حدّثني بعض أصحابنا الذين مازالت لا أطمئنّ إلى صدقهم ولله الحمد، نعم أحمد الله، لأنني ما زلت أقع في حبائل الكذّابين-عافاكم الله- كذّابا بعد كذّاب حتى صرت أتوهّم أن الصّدق معناه القدرة الفائقة على تزييف الباطل وترويضه حتّى يلبس ثوب الحقيقة ويظهر بمظهر الحقّ. والكيّس الفطن من إذا استوثق من ذلك آثر حديث المتّهم المطعون على حديث الموثوق المشهود له بالصّدق، لأن هذا(الصّادق) ملبّس محترف لا سبيل الى الفكاك من أحابيله وذاك مأمون الجانب مكشوف العورة والحيل معروض الحديث على المناخل والغرابيل.. والمهم أن صاحبي قال لي: إن أهل ناحية من نواحي بلادنا العزيزة إذا حدّثت أحدهم أعاد على سمعك كلّ ما تذكره من أفعال خلال حديثك، وليكن مثلا أنك قلت لأحدهم: غدا -ان شاءالله- سأذهب الى السّوق، فيردّ عليك: تذهب، فإذا قلت: وأشتري أربعين خروفا، أجابك: تشتري، فإذا قلت: وأربّيها، ردّد معك: تربّيها، فإذا قلت: وأبيعها بأضعاف ثمنها، قال: تبيعها.. وإذا قلت: وأكسب المال الوفير، قال: تكسب.....ههههه... قال صاحبي: ومن عجيب ما رأيت من عادتهم هذه أنهم لا يفعلون ذلك إلاّ مع الغريب أمّا فيما بينهم فلا يفعلون ذلك مطلقا لأنهم يفهمون ما وراءها... وعلى أيّة حال فقد نقلت حديث صاحبي كما هو، و زِنوه أنتم بموازينكم فإن أعجبكم فلنا أجرالرواية وإن لم تصدّقوه فألقوا هذا الحديث وراء ظهوركم ولا حرج عليكم.. ولكن كم من مرّة تمنّيتم لو أعدتم الأفعال الواردة في حديث محدثيكم بصوت عال كما يفعل أهل هذه الناحية.. وخصوصا في هذا الزّمن الأغبر.؟؟؟.. أمّا أنا.. فتقريبا كلّ يوم..