات سياسية متباعدة تباعد الشرق والغرب وكل منها يدعي انه على حق وانه ادرى بمصالح الشعب والشعب المسكين حائرتائه عاجز بينها كالمشلول لا يدري ما يفعل ولا يدري من يصدق ولا يدري ماذا يقول اما عن كاتب هذه السطور فيكفيه في اثبات حبه لهذا الشعب انه ساهم بهذا السطور في بيان رايه وموقفه الصادق دون طمع او خوف من هذا الطرف او ذاك وانما غايته الأولى السعي الى جمع شمل التونسيين وتلافي قدر المستطاع وقوعهم في الخلاف الخطير المبين الذي قد لا تشفع فيه حسن النوايا اذا لم يكن وراءها عقل راجح مميز حكيم متين وما اقل العقول الراجحة في هذه الأيام التي تراكمت فيها كتل الظلام وانواع الألام والتي نسي فيها الكثير من السياسيين ذلك القول الذي قاله ونبه اليه حكماء الناس (ان الماء كثيرا ما يكذب الغطاس) ونحن سنميز غدا بلا شك ولا تكذيب بين الكاذب والصادق من الغطاسين وبين من هو متهور ومن هو لبيب ورحم الله ذلك الشاعر العربي القديم الذي قال بلغة الشعر والحكمة والفن والتطريب (و ان غدا لناظره لقريب )