في ظل صراع وجودي بين أحزاب و مكونات سياسية، ترفض فيما بينها أي شكل من أشكال التعاون أو التوافق وإن أدى الأمر لسقوط السقف على الجميع ، فلن يخرج الوطن من مأزق التجاذبات السياسة الحادة و المؤذنة بخراب العمران . سبق و كتبت و حذرت و نبهت لضرورة تطبيع الحياة السياسية التونسية بحيث ننتقل من الاقصاء و نزعات الاستئصال الى منافسة محبذة و مثرية على البرامج و الأفكار و المقترحات . أن تطبيع الحياة السياسية التونسية يمر حتما عبر تحييد الدين و العرق و الطائفة عن أي شكل من أشكال التوظيف السياسي ، في ظل دولة ملتزمة بالاسلام بما فيه من أحكام و تعاليم و زكاة . المسؤولية تقع أساسا على حركات الاسلام السياسي حتى يلتزموا بما ينص عليه قانون الأحزاب و أخص بالذكر حركة النهضة التي مارست الحكم و تعلم جيدا حدود السياسة و الدين و لكنها للأسف الشديد ، لا تزال تعاند و تكابر و تخطئ في حق نفسها و الوطن و الدين . انتخابات تلو الانتخابات ، لن تفرز سوى مزيدا من الحدية و الانقسام ، و لن تكون هناك أي فائدة من مزيد الهروب الى الأمام . ليس واقع تونس فقط بل تجارب عديد البلدان تؤكد بما لايدع مجالا للشك خطورة الانقسام المجتمعي على أساس العرق أو الطائفة أو الأديان . فهل يعتبر أولي الألباب !