برحيل الأستاذ مصطفى الفيلالي رحمه الله الى دار البقاء فقدت تونس احد رجالاتها الذي تجسمت فيه ولديه خصوصية الشعب التونسي في مختلف تجلياتها ومظاهرها فهو المنحدرمن جلاص في الوسط التونسي المتاخم لعاصمة الاسلام الاولى(القيروان) وهو احد تلاميذ الصادقية عنوان الأصالة والمعاصرة وهو المناضل الدستوري من الرعيل الاول وهواحد بناة الدولة العصرية حيث تقلد الوزارة في اول حكومة تونسية كونها الزعيم والرئيس الاول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة وهو رئيس مكتب تنسيق المغرب العربي وهو المثقف العروبي الذي عمل بكل ما في وسعه لتقريب الشقة بين التوجهين العربي والاسلامي من خلال بحوثه ودراساته ومشاركاته في الندوات التي عقدت قبل سنوات في بيروت وعمان وتونس وغيرها وهذه الابعاد الثلاثة الوطنية التونسية والقومية العربية والاسلامية الروحية حرص الاستاذ مصطفى الفيلالي رحمه الله على ان يكون لسان حالها والمترجم عنها بحماس بلسانه وقلمه وبمواقفه وفي كل المواقع والمسؤوليات التي تحملها في الحزب (مديرا للحزب الاشتراكي الدستوري بعد مؤتمر 1971) فقد ظل متمسكا بالنضال من داخل صفوفه مهما كلفه ذلك وكان عضوا باللجنة المركزية للتجمع الدستوري وقد تزاملنا في هذه العضوية وهي المرحلة التي عرفته فيها من قرب فقد كنا نحضر اجتماعات لجنة التنسيق ببن عروس بصفته وبصفتي(عضوي اللجنة المركزية) فهو يقطن راد س وانا اقطن مقرين وقد وقع الاختيار عليه وعلي لتناول الكلمة في مؤتمر الانقاذ(جويلية1988) وقد حضر الرئيس السابق الرئيس زين العابدين بن علي جانبا من اشغاله وكان تدخله وتدخلي متميزين ملفتين للانتباه ولم ننسق في مضمونيهما ولكنه توارد الخواطر والمصداقية والتشبع بالروح الوطنية والمبادئ الدستورية بخصوصياتهما العربية الاسلامية وهي بالنسبة للاستاذ مصطفى الفيلالي رحمه الله ثمرة تجربة طويلة وهي بالنسبة الي امتداد لنضال الشيخ الوالد الحبيب المستاوي رحمه الله الذي تلقيت عنه ليس العلوم الشرعية والادبية فقط بل ايضا التعلق الشديد بتونس والتمسك بخصوصايتها والنضال في صلب حزبها العتيد الذي وان تغيرت تسمياته من الحزب الحر الدستوري الى الحزب الاشتراكي الدستوري الى التجمع الدستوري فقد ظل المعبر الاوفى عن امال وتطلعات التونسيين والتونسيات رغم ما اعترى مسيرته مما لا يتسع المجال لتفصيل القول فيه كانت للاستاذ مصطفى الفيلالي رحمه الله انشطة متعددة منها تراسه للمجلس البلدي لمدينة رادس وكنت مستشارا في المجلس البلدي بمقرين المجاورة لرادس والى الاستاذ مصطفى الفيلالي ومن قبله السيد عبد الله فرحات رحمه الله يرجع الفضل في ان بقيت رادس خالية من الخمارات ومحلات بيع الخمور فضلا عن العناية بالمعالم الدينية (وعندما كان السيد مصطفى الفيلالي رحمه الله رئيسا لبلدية رادس اتخذ قرارا بتوحيد الاذان في مدينة رادس وهو قرار حكيم باركه الجميع وما ذلك الا لانه صادر عن شخص السيد مصطفى الفيلالي الذي لا يشك احد في في صدق تدينه وبعد نظره) وكنا في مقرين تقريبا في نفس المنهج والتوجه في الفترة التي كان فيها الشيخ الوالد الحبيب المستاوي رحمه الله رئيسا لشعبة مقرين واماما خطيبا لجامعها الكبير و بمعية رئيس البلدية السيد الاسعد بن عصمان رحمه الله اغلق ماكان في مقرين من خمارات ونقاط بيع خمر وانشئت عديد المساجد والكتاتيب العصرية وارتفع من ماذنة الجامع الكبير الاذان رغم معارضة احد الواصلين انذاك والذي استنجد بأعلى هرم السلطة لمنع الاذان ولكن الاذان بقي يصدع والشاكي رحل من مقرين (وقد كانت هذه الحادثة الغريبة موضوعا لحديث صباح للشيخ الوالد بثته الاذاعة الوطنية احتفظ بنصه.... ) واستمر هذا التنافس في الخير خدمة للمتساكنين في المدينتين المتجاورتين رادسومقرين بعد ذلك على ايدي من تحملوا المسؤولية البلدية والحزبية رحم الله المناضل الوطني الدستوري والمفكر العربي الاسلامي الاستاذ مصطفى الفيلالي رحمة واسعة واسكنه فراديس جنانه وانا لله وانا اليه راجعون