قبل الثورة المباركة كانت اجراءات تقديم ملف للحصول على رخصة أو تأشيرة تأسيس حزب تعتبّر تهمة في حدّ ذاتها والويل كل الويل لمن يفكّر مجرّد التفكير في ذلك اليوم تغيّر الوضع وعاد الوضع الى طبيعته فالطبيعي انه من حق أي جماعة انشاء حزب والمشاركة في الحياة السياسية وهوما صنع «زحفا» نحو وزارة الداخلية لتقديم ملفات تأسيس الأحزاب وهذا أمر محمود يؤكد أن الوضع بخير وأن ثورتنا تحقق أهدافها ونتائجها، العدد فاق اليوم ال 50 حزبا بمختلف الانتماءات والاتجاهات السياسية لكن السؤال هنا: هل نحن في تونس في حاجة الى مثل هذا العدد من الأحزاب او ضفعه وكل الترجيحات تذهب الى وصول العدد الى مائة حزب!!. من وجهة نظري لا أرى أن الأمر مخيف أو مقلق فلو نظرنا الى تجارب بلدان أخرى عرفت تحولا جذريا لوجدنا أنها تشكل أضعاف هذا العدد في اسبانيا أو حتى في الجزائر لكن في النهاية فإن النتيجة تكون عددا قليلا من الأحزاب هي التي تبقى بينما تذوب الأخرى اما بالتكتل او الاندثار أو التماهي في أحزاب أخرى. والناظر في الخارطة العامة للأحزاب في تونس يجد أنها اخذت ثلاث اتجاهات رئيسية اما قومية عربية اسلامية أو اشتراكية أو ليبرالية وكلها تجتمع في نقطةمحورية جامعة وهي التأكيد على خيار الحرية والديمقراطية لكن هذا الجامع يخفي في طياته الكثير من التناقضات أوّلها الاختلاف بين التنظير أي البرنامج المعلن قبل الانتخابات والبرنامج الذي سيطبّق بعد الانتخابات فالى اليوم يصعب جدا التكهن ولو تقريبيا بخارطة المجلس التأسيسي ومن سيدخله وهل هناك طرف سيكتسح الانتخابات. البعض يتحدث عن شعبية لحزب النهضة والبعض الآخر يتحدث عن مفاجأة قد تحصل باعتبار مخاوف الكثير من الشباب المثقف والأكاديمي من أجندات دينية. اراء أخرى تميل الكفة نحو الأحزاب القومية لكن من هنا يوجد اشكال وهو كثرة هذه الأحزاب والاختلافات الكبيرة بينها وهو ما قد يؤدي لصعود أسماء وطنية معروفة قد تترشح فيه قوائم مستقلّة على غرار عبد الفتاح مورو وان لم يحدد موقفه بعد فهناك كثيرون يرون فيه الإسلامي المتفتح المعاصر الوسطي والمعتدل لذلك يذهب البعض الى اعتبار أن ترشيح مورو لنفسه ضمن قائمة مستقلّة او في اطار حزب (الأيام ستثبت أو تنفي ذلك) سيؤثر بشكل كبير على النهضة باعتبار ان عبد الفتاح مورو يمتلك قاعدة شعبية لا يمكن الاستهانة بها. هنا قد نطرح جملة من الأسئلة: هل يمكن أن تحدث تحالفات آخر الطريق قبل 24 جويلية بين أحزاب وشخصيات لإنشاء قوائم قوية ومقنعة ام ان الخلافات ستتصاعد ونرى عكس هذا أي انشقاقات وتحول هذا الطرف الى ذلك الحزب والعكس. هذا بخصوص انتخابات المجلس التشريعي لكن لوتم الاتفاق على اعتماد النظام الرئاسي ولو بتقليص الصلاحيات هل هناك شخصية قادرة على فرض ذاتها أم ستضطر الى جولة ثانية وحتى ثالثة.