مرة أخرى أذهلني ذاك الرجل القابع أمام العواصف.. يبحر في يمّ بإمكانه إغراق سفن عتيدة وعنيدة.. إنه يتكلّم برصانة ومنطق رجل دولة... مقنع إلى حدّ النخاع.. لا يرتجف.. له ما له... يحمل عبءه ووزره... لكنّه لا ينحطّ إلى سفالة بعض الخصوم المتسلقة تارة جدار السياسة وطورا جدار الإرهاب حتى وإن كانت التعلة المكذوبة رفع راية تونس... ما أتعس هذه الطريقة التي بها نحاول إن حاولنا رفع راية تونس... صمد ذاك الرجل. من أشهر قليلة كنت لاقيته واختلفت معه في شأن اللغة التي يتمّ بها تنشئة أبنائنا.. لكنّه لم يخرج عن موقعه المتأدب والدمث... لم نصطدم.. فقط اختلفنا. هو رجل دولة بحق. يملك ملفاته، يحذق فنّ الإقناع بحق... وفهمت من وراء ذلك، حقا، كيف عصفت الثورات العربية بكثير من البلدان العربية ودمّرتها، وبقيت تونس صامدة. رجالها في إدارتها من هذه الطينة الاستثنائية الذين يحبون البلاد كما لا يحبّ البلاد أحد. البارحة، وعلى القناة الوطنية، في حور الرأي والرأي الآخر، ازداد اقتناعي بالرجل هذا.. وازددت يقينا بأن لنا جنود يحاربون ضدّ الإرهاب... كل أشكال الإرهاب بجميع أنواعه... وتمنيت لو كان لنا الكثير الكثير من حاتم بن سالم ماسكا بزمام الأمور. نحن لا نملّ أبدا من الاستماع إلى حاتم بن سالم. إن إتقانه لعناصر القضية ،وحجته الراسخة، وهدوءه،والشعورالذي لايمكن إنكاره بدوره في الدولة وأهمية الدولة وروحه البناءة،كلها أصو لوخصائص لايمكن لأحدأن ينكرها.بعد أن سمعنا ما سمعنا. أمر آخر: اندهشت فعلا من رفض النقابة إقحام الأولياء في بناء الغد لأبنائهم... الوزارة راغبة والأولياء كذلك... أما النقابة فهي رافضة... غريب ممن يدعي أنّه يمثل الشعب. أو قل الطبقة الكادحة وفي المقابل اسفت جدا لمنجي الرحوي أمام الصحفي بوبكر بن عكاشة من القناة التاسعة.. كان متلعثما في أرقامه ومواقفه.. وكان بوبكر ماسكا بأرقامه وبملفاته أكثر من الأستاذ والنائب في مجلس نواب الشعب... وأنا الذي آمنت بأنّه رجل اليسار الذي لا يقهر... وفهمت أن السلطة الرابعة في طريق جيّد. وعاد إلى ذهني بورقيبة... وحشاد ... والهادي شاكر... وانتابني الكثير من الأمل بهذه البلاد. وأن تونس سوف تحيا من جديد.