أمرٌ طالما انتظرته منذ 2014 فلم يأت مع الحبيب الصيد ثمّ لم يأت مع يوسف الشاهد وها أنّه يأت اليوم فقد طلب أحد أعضاء المكتب التنفيذي للإتّحاد العام التونسي للشغل في نطاق النفاذ للمعلومة معرفة أين ذهبتْ القروض والهبات التي تحصّلتْ عليها تونس منذ 2011، هو أمر بسيط في ظاهره لكن سوف تكون له تبعات هامة خاصة وأنّ الإتّحاد له فيالق من الخبراء والمدقّقين القادرين على دراسة كلّ الوثائق والوقوف على مواطن الخلل وهي كثيرة و خطيرة، وهذا يقوم به الإتّحاد نيابة عن رئيس الوزراء المكلّف وهي خدمة يقدّمها الإتّحاد له حتّى إن تقلّد زمام الأمور يعرف ما له وما عليه أي لا يدخل على "قطوس في شكارة" ثمّ يُرجع كلّ خلل في التنميّة إلى من سبقه دون أن تكون له حجّة على ذلك أو يلبسونه كلّ الأخطاء التي لا ناقة له فيها ولا جمل. فعلا ما أعلن عنه الإتّحاد هو الحكمة بعينها وهذا ما نطالب به الإتّحاد ونسانده فيه حتّى نعرف من استثرى باسم الثورة ومن وزعتْ عليهم الأموال باسم التعويض؟ و من تصرّف في أموال الدولة تصرّف المالك في ملكه؟ هي وقفة تأمّل ضروريّة وإن هي أتت متأخّرة لأنّنا سمعنا بالإفلاس وسوء التصرّف في القروض بآلاف المليارات ولا نعرف أين ذهبتْ وفيما صرفتْ ومن صرفها وبأي طريقة صرفتْ هل طبّقتْ القوانين عند صرفها أم تعامل معها الحكّام كرزق «البليك» والمطلوب اليوم من نواب الشعب ومن كلّ الأحزاب المدنيّة التي تتغنى بنظافة اليد والمنظمّات الوطنيّة والمجتمع المدني وكلّ الوطنيّن الغيورين على هذا الوطن هو مساندة الاتّحاد في هذا المطلب دعُونا من درء الرماد على العيون كأن نقول هذا فاسد لا أحكم معه و هذا اتّهم في قضيّة كذا فهو مجرم دون مقاضاته أي لا بدّ من إيقاف التشهير ومعرفة من هو الفاسد الذي أساء التصرّف في المال العام ولنا الآن على ذلك بعض الحجج لكن لا تكفي لإدانة زيد أو عمر لكن بالنفاذ للمعلومة سينشر الغسيل ونُقدم على خمس سنوات من الحكم ونحن نعرف الطيّب من الخبيث وتكون اللعبة السياسيّة القادمة بأوراق مكشوفة. فشكرا للاتّحاد والدعوة لكلّ الشرفاء لمساندته وما ضاع حقّ وراءه طالب فما بالك إذا كان هذا الطالب هو الشعب صاحب السلطة الحقيقيّة ألم أقل للحكّام لا تفرحوا إنّ الله لا يحبّ الفرحين كما أقول لمن ظنّ أنّ هذا من الماضي وأنّ القافلة تسير وإيقافها للتأمّل قد يضرّ بسير الشأن العام أنّ هذه الحجّة سوف لن تنطلي مستقبلا لأنّ صوت الشعب سيرتفع ليفضح العابثين.. و«يا وحلة المنجل في القلّة» أمّا الحبيب الجملي فأقول له أنت محظوظ فلا تتخلّى عن هذا المطلب الشعبي حتّى تعرف عند مغادرة السلطة ما لك وما عليك لأنّ الأمور غارقة وليس من الحكمة أن تتحمّل مسؤوليّة ما نحن فيه وحدك وإن هذا النفاذ للمعلومة لم يتسنّى لمن سبقك لأسباب نعرفها منها التوافق الذي حكمت به البلاد "خبّي ونخبّي" فإنّ الأمور اليوم في يدك وعليك أن تختار برَويّة بين الارتماء في البحر وأنت مكتوف الأيدي ويقال لك لا تغرق ولا مفرّ لك من الغرق أو أن تنتهج ما بدأ فيه الإتّحاد وتعرف الواقع بالتدقيق كما هو واعْمل بما نهانا الله عنه في سورة البقرة الأية 195 حيث يقول ":وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم في التهلكة وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين "واعلم يا سي الحبيب –والنصيحة من الدين- أنّ قبولك المسؤليّة دون تدقيق هو من باب الإلقاء نفسك في التهلكة. إنّ الشعب يمهل ولا يهمل لأنّه ببساطة وبدون تعقيد إن تدخل على رئاسة الحكومة دون التدقيق الذي يطالب به الإتّحاد سوف تندم حيث لا ينفعك الندم، وإنّ الذين يشجّعونك اليوم سيكونون من أشرس محاسبيك ليمسحوا أيديهم من كلّ فساد اقترفوه قبلك والعاقل من اتّعظ بغيره ألم تسمع ما قيل في الحبيب الصيد الرجل النظيف؟ وما بدأ يتسرّب عن حكم الشاهد ؟ التدقيق ..التدقيق...ولا شيء غير التدقيق يحدّد مسؤوليتك و يحمي تصرّفك ويصون كرامتك أمام الأجيال المقبلة التي هي اليوم مكبّلة بالديون ولا تعرف من التسبّب في ذلك فلا تحمّل نفسك ما لا طاقة لك على تحمّله وأنت على ما يبدو رجل طيّب و لك رغبة في النجاح لأنّ في ذلك نجاح وطننا ولهذا ننصحك و لا نُغَرِّرْ بك ولا نطلب منك إلّا أن تستمع لكلمة الحقّ ولا يغرّرنّك الكرسي فتندم حيث لا ينفع الندم وقديما قيل "النَدَمْ بعد القَضَى بِدْعَةْ".